إبراهيم عثمان يكتب : نفْيٌ واحد وتأكيدات كثيرة !!
( كلنا مراقبين للساحة السياسية، وشايفين جزء كبير بكل أسف من البعثات الدبلوماسية التي تتجول بين المواطنين، بعض الدبلوماسيين شغالين المديدة حرقتني، يمشوا للأطراف ويحرضوهم عشان يكنوا أو يظهروا عداوة للقوات المسلحة، عشان يلقوا فرصة يجوا يتدخلوا في الشأن السوداني، نحن نحذر من مغبة هذه التحركات …) – الفريق أول عبد الفتاح البرهان في أوائل شهر ١٢ من عام ٢٠٢١
( نحن نذكر المبعوث الأممي فولكر نقول له إذا تجاوزت التفويض سنخرجك خارج السودان، نحن نرى تطاوله بالأمس يتحدث ويكذب علناً، ونحن نقول له انت عندك تفويض محدد ونحن قبلنا إنك تجي تقعد في الحوار لكن أن تكذب وتتولى إمارة أو إدارة الشعب السوداني بنطردك والله بنطردوا بالباب بالشارع بي هنا دا ) – الفريق أول عبد الفتاح البرهان
اتهام بعض الأطراف الخارجية بالتدخل العميق في الشأن السوداني، قبل أن يأتي من القوى الوطنية الرافضة للتدخلات الخارجية أتى من الأطراف الحزبية المستفيدة من التدخلات، ومن رئيس السيادي نفسه، وحديثه قبل أيام في النيل الأزرق عن عملية تسوية سودانية خالصة تحت سقف الثوابت والخطوط الحمر يثير كثير من التساؤلات المشروعة :
▪️هل كان يرد على نفسه، ويدحض ما قاله في الاقتباسين أعلاه ولا يبالي بما ينتج عن هذا من تشكيك في المصداقية ؟
▪️ هل كان يرد على نائبه المتحمس للتسوية الجارية وغير المتهوم بتلوين الحقائق أو اختلاقها ضدها بخصوص حديثه عن التسيير بواسطة السفارات وربطه للتسيير بالتسوية الجارية ؟
▪️ هل كان يرد على ما أعلنه الناطق باسم قحت المركزي من أن الجولات على السفارات ستكون من أهم أنشطتهم الهادفة لاستعادة السلطة ؟ وهو السؤال الذي يكتسب مشروعيته من الأثر الذي حققته هذه الجولات على التسوية وشكلها وأطرافها ..
▪️هل كان يرد بأثر رجعي على حديث د. مريم الصادق عن حكامنا الذين “يتلقون تعليماتهم من الخارج”، ودفاعها – بعد التسوية – عن العالم الذي “يخطِّط” لنا ؟
▪️أم كان يرد على قولها ( فيما يدور الآن نعم هناك “اجتهادات حقيقية لهندسة الوضع” في السودان من منظور الآخرين الذين بنظروا كيف مصلحتهم في السودان ) وتأكيدها على قدرتهم على حفظ مصالح السودان في ظل هذه المحاولات ؟
▪️ ما الذي تغير : سلوك البعثات الدبلوماسية ( الكثيرة ) أم موقفه الشخصي من هذا السلوك ؟ وهو سؤال مشروع إذا أخذنا في الاعتبار المرحلة المتقدمة التي بلغها تحالف الأطراف الأجنية المحرِّضة والطامعة في الأدوار والأطراف السودانية الطامعة في الحكم بالاستفادة من هذه الأدوار الأجنبية .
▪️ لماذا لم يقدِّم تفسيراً مقنعاً لوجود البعثات الدبلوماسية المقصودة بتحذيره القديم في قلب التسوية الجارية الآن ؟
▪️ هل الفتن و”المديدة حرقتني” المرفوضة هي فقط التي كانت بين المكون العسكري وقحت المركزي، وقد انتهى الرفض بانتهاء سحابة الصيف بين الشريكين، مع استمرار بعض البعثات في الفتن والتحريض ضد القوى الرافضة للتدخل الأجنبي ؟
▪️هل تخلى فولكر عن عادته في “الكذب” والانحياز السافر لمجموعة حزبية بعينها ونزوعه لتجاوز صلاحياته وسعيه لتولي ( أمارة أو إدارة الشعب السوداني ) أم تعاظمت أدواره وألغى بجرة قلم الحوار الجامع في السلام روتانا وأثر على كثير من مجريات التسوية ؟
▪️هل الخطوط الحمر التي يقصدها لا تتضمن سعي بعض الأطراف الأجنبية لتنصيب أحزاب بعينها لحكم السودان ؟ وهو سؤال يكتسب إلحاحه من حقيقة أن التدخل الأكبر الذي ترغب فيه هذه الأطراف هو اختيار من يحكم السودان، ويكتسبه من الأدوار الكبرى التي لعبتها هذه الأطراف لتمضي التسوية بالشكل الحالي الذي يقدِّم القوى السياسية المرغوبة من الخارج ..
▪️ وقبل هذا كله هل هناك إجابة على السؤال : لماذا تعطل الجزء الرئيسي من خارطة الطريق المعلنة في ٢٥/ ١٠/ ٢٠٢١، بعد فترة قصيرة من إعلانها ؟ وعلى السؤال : لماذا انقلب كل ما تضمنه بيان ٤ يوليو ٢٠٢٢ إلى ضده ؟ ففي ظل غياب التفسير الرسمي راجت التفسيرات التي تربط هذا التعطيل بضغوط الخارج لمصلحة فئة بعينها.
ختاماً يمكن التسليم بأن ما أكده رئيس مجلس السيادة قبل أيام بالنيل الأزرق عن خطوط حمر وثوابت لا تستطيع أي جهة خارجية تجاوزها، أمرٌ جيد من حيث المبدأ، لكن يتوقف الحكم النهائي عليه على معرفة قائمة خطوطه الحمر وما إذا كانت هندسة التسوية بواسطة الخارج من بينها أم لا، ويتوقف أيضاً على وجود تأكيد مقنع بأن هذه الأطراف قد غيرت سلوكها، أو أن السلطات قد أجبرتها على ذلك، بالتركيز على مساعيها لهندسة التسوية، فالسعي الأجنبي لفرض الحكام لا زال خطٌ شديد الحمرة عند الشعب .
إبراهيم عثمان