إبراهيم عثمان يكتب : رمتني بدائها وانسلت ( ١- ٢)

السودان

الخرطوم:الرآية نيوز

رمتني بدائها وانسلت ( ١- ٢)

عندما تستمد معظم اتهاماتك لخصومك من مشروعك؛ كأصل فيه وكإنحراف عن مشروعهم، فأنت بذلك تسلِّم تماماً بأن مشروعك هو أصل الشرور، وبأن خصومك يتلوثون كلما اقتربوا منه سهواً أو تقصيراً أو خيانةً مقصودةً لمشروعهم، فالإسلامي الخائن لمشروعه هو، بالتعريف، علماني تنقصه التسمية :

▪️ من الغرائب أن من يقوم خطابهم ضد خصومهم على تهمة رئيسية هي خيانة الإسلام باسمه وتحت عنوانه وفتح نفاجات بينه والمعاصي، من الغرائب، أنهم يقدمون بديلاً أكثر إيغالاً في هذه التهمة.. بديل لا يقع منه فتح النفاجات سهواً أو تقصيراً أو خيانةً كاستثناء على القاعدة وإنما استناداً إليها ! فالقاعدة هي التساهل العام في المعاصي الذي يجعل المثال الأقرب إلى ذهنهم إذا أرادوا التدليل على سماحة الإسلام هو الاعجاب بالسكران، خاصةً إذا أفرط في السكر “نجَّض شغلتو”، واعتبار سكرته هذه مبشِّرة أكثر كلما كانت منجَّضة أكثر، مع التغاضي عن الغقوبة الشرعية، والإيحاء بأن هذه قاعدة مطَّرِدة تشمل جميع المعاصي بحيث يكون الإنسان في أقرب نقطة من الدين الحق كلما أوغل بعيداً في المعاصي و”نجَّضها” !

▪️ ومن هنا يأتي السؤال : أيهما أولى بتهمة المتاجرة السيئة بالدين : الذين يأخذون الناس بالعزائم، ويعرِّضون أنفسهم للمساءلة والاتهام بمخالفة الأعمال للأقوال إذا ترخَّصوا أو خالفوا، أم الذين يخرجون على الناس بأوكازيون ديني، ويعرضون عليهم نسخةً من الإسلام تقوم على الرخص المزورة من داخله ومن خارجه، فيجتبذبون كل أصحاب المعاصي، ويتجنبون، بهذه الرخص وبغيرها، منذ البداية اختبار المساءلة عن مطابقة الأفعال للأقوال، فلا وجود لوعد من الأساس بالتزام المطابقة في ظل هذه السيولة والدغمسة التي تشكل أصل المشروع .

▪️ من يجهدون أنفسهم في البحث في كتب التاريخ عن الروايات التي تسعدهم بنقاط مظلمة في تاريخ المسلمين، ويتابعون بإعجاب ويتبنون وينشرون أعمال المستشرقين التي تحقق هذا الهدف، ويحسنون استقبال الكتب المخصصة لإثبات عدم نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ( بالمناسبة هل سمحت “حكومة الحريات” بنشر كتاب “نبوة محمد التاريخ والصناعة” الذي وجد احتفاءً واسعاً من العلمانيين أم لم تفعل بعد ؟) ، ويتهمون الشريعة في أصلها بعدم الصلاحية لعصرنا، وبظلم غير المسلمين ، من يفعلون كل هذا وأكثر، لا يجدون فيه ما يصدهم عن اتهام المدافعين عن اشريعة وتاريخ المسلمين بتشويه الإسلام!

▪️ هؤلاء الذين يوحون، كذباً ، بحرصهم على الإسلام من التشويه يستبشرون بمن تصل قناعتهم بأن الإسلام، في أصله، دين مشوه إلى حد الإلحاد استناداً إلى حجج علمانية خالصة، ويجمعون، في خبث مكشوف، بين اتهام من يدافعون عن الإسلام بأنهم السبب في إلحاد هؤلاء، وبين طائفة من المواقف التي تثبت العكس تتمثل في : الرفض العلني لزيادة أعداد الذين يقتنعون بخطاب المدافعين عن الإسلام وقدرته على إصلاح شأننا العام، والعمل الحثيث لتجفيف منابع الدعوة حتى لا تزداد أعدادهم مقابل لترحيب بالملحدين كأصلاء في الصف العلماني، وعدم الرد على حججهم العلمانية في تبرير إلحادهم، وتعديل القوانين لتحرس إلحادهم ولتزجر المسلمين إن ذكروه بسوء !

إبراهيم عثمان

إبراهيم عثمانالرآية نيوزرمتني بدائها وانسلت ( ١- ٢)مقالات
تعليقات (0)
أضف تعليق