رصد:الرآية نيوز
الطريق الثالث – بكري المدني
حمدوك في الساعة (23)-مناورة ام مبادرة؟!
بعد ساعات من الإنتظار والترقب والآمال تمخض جبل مبادرة دولة رئيس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك فولد شبحا غير واضح الملامح والقسمات ولا محدد الشكل والأوصاف
قال الدكتور حمدوك كلاما كثيرا جيدا في عمومياته لكنه تعمد او قل تحاشى تحديد الحقائق في تفاصيله فهو يعين المشكلة و(يطش) عند تفصيل الحل !
فيم عمم طرح المشاكل فلقد قصر فى تفصيل حلها فأنظر مثلا الى عبارة عريضة مثل( مستقبل البلد محتاج إلى خلق كتلة تاريخية عريضة للانتقال يشارك فيها كل السودانيين)ثم العودة بتحديد من تشملهم هذه (الكتلة) فقط عند التفصيل لا غير !
ان المشكلة عرض ولكن الحل تحديد وصحيح ان الرئيس عند الحديث عن تكوين المجلس التشريعي أكد على عزل المؤتمر الوطنى فقط عند التكوين المزمع وفتح المجال أمام الجميع ولكن هذه النقطة من الحساسية بحيث انها كانت تحتاج الى صراحة أكبر وإلى شجاعة أكبر
ان حل المؤتمر الوطنى وحرمان عضويته من المشاركة في الفترة الانتقالية هو قرار وموقف الثورة ولكن الثورة لم تقل بعزل بقية القوى السياسية من غيره ولم تقل بتمكين قوى سياسية محددة في أجهزة الحكومة والدولة وحجزها المسبق لمقاعد المجلس التشريعي فيما بينها !
كان موقف الثورة وقرارها الأول ان تكون الفترة الإنتقالية للكفاءات الوطنية المستقلة وغير الحزبية ولم يكن موقفها قد دعا او نادي بتسليم البلاد والعباد إلى مجموعة حزبية محددة أضاعت الأهداف العليا للثورة فى تحقيق شعارات الحرية والسلام والعدالة وانصرفت إلى تنفيذ أجندتها الخاصة على حساب المصالح العليا للبلد
ان دولة رئيس الوزراء الذي يشير بحياء إلى ضرورة إعمال القانون وإصلاح مؤسسات العدالة يؤكد في ذات الوقت على ضرورة المضي في تصفية المؤسسات العامة من بعض كوادرها وإدارتها دون ربط ذلك بمسوغ قانوني ولا حصافة سياسية وهو الشيء الذي -فوق قتل القانون وتغيب العدالة فأنه قد أضر بالبلاد ايما ضرر
ان القانون واحد والسياسة عامة والحل المباشر لمن اجرم ان يؤخذ للمحكمة عاجلا غير آجل وما كان عضوءا صريحا في المؤتمر الوطنى (المحلول)يحرم من المشاركة في مجالس السلطة كلها أما (التبعيض)بين الناس والأحزاب فهذا هو (دفن الليل آب كراعا برة)!
ان حرمان عضوية المؤتمر الوطنى نفسها من المشاركة في سلطة الفترة الإنتقالية لا تعني حرمانهم كمواطنين من حقهم في الحرية والتعيير عن آرائهم ومواقفهم الفردية قولا وكتابة وتظاهرا ومن حقهم كقوة سياسية ان يعلموا متى تنتهي الفترة الإنتقالية للعودة للتنافس مع الآخرين ؟!
حديث رئيس الوزراء عن إصلاح القطاع العسكري والأمني في مجمله حديث صحيح وهذا القطاع بشكله الراهن مهددا للأمن القومي للبلد ولابد من إنفاذ الترتيبات الأمنية للقوات كافة ولكن هذا لا يمنع من ملاحظة ان هذه القوات على تعددها لا زالت في حالة انضباط وان الخلل الأكبر في القوى السياسية وليس العسكرية!
الملف الأهم على الإطلاق والذي لم تليه مبادرة الدكتور حمدوك في تقديري القول الكامل واللازم هو الأزمة الاقتصادية والمعيشية الضاربة والتى من شأنها ان تعصف بأي وفاق سياسي يأتي على بطء ولا يدرك حاجات الناس الملحة في المعاش والخدمات والمواصلات!