الخرطوم : الراية نيوز
أنصار السنة وما بعد الحديبية
{ الدستور لا “يرفض” الدين ولا “يفرضه” لأن حرية الاختيار أمر مكفول في الدين، والإكراه مرفوض ومحرم كما موضح في الآيات الكريمات: (من شاء فليؤمن، ومن شاء، فليكفر) و(لا اكراه في الدين، قد تبيّن الرشد من الغي) و(أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين) } – رئيس اللجنة السياسية لجماعة أنصار السنة محمد أبوزيد مصطفي
حملت الفترة الانتقالية الكثير من الغرائب ، لكن يبقى موقف جماعة أنصار السنة من الوثيقة العلمانية من أكثرها صغرابةً :
▪️ انتقلت الجماعة خطوة إلى الأمام من حديث الضرورة/الحديبية الذي جاء على لسان رئيسها إلى حديث الواجب والمطلوب والأصل الذي يصوِّر النص على الشريعة في الدستور ك(فرض) و(إكراه) محرم ! فلو كان هذا صحيحاً لما استطاعت أي دولة مسلمة النص في دستورها على أن الشريعة هي مصدر، أو أحد مصادر، التشريع !
▪️جمعوا بين عدة مغالطات، تبدأ بالمقابلة الزائفة ( الدستور لا يرفض الدين ولا يفرضه )، فالمقابل للرفض هو ( القبول) وليس (الفرض)، ومن الواضح أنهم اختاروا المقابلة الزائفة هذه حتى لا يقولوا ( إن الدستور الذي وافقنا عليه لا يرفض الدين ولا “يقبل به” ) !
▪️ هربوا من نقطة البحث، وهي خلو الوثيقة من الشريعة، بل معارضتها لها، فعلوا ذلك بالهروب من استخدام كلمة الشريعة إلى كلمة الدين حتى لا يقولوا ( إن دستورنا لم يرفض الشريعة ولم “يقبل بها” ) !لأنهم يعلمون أن دستورهم يرفضها .
▪️ حاولوا الاستفادة من المقولة العلمانية عن المسافة الواحدة بين الأديان لتغطية هذا الهروب، وأيضاً لتغطية المقابلة الزائفة بين الرفض والفرض !
▪️خالفوا “مبدأ عدم التناقض”، فعدم رفض الشريعة يعني القبول بها، وبما أن هذا غير حادث فإن حديث الأستاذ أبو زيد يبقى مجرد سفسطة لخدمة حلفائه العلمانيين وللدفاع عن موقف الجماعة الغريب.
▪️خالفوا (مبدأ نفي الثالث) (الوسط المرفوع) : فالشريعة إما مقبولة في الدستور أو ليست مقبولة، ولا يوجد خيار ثالث حقيقي لتتصدق به الجماعة على العلمانيين .
▪️ استخدموا مغالطة المأزق المفتعل، أو الإحراج الزائف، أو المعضلة الكاذبة false dilemma ، فالخيار ليس بين ( رفض ) الدين و(فرضه)، ليكون الحل الأمثل الذي يختاره العلمانيون، ويوافقهم عليه أنصار السنة هو لا هذا ولا ذاك ! ففي هذه اللعبة الساذجة ينفي أنصار السنة مشروعهم نفسه، والذي لا يقوم على الرفض ولا الفرض، وإنما على الشريعة التي يطبقها الحاكم على المسلمين بعد أن ينص عليها في الدستور .
▪️خالفوا طبيعة البشر، فالبشر لا يسلمون من الوقوع في الأخطاء المنطقية غير المقصودة، لكن عادة تحدث هذه الأخطاء غير المقصودة أثناء دفاعهم عن أفكارهم الأصلية لا دفاعهم عن الأفكار المناقضة لها، الأمر الذي ينفي فرضية السهو والخطأ غير المقصود في حالة أبي زيد !
ليت أبا زيد اكتفى بحديث رئيسه عن الحديبية ولم يزد طينه بِلة ..
إبراهيم عثمان