د.أمين حسن عمر يكتب : مصابيح التنوير…. شخوص ورموز

السودان

الخرطوم : الرآية نيوز

مصابيح التنوير…. شخوص ورموز

الاستاذ الرشيد الطاهر بكر

كان الرشيد الطاهر بكر من الثلة التي اجتمعت في 1954في أول مؤتمر رسمي للحركة الإسلامية ،حركة التحرير الإسلامي حتى ذلك الوقت وكانت الحركة بخلاف الحزب الشيوعي المنافس لها قد عملت لأجل تحقيق الحكم الذاتي بصفتها حركة تحرير وطني إسلامي وعندما أعلن الحكم الذاتي أيدته ووقفت بقوة مع الحكومة الوطنية الجديدة وكانميل الحركة إتحاديا أضعفه موقف عبد الناصر الذي أبعد اللواء محمد نجيب ثم دخل في مصادمة دموية مع حركة ألأخوان التي حظيت بتعاطف كبير بين الإسلاميين في السودان وبخاصة بعد أن بايعت مجموعة من السودانيين المقيمين في مصر الإمام البنا وعلى رأس أولئك الأستاذصادق عبد الله عبد الماجد كما أن مجموعة أخري في أم درمان وعلى رأسهم الإستاذ على طالب بايعت حركة الاخوان على يد وفد بعثه به الإمام حسن البنا للسودان برئاسة جمال الدين السنهوري. وهذا التقارب مع ألأخوان هو الذي أدى للإنشقاق الأول بخروج مؤسس الحركة الإستاذ بابكر كرار ليؤسس الجماعة الإسلامية ذات التوجه الإسلامي الإشتراكي واختار المؤتمر الرشيد الطاهر زعيما للحركة وقرر تأسيس جبهة الدستور لتكون مجموعة ضغط لصالح دستور إسلامي للسودان بعد إستقلاله وقد إختير الإستاذ محمد خير عبد القادر أمينا لجبهة الدستور عند إنعقاد إجتماعها الأول. وظل الرشيد الرجل الأول في المجموعة الداخلية حتى إتهامه بالضلوع في إنقلاب علي حامد والحكم عليه بالسجون خمس سنوات
وقد ولد الرشيد الطاهر بكر بكركوج مطلع الثلاثينات ، لكنه درس المرحلة الأولية بالقضارف، ثم المرحلة الوسطى بمدرسة الأحفاد بأمدرمان، والثانوية بمدرسة حنتوب الثانوية، ثم بكلية الخرطوم الجامعية(جامعة الخرطوم)في مدرسة القانون، و رشحته الحركة الإسلامية لرئاسة اتحاد طلاب جامعة الخرطوم سنة 1954م، واتهام الرشيد بالمشاركة في انقلاب المقدم علي حامد عام 1959م ضد نظام الفريق عبود أثار جدلا داخل الحركة الإسلامية وخارجها.
ويرى البعض أن تحرك الرشيد وصغار الضباط كان يهدف إلى إعادة الديموقراطية بعد أن سلم حزب الأمة السلطة للجيش في نوفمبر 1958أولا بواسطة الجنرال عبد الله خليل القائد العسكري السابق ثم بتسليم عبد الله خليل السلطة لجنرالات الجيش ، ورغم صغر سن الرشيد آنذاك فقد أقتنع الجميع أنه القائد السياسي للإنقلاب وذلك رغم اختلاف توجهات الضالعين في المحاولة التي قادها صغار الضباط و جاءت بعد إنقلاب محي الدين وشنان وهما الذين جرى استيعابهما في المجموعة الحاكمة بخلاف إنقلاب على حامد1959 والذي أعدم قائده ومعه أربعة من رفاقه وكان الملازم جعفر نميري ضمن المتهمين لكن أخلي سبيله لعدم كفاية الأدلة ضده ، و قد حوكم الرشيد الطاهر بالسجن خمس سنوات، وأطلق سراحه عام 1963م، فعاد لمسقط رأسه وفتح مكتباً للمحاماة بالقضارف، وعند قيام ثورة أكتوبر 1964م كان من زعماء الثورة بالقضارف، ورغم عتب المجموعة التي قادت الحركة الإسلامية(على رأسها الإستاذ صادق عبد الله عبد الماجد) أنذاك على الرشيد بسبب عدم تورطه في الانقلاب دون مشورة الحركة إلا أن الرشيد عاد عضوا فاعلا في الحركة الإسلامية و رشحته الحركة الإسلامية وزيراً في حكومة أكتوبر الثانية بديلاً للشهيد محمد صالح عمر حيث شغل وزارة الثروة الحيوانة كما أنه وذفاز في انتخابات الجمعية التأسيسية عام 1965م ممثلاً لجبهة الميثاق الإسلامي.. لكنه قدم استقالته من الجبهة عام 1966م، و انضم بعد ذلك في عام 1967م للحزب الوطني الديمقراطي وقد قدمه الأزهري الذي احتفل بكسبه للحزب الاتحادي ليكون وزيرا ممثلا للحزب فشغل وزارة العدل ثم وزارة الأشغال العامة. وبعد قيام مايو شارك في سلطة مايو بعد إبعاد الشيوعيين وتولى مواقع عديدة وتجددت المسافة النفسية بينه وبين إخوانه الساقين بسبب مغادرته للحركة ثم عمله مع نميري في ذات الإبان عندما كانت مايو اعتقل السعرات منهم. عمل الرشيد أول الأمر سفيرا للسودان في ليبيا سنة1972 ثم عين رئيسا لمجلس الشعب الثاني سنة 1974. وعينه نميري في سبتمبر 1976نائبا له ورئيس للوزراء بتفويض واسع وشهدت هذه الفترة من إنقلاب المقدم حسن حسين في سبتمبر 1975 اعتقالات واسعة للإسلاميين حتىخرجوا بالمصالحة الوطنية في يوليو 1977. ولاشك إن لذلك أثره في برود العلاقة إن لم يكن توترها مع الرشيد الطاهر لكن الاسلاميين جميعا أقروا بأن وجوده إلى جانب نميري كان عنصر إعتدال وتقريب من التوجهات الإسلامية وكان تعيين الرشيد الطاهر نائبا لنميري ورئيسا للوزراء بمثابة خطوة واسعة بإتجاه التوجه الإسلامي الذي تبناه النميري بإعلان برنامج القيادة الرشيدة ثم النهج الإسلامي ثم المصالحة الوطنية و إعلان تحكيم الشريعة فيما بعد في العام 1983 وقد عين الرشيد رئيسا لمجلس الشعب الرابع في 1980 بعد إعفائه في 1977 ثم نائبا عاما في 1983 مع إعلان تحكيم الشريعة وكان رفيق دربه وصديق عمره الإستاذ دفع الله الحاج يوسف رئيسا للقضاء آنذاك ثم عين الرشيد فى 1985مساعد لرئيس الجمهورية للشؤون القانونية قبيل إنتفاضة رجب ابريل في ذات العام. وقد اضطلع الرشيد الطاهر وثلة من المقربين إليه وعلى رأسهم دفع الله الحاج يوسف رئيس القضاء بدور مقدر في ترشيد تجربة نميري الإسلامية. ورغم ابتعاد الإستاذ الرشيد عن تنظيم الحركة الإسلامية إلا أن قادتها الذين عتبوا عليه مواقف وعتب عليهم مواقف ظلوا يعدونه من ركائز العمل الإسلامي في السودان ويحفظو له الفضل في جهوده التشريعية والقانونية لدفع التوجه نحو الإسلام في السودان.

اترك رد