الفاتح داؤد يكتب،،، مبادرة حمدوك،، التسوية على رمال متحركة

السودان

الخرطوم:الرآية نيوز

الفاتح داؤد يكتب،،،
مبادرة حمدوك،،
التسوية على رمال متحركة
قراءة:الفاتح داؤد
كما كان متوقعا فقد اثار قرار د.عبدالله حمدوك ،الذي قضي بتكوين الآلية الوطنية، لإنفاذ مبادرة رئيس الوزراء،(الازمة الوطنية،وقضايا الإنتقال)، عاصفة من الجدل في الأوساط السياسية والإعلامية ومنصات التواصل الاجتماعي،التي تبايت مواقفها بين التأييد والتحفظ والممانعة، إذ استنكرت قوي سياسية ومكونات ثورية واسعة، معايير اختيار أعضاء اللجنة التي اشتملت علي أسماء بارزة من رموز النظام السابق،،فضلا عن خلو القائمة من التمثيل المتوازن للإدارة الأهلية .
وقد سارعت عدد من القوي السياسية والرموز المجتمعية، أعلنت اعتذارها عن المشاركة في أعمال اللجنة لأسباب متفاوتة، كان ابرزها موقف حاكم إقليم دارفور اركوا مناوي، الذي وصف القائمة المعلنة بالانتقائية، التي لاتعبر عن روح المرحلة السياسية،بقدر ما تمثل القناعات الشخصية للمستشار السياسي للسيد رئيس الوزراء، في ذات الاتجاه تقدمت عدد من رموز الإدارة الأهلية في شرق السودان، بأستقالاتها من عضوية اللجنة لأسباب ذات صلة بأزمة الإقليم المضطرب.
ورغم تكليف رئيس حزب الأمة القومي فضل برمة ناصر برئاسة اللجنة، إلا أن ثمة خلافات قد ضربت أروقة الحزب الكبير،نتيجة تباين المواقف السياسيةحول المبادرة،التي وصفتها قيادات نافذة بالحزب،بانها مشروع سياسي لتصفية تحالف الحرية والتغيير،
إلا أن أكثر المواقف تشددا قد صدرت من الجبهة الثورية، أكد في بيان لها انها تأييدها ودعمها للمبادرة، ولكنها تتحفظ علي آلية اختيار أعضاءها، التي قالت إنها قد,, عقدت المشهد السياسي،واعادت إنتاج الازمة,,، بعد أن أقرت مسبقا مقررا ورئيساً لها، وذهب البيان الي
ان الآلية في وضعها الراهن لن تحقق الاجماع الوطني، ولن تقود الي توحيد كتلة التغيير،
وان الجبهة الثورية لن تشارك في آلية مختلة وغير متكافئة، ولفت البيان الي مشروع الانتقال قائم ع التوافق والشراكة بين قوي الثورة والتغيير ،وان اي محاولة للاقصاء والشلليات سوف تقود البلاد نحو المجهول.. شدد البيان بضرورة جمع كل المبادرات المطروحة في الساحة السياسية،وتشكيل آلية موحدة من شخصيات وطنية محايدة يتراضي عليها الحميع، أو اتفاق الأطراف السياسية علي تكوين الآلية من شخصيات وطنية محايدة،وتحديد نسب المشاركة فيها والتوافق علي رئاستها.
ورغم حالة التباينات والتحفظات، التي طبعت مواقف القوي السياسية من المبادرة ،الا ان مراقبون أكدو أن مجرد طرح الازمة الوطنية للنقاش المجتمعي،يشكل اختراقا كبيرا في جدار الأزمة ،وان طبيعة الخلافات ليست مبديئة بقدر ماهي تكتيكية، ولذالك فإن مجرد اللقاء يعد خطوة إيجابية لانطلاق الحوار حول المبادرة، وكيفية استيعاب التحفظات والملاحظات حولها، و البحث عن آليات تنفيذها.التي قد تحتاج من القوي السياسية، إلي قدر من الاستعداد النفسي، والارادة السياسية، وتهيئة المناخ العام، للتعامل مع تفاصيلها، حتي ينتقل الحوار الي مربع جديد للمشاركة في الشأن العام، بعيدا عن الشعارات التي تتناقض مع شروط الديمقراطية،وهو دور ينبغي أن تتطلع به جميع الأطراف الفاعلة، حتي تساهم في نقل البلاد من مربع الكراهية والتعصب ،إلي فضاء إيجابي اكثر نعومة وعقلانية ،خالي من المشاحنات و أدوات العنف،يساهم في خلق حالة من الإستعداد السياسي،للتوافق حول كليات القضايا، تدفع جميع الأطراف الي تقديم تنازلات حقيقية، تنتهي الي تسوية شاملة.
خاصة وان مطلوبات التحولمن نظام شمولي إلي مشروع ديمقراطي ،قد تحتاج إلي قدر كبير من التعبئة السياسية والإعلامية ، التي تساهم في تصفية الشعارات السالبة ،والتسويق لشعارات جديدة أكثر ملائمة،مع مرحلة التحول.
خاصة وأن رئيس مجلس الوزراء قد كان قد أكد في معرض اعلان المشروع “أن المبادرة ملك للشعب السوداني، وتهدف لتحصين الانتقال، والمُضي بالبلاد، نحو نهايات تساعد على خلق نظام ديمقراطي مستدام.و أن ثورة ديسمبر قد شكلت فرصة تاريخية، لخلق مشروع وطني متوافق عليه ،وتسعي المبادرة الي وضع البلاد في الاتجاه الصحيح.” وان ثورة ديسمبر وقد وضعت الأرضية التي يجب أن يؤسس عليها الانتقال الديمقراطي ” علي اسس وحدة – سلام – عدالة” و هي القاعدة التي تتفق معها كل الشعارات و منطلقات كل التيارات الفكرية، و الخروج علي الشعار ،وان مجرد التحايل عليها هو خيانة للثورة،.
خاصة و أن القوى السياسية التي تتسيد المشهد، كل لديه تصوره ورؤيته في فهم الشعارات ،وفق مشروعه السياسي والايدولوجي ، و يرغب في تطبق الشارع بالصورة التي ترضي انصاره،و هو مايحتاج الي حوار سياسي و مجتمعي، لكي تصل فيه جميع القوى السياسية الي توصيف المصطلح.
إلا أن المفارقة تكمن في في ذهد اطراف السلطة إلانتقالية في اكمال هياكل السلطة الانتقالية،وتحصين اجهزة العدالة من التوجيه السياسي، مع سبق الاصرار حيث لازال موضوع تشكيل مؤسسات العدالة والرقابة مثل المجلس التشريعي،و مجلسي القضاء و النيابة، لايشكل مصدر إزعاج للقائمين ع السلطة التنفيذية. رغم أن الحديث عن عملية انتقال ديمقراطي مستدام ،لايستقيم طالما لازالت السلطات الثلاث محتكرة ومختطفة.
طالما لازال اعتماد رئيس الوزراء علي الحاضنة السياسية بديلا للشارع ، الذي منحه صك علي بياض، لكنه لم يستثمر هذا الزخم و التأييد الجارف. في تعزيز وتقوية مواقفه حتي جاء بالمبادرة الوطنية ، التي شرح فيها أسباب أخفاق سلطته في تحقيق مطلوبات الانتقال ،وقد ضمت سبعة محاور رئيسة، شملت إصلاح الأجهزة الأمنية والعسكرية، قضايا العدالة الانتقالية بمفهومها، الشامل، السلام، الاقتصاد، تفكيك دولة الحزب الواحد لصالح دولة الوطن، السياسة الخارجية، المجلس التشريعي.
إلا أن السوال ماذا يعني تفكيك دولة الحزب الواحد لصالح دولة الوطن ،ماذا تعني دولة الوطن؟ ومن هم أصحاب دولة الوطن، و من المهم جدا تكييف المصطلحات حتي لا يسقط الناس في فخ التاويل و التعميم الضار، كان الأفضل استخدام جملة ” لمصلحة التعددية السياسية” حتى تتسق مع التحول، خاصة أن عملية تمديد الفترة الانتقالية تسيطر علي عقول العديد من القيادات السياسية التي تتسيد المشهد.
وكما أشار رئيس مجلس الوزراء الي ” إن حماية الانتقال وتحصينه تتطلب النظر لقضايا الوطن الكبيرة، مؤكداً أهمية دور لجان المقاومة في حماية الثورة وتحصين الانتقال. وأضاف مخاطباً لجان المقاومة “حافظوا على هذا الدور”. السؤال المهم ما هي الأجندة المطلوبة لحماية الانتقال و تحصينه؟ بالطبع هي أجندة سياسية ،يجب أن يكون متفق عليها بين القوى السياسية. لكن الكارثة تكمن في ان معظم الأحزاب السياسية فشلت في وضع هذه الأجندة الوطنية، بل و حولتها إلي أجندة حزبية تخدم مصالحها الضيقة،والتي برزت بصورة أوضح في ،،محاصصة” قد ورطت حتي رئاسة الوزراء، في استخدم ذات الأجندة الضيقة ، خاصة عندما احتكرت الوظائف العليا للخدمة المدنية ،وطفقت في توزيعها بعيدا عن معايير العدالة، وفق محاصصات ليست بعيدة عن اسوار بعض القوى السياسية، وهو ما يؤثر سلبا علي مستقبل المبادرة الوطنية . كما أن أن انشطار لجان المقاومة وتمزق الحاضنة السياسية، قد ذاد من وتيرة الاستقطاب ، الذي قد يعرقل مستقبل المبادرة ومدي نجاحها و فشلها.
كما تحدث رئيس الوزراء عن المجلس التشريعي قائلا ان ” هناك أهمية لقيام المجلس التشريعي لدوره في إتاحة الفرصة لمناقشة القضايا الوطنية الكبرى للبلاد، وخلق أرضية صلبة لنظام ديمقراطي مستدام.” إلا أن قيام المجلس التشريعي سوف ينتهي من مكونين ظلا يحتكران العملية السياسية ” الحاضنة السياسية قحت و مجلس الشركاء” لان النشاط السياسي سوف ينتقل إلي المجلس التشريعي، باعتباره الجهة التي سوف تصدر القوانين، وتراقب أداء السلطة التنفيذية في مجلسي الوزراء و السيادي ة. لكن تكمن المشكلة في أن المجلس التشريعي إذا تم توزيعه بذات آليات المحاصصة التي تمت في السلطة التنفيذية،مما يضعف من فاعليته، و يصبح تابعا للسلطة التنفيذية مثله مثل المجلس الوطني في الإنقاذ، سوف يتحول الي ديكور بلا فاعلية ، خاصة ان قوى الحرية و التغيير ترغب في تكوين مجلس مدجن و مهجن يساعدها في التمديد المتواصل للفترة الانتقالية.
وان هناك قوى سياسية و بعض الحركات المسلحة ليست راغبة في الفترة التي الوصول نهايات الانتقالية ” الانتخابات” لأن جزء كبير منها، لا يملك قواعد اجتماعية تؤهله للمنافسة. و قد ألمح رئيس الوزراء الي مسألة التمديد، وهو مايكشف أن مجموعات كبيرة لاترغب في انتخابات عامة، لذلك لا لم يتطرق مشروع المباردة،الي الحديث عن مفوضية للانتخابات و القيام الاحصاء العام للسكان.
كما أثار حديث حمدوك عن توسيع قاعدة المشاركة حفيظة عدد من القوي السياسية، رغم أنه استبعد الذين افسدوا و ارتكبوا جرائم و المؤتمر الوطني. الأمر ،الا أن بعض القوى السياسية خاصة في المجلس المركزي، و الجبهة الثورية بقيادة الهادي أدريس ،و ألمحا الي أن توسيع القاعدة يجب أن يكون فقط من القوى الثورية، وهنا يبرز سوال ماهي معايير تحديد هذا ثوري، و الأخر غير ثوري، ولعل هذه الضجةتمثل اشارة الي رفض المقترح،ولكن بصوت خافت لتوسيع المشاركة، لأن الجميع يرغب في محاصصة توزيع مقاعد المجلس التشريعي، و هو مايعتي تجريد المبارزة من فعاليتها و مضامينها.
وقد استفاد رئيس الوزراء ف اجتماعه مع بعض أعضاء لجان المقاومة في الشرح “أن البند الوارد بخصوص الكتلة الانتقالية، والتسوية معنية بها القوى التي شاركت في الثورة.” يتضح أن المبادرة جاءت لكي تخف الضغط السياسي والإعلامي، علي الحكومة، ليس مبادرة تؤسس لعمل مؤسسي مستقبلي، بل هي فقاعة انتهت بعد إعلانها.

التسوية على رمال متحركةالرآية نيوزحمدوك
تعليقات (0)
أضف تعليق