د.هيثم بابكر ..يكتب : … الي اخوة الخندق

السودان

الخرطوم : الرآية نيوز

د.هيثم بابكر ..يكتب …:
الي اخوة الخندق 
الكتابة اليكم في زمن الابتلاء صعبة والحديث اليكم جد عسير ، فما عاد الزمن ليسع وما عاد في العمر بقية ، فميزان الاعمال يزداد كل يوم ولا ندري أفي القبول هي أم في جانب العمل المردود ، ونسال الله التوفيق والسداد..

صدقكم وثباتكم وصبركم ومصابرتكم وثقتكم في الله هي زادكم الذي ترحلون به في فضاء التاريخ العريض الذي يُكتب لاجيال قادمة ، وصفحات السودان ما زالت تحتفظ في سجلات الشرف باسفار شبابكم المخطوطة بالدماء والعرق ، تذيلها معاني الفداء والتجرد ، وترددها أصوات التكبير التي رجع صداها بالغابات والجبال والصحاري والوديان حتي شقّ صمت الوجود صوتكم واهتزت اركان الارض من تحتكم بالدعاء والرجاء والنشيد .. كنتم دوما ناظرين الي الامام ، ومتطلعين الي علياء زُهّاداً فيما عند الناس ومتسابقين الي بوابات الخروج حينما يتنادي النّاس للمغانم ، فلا السلطة كانت لكم مطلبا ولا الجاه هو ما نشدتموه ولم ترددوا شعاراتكم الا يقيناً انها لله وفي الله وبالله ، كنتم خير أمة تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ، وما زلتم علي ذات اليقين .. فاعلموا ان عهد الصدق كالذهب تُجليه نار التمحيص ليزداد لمعانا ، ولن يصدأ أبدا….
مظلة الحركة الاسلامية التي جمعتكم ، ما تغيرت اعمدتها وإن تغير عُمّارها والعابرين وما تطاير سقفها وما تأثر ظلّها وان تغشتها رياح الصيف وما نالت منها السنين بخراب بل هي اصل ثابت وفرع في السماء تؤتي أُكلها كل حين بأذن ربها .. فان تساقط عن فروعها بعض الاوراق فانما هي ريح عابرة وستأتي بعدها باذن الله زخات المطر الذي فيه رباط القلوب وتثبيت الاقدام ، يحي به الله الزرع لتعود شجرتنا خضرة نضرة.. فانتم المتآخون في الله المتحابون فيه من تصنعون بتماسككم وترابطكم وتعاضدكم ظلها .. وبشراكم بميعاد لقاء طويل في الظل الظليل يوم لا ظل الا ظل الرحمن ..
إنّ صدقكم هو الذي جمعكم تحت شجرة البيعة لله فسبق فيكم من صدق وبقيتم انتم كما انتم لم تتزحزحوا ولم تبدلوا تبديلا ، فلا يضرنكم تخاذل من تخاذل او تراجع من تراجع او تنكر من تنكر .. وانتم من استبشر بكم اخوتكم الذين سبقوكم الا خوف عليكم ولا انتم تحزنون .. فلا تخافوا ولا تحزنوا .. وسددوا وقاربوا .. وأحسنوا الظنّ بالله ، فالله عند حُسن الظن به ، ( أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) .
انتم حُمّال الراية نلتم من معين الصبر والثقة بالله ثم الثقة بالنفس والاطمئنان لأمر الله ووعد الرسول صلي الله عليه وسلم بأنّ أمر المؤمنين هو كله خير .. وأنّ الخير لا يأتي بالشر ، فمهما اصابكم من نصب وتعب ورهق فانما هو في ميزان العمل الصالح ان سبقته النية وصدق اليقين .. فجددوا بيعتكم لله فالله اشتري ، وجاهدوا انفسكم فجهاد النفس اشد من وقع السنان وما اصعب لحظات الثبات في هذا الظرف الحرج من تاريخ السودان الذي أول اولوياته تبدأ بتقديم الدعوة الخالصة الصادقة لله ، ومجاهدة حظوظ النفس مع مُغالبة الباطل والدفاع عن الحق والوقوف الي جانب المظلوم والضرب علي يد الظالم .. فرحم الله إمرءٍ أراهم في نفسه قوة ، بثباته وصبره وتوكله ويقينه الثابت ان الارض سيرثها عباد الله الصالحون ..
وفقكم الله ..ثبتكم الله .. نصركم الله .. وحفظ الله السودان وأهله.

د.هيثم بابكر
تعليقات (0)
أضف تعليق