إبراهيم عثمان يكتب : تنازلات علمانية ( ١ -٢)

السودان

الخرطوم:الرآية نيوز

تنازلات علمانية ( ١ -٢)

عندما يتعلق الأمر بتشجيع المخالفات الشرعية، فإن العلمانيين عادة يكونون على أتم الاستعداد للتخلي عن بعض أهم مطالبهم أو تقديم تنازلات جوهرية عنها إذا كانت المخالفة الشرعية لا تقع بدون هذا التخلي الكامل أو التنازل الجزئي .. هذا الملخص لما يقوله المسؤولون يقدِّم مصداقاً واضحاً لهذه الملاحظة :

س / لماذا لا تقبلون بالشريعة الإسلامية ؟
لأن السودان بلد متعدد الأديان .

س / ولماذا لا تقبلون بالحل المتمثل في استثناء غير المسلمين من تطبيق أحكام الشريعة ؟
ج / لأن البلد يجب أن تُحكَم بقانون واحد حتى لا تكون هناك تفرقة على أساس الدين .

س / إذن لماذا قننتم تعدد القوانين وفرقتم بين الناس على أساس الدين في حالة الخمور ؟
🔴 لأن السودان بلد متعدد الأديان .
________________

كانت أمامهم ثلاث خيارات :

– الإخلاص لمبدأ توحيد القانون عبر إباحة صناعة وتجارة وتعاطي الخمور للجميع .
– الإخلاص لمبدأ توحيد القانون عبر تجريمها للجميع .
– خيانة هذا المبدأ عبر الإباحة القانونية لغير المسلمين والتجريم للمسلمين .

من الواضح أنهم تنازلوا واختاروا الخيار الأخير للأسباب التالية :
– لأن مبدأ توحيد القوانين هو مجرد حيلة، فحتى لو لم تكن هناك أديان أخرى لما قبلوا بالشريعة، فهو مبدأ وظيفي الغرض الوحيد منه إلغاء الشريعة. لهذا يسهل عليهم التخلي عنه عند اللزوم .
– لأن إباحة الخمور أكثر جذباً وإغراءً لهم من الإلتزام بمبدئهم الوظيفي الخاص بتوحيد القانون، فإباحة الخمور لبعض المواطنين هي خطوة في إتجاه عدم الالتزام بالشريعة، ولهذا فهم لا يشعرون بأنها تتناقض مع مبدئهم الوظيفي .
– ولهذا فعَّلوا المبدأ ليأخذ أهمية قصوى تكفي لإلغاء شئ في حجم وأهمية الشريعة، لكنهم بالمقابل أضعفوه حتى إنه لم يصمد أمام عبار مريسة !
– الأصل عندهم هو إباحة الخمور للجميع، لكنهم لم يستطيعوا اختيار الخيار الأول الخاص بالإخلاص لمبدئهم عبر إباحتها للجميع لأنهم يعلمون بأن عشرات السنوات من الأسلمة لا يمكن إلغاءها دفعة واحدة، ومحاولة ذلك ستضعهم في مواجهة مباشرة مع المجتمع .
– لأنهم يمكن أن يتحايلوا على الرفض المجتمعي، ويضعفوا المادة القانونية المعنية بما يحقق قدراً من التفعيل لمبدئهم الوظيفي، وذلك عبر تخفيف العقوبات، وهذا حدث، وعبر التساهل مع كل المتعاطين وهذا يحدث .. وأملهم أنه مع التعود ومرور الوقت يمكن أن يحدث التوحيد “المثالي” للقانون .

إبراهيم عثمان

إبراهيم عثمانمقالات
تعليقات (0)
أضف تعليق