د.أمين حسن عمر يكتب : الكيزان من نحن (19)
السودان
الخرطوم : الرآية نيوز
د.أمين حسن عمر يكتب :
الكيزان من نحن (19)
سؤال سودانية الحركة الإسلامية
إنتماء الحركة الإسلامية للوطن السودان يعني أنها حركة (فوق– جهوية) وأنها حركة (فوق– قبلية). إي أن اعضاءها لا يجتمعون وينتظمون على أساس جهوي أو قبلي بل للعمل من أجل أنماء السودان حضارياً وفاقاً للمرجعية الإسلامية. والسودان هوية متميزة في العالمين العربي والأفريقي . فلا هو بالعربي القح ولا بالأفريقي الخالص . ولكنه هجين من أعراق وألوان وثقافات وألسن متعددة وهذا هو ما عليه السودان . وهذه هي الإجابة على هوية السودان. والهجين السوداني ليس هجيناً في كل شيء ولا هي بالمتساو في مكوناته وعناصره. فالثقافة غير المادية غالبها متأثر بما هو عربي، والثقافة المادية غالبها متأثر بما هو محلى أفريقي . وهنالك ألسن سودانية كثيرة أثرت في تراكيب ومفاهيم ودلالات العبارات في اللسان العربي السائد في السودان . ولاشك أن هذه الهجنة اللسانية لها أثارها في الهجنة الثقافية. وأدراك هذا الواقع الماثل في السودان يقتضي استعداداً وقدرة ودُربة على إدارة التنوع العرقي والثقافي واللغوي في السودان . ليكون تنوعاً متجانساً لا تنوعاً يُوسع شُقة التباين ويثير التجاذب والتنازع ويجلب الصراع.
بيد أن سودانية الحركة الإسلامية لا تتناقض ولا تتنافى مع انتمائها العربي أو الأفريقي أو الإسلامي أو أي انتماء أقليمي آخر . ومثال لهذه الإنتماءات التي لم تُحظ باهتمام هو إنتماء السودان للأقليم السوداني الممتد من البحر الأحمر إلى سواحل الأطلسى . فهذا الأقليم الذي يشمل إجزاء واسعة من افريقيا الشرقية وأفريقيا الغربية يشترك فيما يمكن ان نسميه بالثقافة السودانية . وكان غالب الأقليم يُعرف بالسودان في يومٍ من الأيام . ولا يزال للسودان دورٌ مركزي ليضطلع به في أحياء العلائق والوشائج الحضارية والثقافية في هذا المدى الذي يوازي ثلث القارة الأفريقية . والذي يمكن ان يعاود إضطلاعه بدوره الحضاري الذي أضطلع به في إبان قيام الممالك الأفريقية الاسلامية قبل الغزو الأوربي لأفريقيا . وهذا الأقليم توطدت علائقه بأواصر الحضارة الإسلامية . وكانت رحلة الحج هي سبيله للتلاقي والتلاقح . وهي رحلة كانت تمتد بالشهور الطوال ثم يكون لها ما بعدها من تواصل وتصاهر بين شعوب تلك المنطقة السودانية الكبرى.
ومثلما للحركة الإسلامية في السودان محيط حيوي سوداني للتفاعل معه على مدى الأقليم السوداني فأن دورها في العالم العربي وبخاصة في مصر وشمال أفريقيا لن يكون دوراً هامشياً بحال من الأحوال. فتجارب السودان وتجارب الحركة الإسلامية السودانية وتميزها الفكري كان دائماً ملهماً للتغيير في ذلك المحيط العربي . وسيزداد أهمية بعد صعود المد الأسلامى في مصر وفي شمال أفريقيا بأذن الله. والمطلوب من الحركة الإسلامية أن تتصور لنفسها دوراً واقعياً يقوم على التفاعل الخلاق بينها وبين محيطها الجغرافي والثقافي . فبهذا وحده يمكن أن يتعاظم أثرها وان تكتسب الفاعلية على إحداث التغيير الذي يفتح الطريق للعودة للاستقاء من مشارب الفكر الإسلامي والحضارة الإسلامية اللذين لا ينضب لهما معين ولا يخلقان بمضي الأزمان وتعاقب الدهور.
د.أمين حسن عمر
كتاب الحركة الاسلامية السودانية