إبراهيم عثمان يكتب : رفع العقوبات عن النظام لا الشعب!

السودان

الخرطوم:الرآية نيوز

رفع العقوبات عن النظام لا الشعب!

العقوبات المفروضة على السودان لم تكن “ذكية” بحيث ثؤذي النظام السابق فقط ولا تؤثر على الشعب، ودعم قيادات قحت للعقوبات بزعم عدم تأثيرها على الشعب يعادل قولهم إن نظام الإنقاذ قد اجتهد لتحويلها إلى عقوبات ذكية يتحملها وحده ويجنب الشعب آثارها ! إذ كيف لعقوبات قاسية تستنزف النظام اقتصادياً ألا تؤثر على الشعب بشدة إن لم يكن النظام الحاكم وقتها قد سعى في تقليل هذا التأثير ؟! هل هناك جهة أخرى، معاقبة أو معارضة أو غيرها، فعلت شيئاً يمنع أو يقلل تأثر الشعب بالعقوبات ؟ الإجابة القاطعة لا، فالمعارضة كانت تنادي بمزيد من العقوبات، ولم يكن يهمها أن يتأثر الشعب ما دام النظام سيتأثر معه .

هذا القول الضمني عن سعي الإنقاذ لتجنيب الشعب الآثار شديدة الوطأة للعقوبات، والذي لم تقله قحت صراحةً وإنما نتج من دعواها البائسة التي أرادت تجميل فعلها القبيح بها، هذا القول الضمني، يجد تأكيداً واضحاً له في استمرار النظام السابق في دعم السلع وبيعها للجمهور بأسعار رمزية لا يمكن مقارنتها بأسعار اليوم، وفي إجراءات أخرى كانت كلها تصب في صالح تقليل آثار العقوبات على الشعب.

وبالمقابل يمكن القول بكل ثقة إن النظام الحالي هو الذي قام بإلغاء المصدات الإنقاذية التي تخفف تأثير العقوبات على الشعب ، وهو الذي وضع الشعب مباشرة في مواجهة الآثار الشديدة للعقوبات، وقلّل تأثيرها على النظام، ذلك برفعه القاسي للدعم، وبالزيادات الكبيرة في الضرائب والرسوم والأسعار عامةً، وبإلغاء مجانية بعض الخدمات . فالشعب الذي تدعي قحت بأنها كانت تسعى إلى تحقيق مصلحته عند طلبها فرض العقوبات دفع ثمن انتهازيتها مرتين : مرة قبل أن تحكم بتقليل قدرة الإنقاذ على مزيد من الإنجازات لمصلحته وتقليل قدرتها على تجنيبه بعض الآثار . ومرة ثانية بعد الحكم بتدفيعه الجزء الأكبر من فاتورة العقوبات .

بعض قادة قحت الذين اعتبروا مساهمتهم الكبيرة في فرض العقوبات إنجازاً يفخرون به، عادوا واعتبروا إلغاءها إنجازاً آخر يُضاف إلى الأول بحيث لا يخصم أحدهما من الآخر ولا يغير نوع الحكم عليه ! إلغاء إنجاز بإنجاز مضاد هو محض سفسطة وعلف لن يشبع أحداً مهما قيل إنه كان وسيلةً لغاية خاصةً إذا كانت الغاية في منتهى الأنانية ولا تزيد عن الوصول إلى السلطة،، فلا الشعب في غالبه كان يصادق على نبل الغاية المتمثلة في تقليل قدرة النظام السابق على الإنجاز واستنزافه وإسقاطه واستلام قساة القلوب هؤلاء للسلطة بدلاً عنه، ولا النظام الحالي يصادق بصورة نهائية على نُبل هذه الوسيلة كسلاح شرعي في أيدي المعارضين للأنظمة، فأكبر تهمة يسعى الآن لإلصاقها بأنصار النظام السابق هي تهمة فرعية متناهية الصغر من هذه التهمة الكبرى، وتعتمد على محاكمة النوايا لا الأفعال، أي تهمة الشماتة في فشل الحكومة الذاتي الذي جعلها ترفع العقوبات عن كاهلها وتحولها إلى الشعب !

رفع العقوبات أمر جيد لا شك في ذلك، لكن الآثار السلبية الباقية للعقوبات على الإقتصاد، بل المتفاقمة بسبب فشل قحت، والتي قد تستمر طويلاً، إضافة إلى تدفيع الشعب الحزء الأكبر من فاتورتها الآن، وحدوث ذلك بعد رفع العقوبات بما يثبت أن فشل قحت أكبر من الآثار الإيجابية لرفعها، والثمن الغالي الذي دفعه النظام من لرفعها ( التطبيع، العلمانية، دفع التعويضات نيابة عن تنظيم القاعدة، التبعية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والفكرية والثقافية، بيع كل الثوابت بزعم إنها غير موجودة أصلاً .. إلخ) كل هذا يؤكد أن تمكُّن النظام الحاكم من رفع العقوبات لا يمكن اعتباره كفارة كافية لغسل عار جريمة المساهمة الفاعلة في فرضها، بل هو أحوج إلى كفارات جديدة عن هذه الجرائم الجديدة في حق الشعب .

إبراهيم عثمان

إبراهيم عثمانالرآية نيوزرفع العقوبات عن النظام لا الشعب!مقالات
تعليقات (0)
أضف تعليق