إبراهيم عثمان يكتب:قحت وهستريا ما قبل السقوط

السودان

الخرطوم:الرآية نيوز

قحت وهستريا ما قبل السقوط

يتبارى المسؤولون والنشطاء القحاتة هذه الأيام في تبرير التعسف الزائد والبطش والتطبيق المتشدد لشعارات البل والدوس، وكل جهة أو فرد يريد أن يثبت أنه الأكثر ظلماً ودوساً وبالتالي حرصاً على “الثورة” .. الأمثلة لا يسهل حصرها لكن هناك لجنة التمكين التي أصدرت أمراً باعتقال كل عناصر المؤتمر الوطني “الفاعلة”، وهناك الناشط محمد حسن البوشي الذي طلب من كل من يقول إنه كوز أن يحدد مكانه ليتم عقابه على قوله هذا. وهناك الناشط بكري علي الذي امتن على الإسلاميين بأنهم لم ينفذوا كالثورة الفرنسية ٤٠ ألف حكم إعدام ولم يعتقلوا بعد ٣٠٠ ألف من الفلول، ودافع بأن أي عقوبات تحت هذا السقف مبررة لأن ( هذه ثورة مش لعب )، وهناك أسعد التاي الذي ذهب في أحد قروبات الواتساب – كعادته في المزايدة على القحاتة وإثبات أنه يفوقهم كراهية للكيزان – إلى حد القول ( الأسلم اغتيالات نوعية ) بدلاً عن الاعتقالات المحدودة أو الواسعة .

هذه الهستريا بالتأكيد ليست ناتجة من يقين مسؤولي ونشطاء قحت بدور أكيد للكيزان في التفلتات التي حدثت أثناء ثورة الشارع ضد الجوع، بلبسبب يقين قاطع بعكس ما يصرحون به :
– بأن التخدير عبر شعار (الجوع ولا الكيزان) وخديعة (صبرتوا ٣٠ سنة فلماذا لا تصبروا علينا) لم يعد يفيد، وأن الشارع يعلم أن ما فعلته هذه الحكومة في عام ونصف لم يفعل الكيزان عُشره في ٣٠ عام يكفي أنهم تركوا سعر جالون البنزين ب ٢٧ جنيه وضاعفه هؤلاء أكثر من ٢٠ ضعفاً .
– وأن الشارع بدأ يحول غضبه الصامت إلى فعل ثوري، وأن العمل الثوري مرشح للتصاعد مع استمرار المعاناة والجوع .
– وأن مشروعهم الأيديولوجي الذي يخجلون منه والمتمثل في العلمانية وإرضاء الغرب ليس محفزاً للصبر على الجوع من أجل تطبيقه .
– وأنهم على يقين بأن الفشل كبير، وأن الجوع وصل إلى العظم، وأنهم خلقوا الظروف التي تصنع الاحتجاجات الواسعة .
– وأنهم يلعبون لعبة مكشوفة بتحريض الشارع ضد الكيزان، لكنهم عندما يضرب الجوع هذا الشارع نفسه فيثور ضد الحكومة يتهمونه بأنه شارع الكيزان أو مدفوع منهم ،
– وبأنه لا أمل أمامهم سوى استغلال ما حدث من تفلتات – لها نظائرها في سبتمبر ٢٠١٨ ومابعده – لضرب الحراك الثوري للشارع وضرب الكيزان ،

والأدلة على هذه الحقائق كثيرة من بينها :
– أن القحاتة متعودون على السلبطة والكذب وتحميل الإسلاميين مسؤولية أفعالهم السيئة فقد حمَّلهم الصحفي أحمد يوسف التاي المسؤولية عن إلغاء وزير العدل لبعض الحدود وإباحة الخمور، وقد حملتهم أسماء محمود محمد طه المسؤولية عن وجود لوحة خلق آدم في مناهج القراي بتدبير يهدف إلى عزله !!
– أن الإسلاميين قد تظاهروا عشرات المرات في الزحف الأخضر وفي غيره ولم يعتدوا على مرفق عام ولم يحرقوا داراً لحزب ولم يعتدوا على القوات النظامية ولم يقوموا بأي فعل عنيف .
– وأن القحاتة يعلمون علم اليقين أن الإسلاميين لم يقرووا بعد المواجهة الصفرية معهم كما كانوا هم يفعلون في مواجهة الإنقاذ، وأن مئات، بل آلاف، القيادات بالداخل والخارج لزموا الصمت في الفترة الماضية لكي تمر الفترة الانتقالية بلا مواجهات كبرى تضر بالبلاد وأنهم بدأوا ذلك بعرض المعارضة المساندة .
– أن القحاتة كانوا قد طالبوا بمنع هذه المسيرات السلمية والتصدي العنيف لها من الأجهزة النظامية ولجان المقاومة، وقد حدث ذلك فعلاً في عدد منها، حين كانت الشرطة أمام المتظاهرين السلميين ولجان البلطجة خلفهم، فربط الهستريا الحالية بما حدث من تفلتات في التظاهرات الشعبية العفوية حجة داحضة .
– أن هستريا القحاتة لم تصل في ذلك الوقت للمستوى الحالي ليقينهم في ذلك الوقت بأن هذه مظاهرات إسلاميين وأن الشارع المستقل لم يشارك فيها، والرعب الحالي هو من الشارع المستقل وما يمكن أن يفعله لا الإسلاميين الذين تبدو قيادتهم حتى الآن ملتزمة بالمعارضة التي لا تهدف إلى إسقاط الفترة الانتقالية .
– أنهم يعلمون أن بعض الممارسات العنيفة يقوم بها قحاتة غاضبون من تهميشهم وقد ثبت ذلك في عدة أحداث وبعضهم حوكموا ولم ينبس القحاتة ببنت شفة في حقهم قبل وأثناء وبعد محاكمتهم .
– أن القحاتة يجمعون بين الامتنان بالحرية حين تخرج مظاهرة لا تصدها الشرطة ولا يعتدي عليها البلطجية وبين المطالبة بمصادرة هذه الحرية المزعومة، وعدم السماح بالمعارضة، فأي حرية هذه التي يستمتع بها الحاكمون لوحدهم، وما الفرق بينهم وبين دكتاتورية بعث العراق وسوريا وبلاشفة روسيا ؟

إبراهيم عثمان

اترك رد