القضارف : الراية نيوز
البدوي يوسف يكتب :
تمخض الجبل فولد فأرا
“تمخض الجبل فولد فأرا “.. وصف يصدق على نتائج أول اجتماع لوالي القضارف المكلف مع الشركة الصينية المنفذة لمشروع الحل الجذري لمياه الولاية واستشاري المشروع ومديره التنفيذي بحضور لجنة أمن الولاية، بعد توقف العمل في المشروع منذ يوم الجمعة الماضية ، بفعل اعتراض أهل القرى الشرقية العمل في المشروع ، لعدم وفاء الوالي بوعده لهم بأن تشرب قراهم مع أحياء المدينة .. علما بأن الخطوط الرئيسية الناقلة للمياه تمر عبر هذه القرى قبل أن تتفرع إلى داخل المدينة .. ليصدق على هذه القرى ، كما سلفت الإشارة في مقال سابق ، وصف إبل الرحيل ال ” شايلة السقا وعطشانة “.
كان أهل هذه القرى يأملون في أن يخرج الاجتماع بالتزام واضح ومحدد يطمئنها على ضمها في الحال إلى المشروع ، لكن البيان الصادر في ختام الاجتماع والمنشور بصفحة حكومة الولاية على الفيسبوك ، لا يبشر بخير .. فقد عمد من صاغه إلى “الدغمسة” بحديثه عن أن الوالي جدد ” عزم حكومة الولاية على مواصلة الجهود من أجل اكمال العمل في مشروع الحل الجذري ومد قرى محلية ريفي وسط القضارف المجاورة للمدينة والتي يبلغ عددها ٢٥ قرية بالمياه من المشروع ” .. ما يعني أن العمل في المشروع سيتواصل دون التزام بتاريخ محدد لمد هذه القرى بالمياه .
وأتبع البيان “الدغمسة ” ، بالتلويح باستخدام القوة بقوله إن ” حكومة الولاية ستتخذ التدابير الأمنية اللازمة لاستمرار الشركة في تنفيذ العمل بالمشروع ” .. واذا علمنا أن مواطني هذه القرى يرابطوان منذ يوم الجمعة الماضية رافعين شعار ” نشرب عشان الغيرنا يشرب ” ندرك أن نذر المواجهة باتت تلوح في الأفق ..
إذن الوالي يعالج خطأه الأول بخطأ ثاني ..
أخطأ في المرة الأولى بالتنصل عن وعده لأهل هذه القرى في لقاء جامع مطلع العام الجاري ، بأنها ستشرب مع أحياء المدينة ..
واليوم يعالج خطأه الأول ، بالتلويح باستخدام القوة والتدابير الأمنية ، لحل قضية محلولة لو صدق العزم وحكم ميزان العدل ، فمياه مشروع الحل الجذري من الوفرة بحيث تكفي الولاية بأسرها ل ١٥٠ عاما حسب دراسات المشروع ، أضف إلى ذلك أن محلية ريفي وسط القضارف التي تتبع لها هذه القرى ، هي أعلى المحليات اسهاما في ميزانية الولاية سواء من أسواق المحاصيل أو القطعان ، بل أن أهل المحلية يستشهدون على غناها بتصريحات للوالي ذاته ظل يرددها في أكثر من مناسبة ومفادها أن زكاة هذه المحلية تساوي ميزانية سبع ولايات ..
ويبقى الأمل في أن تتدخل الحكومة المركزية لمعالجة المشكلة .. أن تشرب هذه القرى اليوم وليس غدا .. بعد أن فقد الأهالي الأمل في حل يأتي من الوالي .. فمن لا يفي بوعده ويلوح بالقوة لا يحل معضلة وإن كانت الحلول في متناول يده ، ونخشى أن تفتح المعالجات غير الحكيمة جرحا جديدا في جسد الوطن الذي لم تندمل بعد جراحه العميقة وما أكثرها ..