محمد فاروق يكتب : You Can’t Be Half Pregnant

السودان

الخرطوم:الرآية نيوز

You Can’t Be Half Pregnant

“البوست ده ما براعي الاقتصاد”

البنوك البنوك… مافي شي غير البنوك دي قاعد ينهك في اقتصادنا والله، ده حتى مضاربات الدولار في سوق الله اكبر ده بتم بي بنوكنا دي وفساد سياسات التمويل فيها، حول بالبنك لو عايز، لكن ما تغش روحك وتقول انت كده بتدعم في اقتصاد بلدك. انت بتدعم في شريحة معينة وممكن كمان دولة عميقة بالجد؛ وبنوك اغلبها فيها مساهمين اجنبين ومديرين اجانب وسودانيين مواهيهم ح تلهف نص تحويلك ده، فلا في وطنية ولاعدم وطنية انك تحول رسمي ولا ترجع لعادتك القديمة لغاية ما جنيهنا ده يعرف يعوم، قريشاتك دي لا ح تغرقوا ولا ح تعلموا العوم.

تجار العملة ديل ممكن يكونوا جزء من السوق الرسمي بعد تحرير العملة لو في سياسات واضحة ومستدامة، وممكن اكتر من مجرد صرافات يتحولوا لي مؤسسات مالية slim زي ما بيحصل في كل العالم، ده حتى البنوك والنظام المصرفي المؤسسي في كل العالم هو تطوير لي قدرات شركات وافراد مالية (وممكن دي فكرة البنوك في نسختها الحالية: جذب المدخرات وتوفير فرص لاستثمارها من خلال خلق قدرات للتمويل اكثر من تامين المدخرات دي والحفاظ عليها). ولمن تكون القدرات المالية دي غير حقيقية او يتم تضخيمها قاعد يحصل انهيار اقتصادي زي ما حصل في ٢٠٠٨ في العالم كلو، وحاصل عندنا طوالي، احنا عمرنا ده كلو بيتم خداعنا بي انو تجار العملة ديل هم سبب ازماتنا. وعادي بنفك عندهم ونزيد ازماتنا ازمة اخلاقية كمان بالنفاق، ومافي زول عايز يعاين ليهم كبديل لي فشل مؤسساتنا المالية وسياساتنا الاقتصادية رغم تعامله معاهم. وظاهرة أنتجها فشل الدولة وعجزها لكن ابداً ما العكس او هم كانوا سبب، هم ببساطة مظاهر لي الازمة زيهم زيك لمن اتعاملت معاهم! وأسوأ ما فيهم ظهر بعد الفشل ده وصل مراحل متاخرة والفساد استشرى وبقو هم جزء من تهريب الدهب وشبكات حصائل الصادر، ودي سياسات الدولة دفعت ليها وشاركت فيها، بما في ذلك التهريب ذاتو!

تحرير سعر الصرف ده ما بدي تجار العملة مساحة للمضاربة، وأي سقوط للعملة ما عندو علاقة بي قدرتهم هم على كده، المساحة دي عند البنوك اكبر وفي النهاية هم بيشتغلوا بي قروشهم والبنوك بتشتغل بي قروش المودعين، وزي ما مافي بنك فلس مع انو ممكن يكون مسلف اي من الراسماليين الكبار العندنا ديل ما قيمتو ماية مليون دولار وبلمها منو في خمسة سنين بما يعادل خمسين مليون دولار (اضرب الخسارة دي في الف)! وفي الورق البنك ربحان وبدفع حوافز كمان لي موظفينه! انهيار اقتصادنا ده بتم بي استمرار البنوك دي وحوافز مدراءها وسلفياتهم وشبكة علاقاتها مع راسمالية قاعد تبني روحها من القروض البنكية وتدهور سعر الصرف من غير ما تكون اعمالهم مربحة ولا عندهم اعمال اساساً!

لو تحرير سعر الصرف ده كل قيمته انو يخت الاقتصاد الوطني في مواجهة مع تجار العملة ح يفشل، ولو ح يعتمد حلول امنية في مواجهة السوق الموازي ح يفشل برضو، الطبيعي انو السياسة دي بقا ما يفرق معاها وجود سوق موازي، لانو الدولة والاقتصاد الرسمي فيها ذاتو بقا هو السوق الموازي! مفهومة جدا الدوافع الوطنية والنبيلة لي دعوات التحويل عبر البنوك، لكن هل في حوجة ليها؟ هل ده هدف تحرير سعر الصرف فعلًا والفرص عبره! ولا دي سذاجة مننا ولسه بنتعامل مع وجود سوق موازي للعملة كموقف نفسي ساي، وما مستوعبين الحاصل ولا السياسة الجديدة!

انا هنا ما بدافع عن السياسة دي، ولا بهاجمها. لكن بتساءل فعلًا: الجديد فيها شنو اذا نفس المهددات في السابق ما زالت قائمة! ولي مثلاً السياسة دي ما ح تحفز تجار العملة نفسهم يكونوا جزء من القنوات الرسمية! في اي بلد تم تحرير العملة فيها في سوق موازي لكن هامش الفايدة عبره بسيط جداً، ولا من تعبه، في مصر دي كان خشيت اي محل ممكن تلقى زول يزيدك جنيه على سعر البنك، وفي نيروبي ممكن تلقا شلنين (وفي الكاسينو اكتر)، وفي مانيلا الاوتيل رسمي معلق سعر صرف اعلى من سعر البنك، والصرافة الجوة الاوتيل لو ح تدفع فاتورتك بالدولار! لكن الدول دي كلها لمن تجي تعمل بيزنس فيها بتلقى روحك شغال بالنظام، وعبر البنوك ولا حتى الصرافات! ولو عندك تحويل بي ويسترن يونيون ولا دهب شيل او بنك بيدوك ليهو دولار أولًا، ولو عايز تفك علي كيفك ده موضوع تاني!

البلدان دي عبرت ما بي مكاجرة تجار العملة والله، لكن بي تجاوزهم، اذا صح التعبير، والبدي تجارة العملة روح ورواج ياهو مسك العصاية من النص، واستمرار تهريب مواردك وصادرك واستنزاف مدخراتك بي سياسات ما كاملة ولا واضحة، ودولة لسع عايز تمول عجز موازنتها بِيك ومن غير تقول ليك، وتغرم محدود الدخل والمحتاج ومن غير ما تريد او تريد تحفز الما محتاج وتزيدو!

مفهوم انو حركة الصادر تتم عبر البنوك والاستيراد ومن غير بروباغندا او انها تكون عمليات صورية زي ما حاصل أسع، ومطلوب انو الدولة يكون عندها سياسات واولويات واضحة عشان تحفز الانتاج وحجم التجارة الداخلية والاستثمار ومشاريع تنمية ضخمة (ميغا بروجكت)، عشان توقف هروب الاموال من البلد او تجميدها في اصول، والبنوك بدل تزاحم في التحويلات لي بدائل موجودة وموثوقة في ظل عدم الثقة في سياسات الدولة واحتمال تقلبها، احسن تنافس من غير امتياز دعاوي الوطنية لغاية ما جنيهنا يعرف يركز وتكون مقبولة ومحل ثقة، والافضل من ده تتجه لي نشاطاتها العندها فيها افضلية وبي شكل سليم، وتمول تطوير الاصول المجمدة دي، بدل قيمة الاراضي (البور) المبالغ فيها وزائفة، وتساهم في خلق فرص عمل بدل تقطع معايش ناس. والمغتربين العايزين يحولوا الف والفين في الشهر ديل اخلقو ليهم فرص استثمار هنا وصناديق ادخار آمنة، بدل صور التحويلات للشهر البتكشف فقرنا واعتماد اسرهم عليهم! والدولة ذاتها بقت زيها زينا منتظرة المانحين!

م.محمد فاروق سليمان

اترك رد