رصد : الرآية نيوز
تشهد أسعار السلع والخدمات ارتفاعا ملحوظا في الأسواق المحلية بمجرد ارتفاع الدولار ، ولكن لا تنخفض أسعار السلع بمجرد انخفاض الدولار.
وبعد استمرار انخفاض الدولار في السوق الموازي والبنوك لنحو اسبوع مازالت اسعار السلع الأساسية تشهد ارتفاعا ملحوظا في الأسواق المحلية، وبرز ثمة سؤال لماذا لا ينعكس انخفاض الدولار علي اسعار السلع بينما ترتفع أسعار السلع الأساسية بمجرد ارتفاع الدولار…؟
وعزا خبراء اقتصاديون ومواطنون ، استمرار ارتفاع أسعار السلع الأساسية رغم انخفاض الدولار، الي جشع التجار وغياب الرقابة الحكومية علي الأسواق المحلية والتي تشهد ارتفاعا ملحوظا في أسعار السلع الأساسية رغم انخفاض الدولار. وطالب الخبراء بضرورة تدخل الحكومة في الأسواق المحلية ومراقبتها، وعدم تركها للتجار ليتحكموا في أسعار السلع والخدمات، بينما يري خبراء اقتصاديون، أن هنالك عوامل عديدة وراء ارتفاع أسعار السلع الأساسية من بينها الدولار.
وبرر هؤلاء الخبراء استمرار ارتفاع أسعار السلع والخدمات رغم انخفاض الدولار ، الي شراء التجار للسلع بأسعار مرتفعة ويتخوفون الآن من خفض الأسعار حتى لا يتكبدوا خسائر كبيرة، كما يتخوفون من عودة الدولار الي الارتفاع مجدداً، مما يزيد من خسائرهم، فضلا عن استمرار ارتفاع معدل التضخم وبقاء التضخم في مستويات عالية وكذلك بقاء الأسعار في مستويات عالية ليدخل الاقتصاد السوداني مرحلة الركود التضخمي ، اي الجمع بين النقيضين بحيث ترفع الأسعار رغم انخفاض الطلب، بينما يفترض أن تنخفض الاسعار نتيجة لانخفاض الطلب، كما ترتفع الاسعار رغم زيادة العرض، بينما يفترض أن تنخفض الاسعار في ظل زيادة العرض أو الوفرة ، بالتالي هنالك اختلال في الية السوق القائمة على العرض والطلب.
جشع التجار
وانتقد دكتور محمد الناير الخبير الاقتصادي، استمرار ارتفاع أسعار السلع الأساسية رغم انخفاض الدولار، وحمل التجار مسؤولية استمرار ارتفاع أسعار السلع الأساسية رغم انخفاض الدولار.
واضاف دكتور الناير: هنالك جشع من التجار الآن ويغالون في أسعار السلع الأساسية، ويصرون علي تحقيق أرباح كبيرة في بيع السلع والخدمات، بينما التجار في ستينات وسبيعنات القرن الماضي كانوا يعملون على بيع كميات كبيرة من السلع بارباح قليلة، وكلما زاد حجم المبيعات زادت الأرباح، بينما تجار اليوم يصرون على بيع كميات قليلة من السلع الأساسية باسعار عالية ويحققون أرباح كبيرة.
تخفيض اسعار المحروقات
ودعا دكتور الناير الحكومة إلي التدخل ومراقبة الأسواق المحلية، لخفض الاسعار حتي ينعكس انخفاض الدولار علي معاش الناس.
وطالب دكتور الناير الحكومة بتخفيض أسعار المحروقات بعد انخفاض الدولار، وانخفاض أسعار النفط عالمياً، مؤكداً في هذا الصدد انتفاء المبررات التي تم بها زيادة أسعار الوقود خاصة مبرر زيادة أسعار النفط عالميا وارتفاع أسعار الدولار.
واضاف: نأمل أن لا تحذو الحكومة حذو التجار وتجعل أسعار المحروقات مرتفعة رغم انخفاض الدولار واسعار النفط عالميا.
اختلال آلية العرض والطلب
ونوه دكتور محمد الناير، الي وجود ظاهرة غريبة في السودان، واختلال واضح في آلية العرض والطلب، فبينما يفترض أن تنخفض الأسعار في ظل الوفرة وزيادة العرض، تواصل الاسعار إرتفاعها، وبينما يفترض أن تنخفض الأسعار في ظل انخفاض الطلب، ولكن تظل الاسعار مرتفعة وتابع: ( هذا جعلنا نخجل عندما ندرس الطلاب والطالبات في الجامعات والمعاهد العليا قانون العرض والطلب، كما أنه كلما يكون هناك شح في السيولة تحدث وفرة في السلع، وكلما تحدث وفرة في السلع يحدث شح في السيولة، و كلما انخفض التضخم تنخفض الاسعار، ولكن الآن التضخم ينخفض والاسعار مازالت مرتفعة، وهذا يؤكد أن الاقتصاد السوداني دخل مرحلة الركود التصخمي، وهذا يعني الجمع بين النقيضين ( الركود بالاسواق، والتضخم وارتفاع أسعار السلع).
مبررات التجار
ويري دكتور هيثم محمد فتحي الباحث الاقتصادي، أن تبرير التجار لاستمرار ارتفاع السلع الأساسية رغم انخفاض سعر الدولار، الي أنهم اشتروا السلع بأسعار مرتفعة، ولديهم مخزوناً لم ينفد بعد، وأنّ البضائع المدعومة لا يتغيّر سعرها وإن انخفض سعر الدولار في السوق السوداء. واضاف هيثم : هناك عوامل أخرى تؤثر على تسعير السلع، وليس فقط سعر الدولار، مثل أسعار الكهرباء والنقل وأجور العمال، وهذه البنود ترتفع وينتج عنها تلاشٍ لتأثير التراجع في سعر الدولار وأعرب دكتور هيثم ، عن خشيته ان يكون ما يجري من انخفاض في سعر الدولار صوري وظرفي نتيجة تكتيك يقوم به البنك المركزي بضح كمية من الدولارات في السوق النقدية بشكل آني ، ومضي الي القول بأن: التاجر هو المؤشر الأساسي في هذا الموضوع وهو لا يزال مقتنعا بأن الدولار سيرتفع، لذلك لا يملك الجرأة لتخفيض سعر سلعه).
ماوراء تأخر انخفاض السلع
ويري دكتور هيثم محمد فتحي، ان تأثير تراجع الدولار على السلع في الأسواق لم يظهر لعدة أسباب، أولها أن الكثير من السلع المستوردة أو المواد الخام تتأثر أيضا بالسعر العالمي وليس سعر الدولار، وتوقع ظهور التأثير الإيجابي لتراجع الدولار، على أسعار السلع إذا استمر هبوطه واستقر عند سعر معين، فالشركات المستفيدة من انخفاض سعر الدولار، خاصة في تقليل تكلفة المواد الخام، لم تتجه لخفض أسعار منتجاتها، ولكن بدلا من ذلك ثبتت الأسعار للحفاظ على حجم إيرادات يمكنها من الإنفاق على الحملات الدعائية في ظل المنافسة الشديدة وسط حالة الركود التي أصابت السوق السوداني واضاف دكتور هيثم محمد فتحي: الدولة لها يد بشكل نسبي في تلك الأزمة، عن طريق رفع أسعار الكهرباء والمياه وقيمة الضريبة المضافة، داعياً الي ضرورة تدخل الدولة لحل المشكلة، عن طريق تغيير بوصلة الاستيراد، عبر استغلال الاتفاقيات الدولية، والاستيراد من دول ذات العملات المنخفضة، وقال وقتها سيشعر المستهلك بانخفاض الأسعار
اسباب انخفاض الدولار
ونوه دكتور هيثم محمد فتحي: الي أن انخفاض الدولار يرجع لأسباب بعيدة عن زيادة الإنتاج، ويتحدد سعر الصرف في السوق السوداني وفقا لآلية العرض والطلب، وكلما زاد عرض الدولار وتراجع الطلب عليه انخفض سعره، كما تلاحظ في الآونة الأخيرة عدم الاستقرار في سوق صرف الدولار، فهو مستمر في التذبذب مع الانخفاض، مع أن هذا الانخفاض النسبي يكلف البنك المركزي الكثير من مخزون العملة الأجنبية المتوفر لديه الذي يطرحه في السوق لخفض السعر، هذا التذبذب السريع يربك التاجر ولا يساعد على استقرار الأسعار.
تقرير : ST