الخرطوم:الرآية نيوز
شائعات !
بعد تزايد السخط الشعبي على خلفية تفاقم الفشل وقرارات الدوس الاقتصادي للمواطنين، ومع وصول المعاناة إلى سقوف غير محتملة، لجأت الحكومة إلى التوسع في الاعتقالات وتوجيه تهمة ترويج الشائعات التي تشيع الإحباط وتهدد الاستقرار .. في الواقع أكبر منتج ومروج للشائعات هي الحكومة نفسها وذبابها الإلكتروني :-
▪️ هناك شائعة رئيسية تعمل الحكومة على ترويجها وترسيخها كحقيقة، وهي أن كل من ينتقدون أداء الحكومة ويتحدثون عن فشلها وعن المعاناة الشديدة هم من أنصار النظام السابق الممنوعين ( بالقانون) من كل أشكال التعبير عن الرأي .
▪️ بناءً على هذه الشائعة الرئيسية أدمنت الحكومة وأحزابها لعبة في غاية الركاكة : تبدأ اللعبة بدوس اقتصادي للمواطنين بقرارات قاسية تعلنها الحكومة، ثم تتبرأ أحزاب الحكومة من القرارات وتقول إنها ستزيد المعاناة وتتسبب في السخط العام، ثم تنخرط تدريجياً في حملات الدفاع عنها، والترويج لنتائجها الإيجابية، الأمر الذي يحوِّل بيانات الأحزاب الرافضة إلى مجرد شائعات تخديرية لغرض التهرب من المسؤولية، وعندما يحدث ما حذرت منه الأحزاب في بيانات التخدير ويصل السخط العام إلى حدود الانفجار، تقوم الأحزاب بتصويره كسخط خاص بفئة محددة هي التي تصنع الشائعات وتشيع الإحباط، ثم تشن عبر لجنة التمكين حملة دوس لهذه الفئة !!
▪️ الغريب في الأمر بخصوص تهمة الشائعات وإشاعة الإحباط أن الاعتقالات نفسها أصبحت من مزيلات الإحباط القليلة عند أنصار الحكومة !! إذ تقوم لجنة التنكيل بالإعلان عنها بشكل دعائي احتفالي، مع بث عدد من الشائعات الكاذبة عن المعتقلين، لتنتقل المهمة إلى نشطاء النظام وذبابه الإلكتروني الذين يقومون بإضافة رتوش و”تحسينات” على ما أشاعته اللجنة، ثم يعبرون، كلٌ بطريقته، عن الفرحة الكبيرة بهذا البل/الدوس العظيم !!
▪️ حاولت الحكومة من خلال البيان الذي أصدرته وزارة الإعلام في ٨ يوليو المنصرم أن تربط بين منتقديها وبين الجماعات الإرهابية، وقالت إنها خاطبت عدداً من الدول بهذا الشأن منبهةً إياها لمخاطر أنشطة الإرهابيين وأنصار النظام السابق، وهذه شائعة رسمية شديدة الإيذاء وتطال كل من ينتقدون أداء النظام من خارج السودان ..
▪️ الأعلاف التي اشتهر بها هذا النظام هي نفسها نوع من الشائعات الضارة .. وهي تتنوع ما بين شائعات التخدير المضللة ( أ*زمة المواعين* التي ستُخزَّن فيها مليارات الدولارات القادمة من الخارج – منعم سليمان )، وشائعات التنصل من المسؤولية عن الفشل والمعاناة، وشائعات الاغتيال المعنوي للمنتقدين ..
▪️ إذا قارنا بين مصداقية تهمة صناعة وترويج الشائعات التي تنسبها الحكومة إلى من يتحدثون عن فشلها، وبين مصداقية اتهاماتها لهم، سنجد أن الحكومة أولى بتهمة إطلاق وترويج الشائعات، فبينما يتحدث المنتقدون عن معاناة واقعة، وعن فشل مشهود، وعن أداء بائس للمسؤولين لا يمكن إنكاره، نجد أن الحكومة تدلس وتكذب وتختلق وتضخم وتصطنع وقائع كاذبة كما ثبت في حالات كثيرة آخرها حالة ميخائيل ومعمر .
▪️ في الحقيقة لا يسهل على فرد واحد أو على عدد محدود من الأفراد رصد كل مظاهر الفشل، وصور المعاناة، وشتارات المسؤولين وضعف خبراتهم، فالتخبط والفشل يشمل كل شئ، ولذلك لا حاجة للناس، عامة الناس، إلى اختلاق شائعات، ففي الثابت الأكيد الذي لا يستطيعون ملاحقته كله ما يغنيهم عن صناعة الشائعات ..
▪️ هل هناك قبح أو نقيصة تنزهت منه/ا هذه الحكومة لتلصقه/ا بها الشائعات ؟! من يعلمها فليدلنا عليها ويشير إلى الشائعات ذات الصلة ..
وأخيراً :
جاء في الأخبار : ( تعهد عضو لجنة إزالة التمكين وجدي صالح باستمرار عمل اللجنة حتى تحقيق دولة المواطنة قبل انتهاء الفترة الانتقالية ) .. من هو ذلك الدجال الذي يستطيع أن يخرج هذا التصريح من عالم الشائعات والسواقة وينسب أعمال هذه اللجنة إلى دولة المواطنة ؟ فحتى من يدافعون عنها يبررون تجاوزاتها بالحسم “الثوري” الذي يصنع التمكين اليساري رضي من رضي وأبى من أبى، وهو الحسم لذي يجب ألا يتقيد بضوابط القانون العادي! أو كما قال موظف سونا أمام قيادات اللجنة وسط التصفيق الحار من الحضور ..
إبراهيم عثمان