إبراهيم عثمان يكتب : فارغ البرهان .. ملآن الشركاء !

السودان

الخرطوم:الرآية نيوز

فارغ البرهان .. ملآن الشركاء !

طلب البرهان، في لقائه مع الجالية السودانية بدولة قطر، من الشعب (النظر إلى الجزء الملآن من الكأس) في اتفاقه مع الحلو، و(عدم التركيز على الجزء الفارغ) ! .. وكرر ذات الطلب في لقائه مع قناة “الحدث”، وقد أتى ذلك في سياق دفاعه عن توقيعه على فصل الدين عن الدولة، الأمر الذي يعني أنه يقصد بالجزء الملآن “تنازل” الحركة الشعبية عن مطالبتها بتقرير المصير، وبالجزء الفارغ فصل الدين عن الدولة ( العلمانية ) ! لكنه لم يقل ذلك بشكل واضح وبكلمات مباشرة، إذ كان أقل شجاعةً من أن يضع الأمور بهذا الشكل الذي يعلم أنه لن يجد القبول من الأغلبية .

المفارقة الصارخة أن حركة الحلو، بمطالبتها بتقرير المصير للجزء الذي تدعي تمثيله من السودان، إنما تقدِّم الإثبات الأكثر وضوحاً للاقومية الحركة، وهذا ما لسنا بصدد التوسع في الخوض فيه الآن .لكن المفارقة الأخرى أن ما اعتبره البرهان الجزء الفارغ من الكأس هو نفسه ما أعتبرته أحزاب قحت الجزء الملآن الذي تخلت بسببه عن أحاديثها السابقة عن تغوُّل المكون العسكري على صلاحيات المدنيين، وعن صلاحيات حكومة الانتقال التي لا تخول لها حسم بعض الملفات كما حدث في التطبيع مع إسرائيل . هذا الجزء الفارغ عند الشعب باعتراف البرهان، الملآن عند أحزاب قحت بإقرارها، هو ما جعل حزباً كحزب البعث يؤيد الاتفاق رغم أن الاتفاق أضاف إلى فصل الدين عن الدولة فصلاً جديداً أكثر جذريةً، وهو فصل الهوية الثقافية عن الدولة، وهو ما فسره د. محمد جلال هاشم بأنه يعني إلغاء اللغة العربية كلغة رسمية للدولة .

قناعة البرهان بأن العلمانية هي الجزء الفارغ من كأس اتفاقه مع الحلو نتجت من قناعته، التي لم يصرح بها، بأن الأغلبية الشعبية ترفض العلمانية . ربما أوقعه في هذا الاعتراف الضمني بهذه القناعة عدم خبرته السياسية وضعف محصوله اللغوي وقلة معرفته بدلالة الكلمات وبدائية مناوراته كحديث عهد بالسياسة وربما بالعلمانية أيضاً، هذه القناعات مقروءةً مع أن العلمانية ستكون هي المشروع الأساسي المعلن للنظام، أو “الثابت” الذي يمثل أهم “ممسكات الوحدة الوطنية” بتعبير البرهان ( وللمفارقة هو تعبير موروث من أدبيات الإنقاذ )، هذا التضاد بين التسليم بأن العلمانية هي الجزء الفارغ من كأس الاتفاق، وبين التشديد على العلمانية كمشروع يرى البرهان بأنه “يوحِّد الجميع” سيتم تحصينه وحراسته بمبادئ فوق دستورية تقطع الطريق على أي أغلبية منتخبة قد لا تؤمن بالعلمانية، هذا التضاد يكشف عن عمق مأزق النظام، وعن مدى غربة المشروع العلماني للنظام بشقيه العسكري والمدني عن الشعب، وعن حجم التلاعب بالرأي العام الذي سيحتاجه لكي يفرض مشروعه خاصةً وأن أداءه الاقتصادي وسياسات رفع الدعم القاسية التي لا تعبأ بمعاناة الشعب تخلق غربة أخرى .

إبراهيم عثمان

إبراهيم عثمانالبرهانمقالات
تعليقات (0)
أضف تعليق