هشام الشواني يكتب : ملخص منتدى “مفهوم الهوية والصراع السياسي”

السودان

الخرطوم : الراية نيوز

هشام الشواني يكتب :

ملخص منتدى “مفهوم الهوية والصراع السياسي”
________________________________________

١- هذا موضوع يندرج في بحث فكري حول الهوية أولا، وثانيا حول علاقة خطابات الهوية التي نشأت بالصراع السياسي. والسياسة اليوم تفتقد للفكر، وتفتقد للمثقف العضوي، ونعني به ذلك المثقف الذي يمارس السياسة ويربطها بالفكر والتحليل، وذلك بغير انقطاع وعزلة، وبغير ممارسة يومية ناشطة تنعدم فيها الرؤية. بغير الفكر ستكون السياسة لعبة قذرة بلا أخلاق ولا مبادئ، لأن منبع المبادئ هو الأفكار والرؤى.

٢- البلاد اليوم بعد التغيير الذي حدث مع سقوط الإنقاذ، تواجه مهددات وتحديات عديدة، مهددات في وحدتها الوطنية واستقرارها السياسي، واستقرارها الاقتصادي، وبالتالي فإن تناقضات عديدة كانت خفية فيما مضى برزت للسطح، وإنفجرت فيما بينها. لذلك كان التفكير في سؤال الهوية والصراع اليوم، نابع من شعور بأن هذه المسألة تحديدا تفجرت بشكل متسارع بعد التغيير.

٣- الهوية مفهوم مطاط، غير ثابت، لا حدود له، وقابل للتشكل بعدة طرق، بداية من الفرد وتصوراته، وبيئته، ولغته، ودينه، وعناصر ثقافته، ومجتمعه الذي يحيا فيه. وإلى آخر ذلك من العوامل التي تزيد أو تنقص، تتقلص أو تتوسع. هذه الحركة في مفهوم الهوية تحدث بحسب محدد رئيس هو: الظروف الاجتماعية والسياسية. الهوية إذن ليست مجرد انعكاس للثقافة واللغة والقبيلة والعرقية، بل هي انعكاس لظروف اجتماعية وسياسية تفرض نوعا محددا من الإجابة، ونوع محدد من التركيز على عنصر وذلك بالإصرار على كشفه، أو نفيه.

٤- إذا كانت الهوية كما ذكرنا من قبل، فإن تاريخ النظر فيها كمشكلة ثقافية في السودان هو تاريخ للتعامل الخاطئ معها، لابد من ترتيب الأمور بشكل صحيح إذن فتكون الهوية ناتجة عن الصراع وليس العكس. لكن من أين نشأ الصراع أصلا؟؟

٥- نشأ الصراع السياسي في السودان من التركيب الاجتماعي الموروث منذ الاستعمار. وهو تركيب خلق تفاوتا تنمويا، بين أقاليم ترك فيها المستعمر بعض التنمية، وبين أقاليم أخرى همشها ولم يهتم بها. والسبب هو مصالح المستعمر، التي دفعته لخلق تنمية محدودة وبنية تحتية بسيطة وقليل من الخدمات، في مديريات النيل الأزرق في الوسط و أجزاء من الشمالية وجنوب كسلا وأجزاء من النيل الأبيض. وهذا شيء مكرر من تجارب الاستعمار في العالم الثالث.

٦- نشأت المدينة السودانية بأسس استعمارية أيضا، فتكونت كتجمع سكاني غير إنتاجي، يهاجر من الأرياف نحو الخدمات البسيطة وسوق العمل. وبالتالي نشأت المدن بأحياء مركبة قبليا وعرقيا، وكان هذا الظرف مناسب لانفجارات قبلية مستقبلا.

٧- أيضا ساهم الاستعمار عبر سياسة المناطق المقفولة في خلق مشكلة بين الشمال والجنوب، مشكلة زادت نارها بالتمييز الثقافي بين الشمال والجنوب مما قاد مستقبلا للإنفصال.

٨- هناك أيضا مشكلة مفتعلة حول مدى علاقة اللغة العربية والإسلام بالسودان وأفريقيا، ثمة نزعة غير علمية وغير سليمة متأثرة بالغرب والمستعمر، تسعى لبتر وقطع السودان من الفضاء الحيوي الإسلامي والعربي. للأسف تتجاهل هذه النظرة مدى تجذر الثقافة الإسلامية والعربية في التراب السوداني، ومدى انسجامها الذي حدث ببطء وعمق مع عناصر الثقافة المحلية في الأرض السودانية. وبذلك كان هذا الاتجاه الزنوجي الأفريقاني اتجاها يقصد نسف وحدة السودان، وزرع رؤية لسودان يقوم برؤى غربية استعمارية. تتجاهل تاريخ طويل من العيش المشترك، اللغة المشتركة، المزاج السوداني المشترك.

٩- لابد من تقييم جديد لسؤال الهوية وعلاقته بالصراع، واليوم فإن مطالب الأقاليم وشرق السودان منها يجب أن تتم وفق أساسين مهمين:

أ- الأساس الاقتصادي التنموي لجغرافيا الإقليم. بمعنى أن تكون قضايا الأقاليم قضايا ذات مضمون يضع قضية تنمية الإقليم في الأساس. من تعليم وصحة واستثمار لثروات الأرض. والابتعاد عن الخطابات الثقافية والعرقية التي تمثل السراب وتمثل (الزبد الذي يذهب جفاء لأنه لن ينفع الناس)

ب- الأساس الوطني الذي يرى الحل وفق وحدة وطنية. ولهذا الأساس أهمية حين نعلم أن مشكلة التهميش الاقتصادي لن تحل إلا بتحرر الدولة ككل من علاقة التخلف الاقتصادي مع العالم. وهذا الأمر لن يتم إلا إذا كانت الدولة موحدة وقوية يحكمها مشروع وطني مركزي.

١٠- كل ماسبق ملخص بسيط يربط بين الهوية والصراع والاستعمار، ولكن لابد من تأكيد ختامي لثلاثة أمور:

الأول: الإسلام كرم الإنسان، لا بحسب قبيلته ولا لونه، بل بتقواه وبما يملكه من فضائل. قيم الإسلام مخزون حضاري ووطني كبير يمثل رصيدا للوحدة والتآلف والتآزر.

الثاني: عناصر القومية السودانية كثيرة وتحتاج فقط لدولة وطنية ترعى شرايين الحياة الاقتصادية بين السودانيين فتزدهر الثقافة السودانية. لا يحب أن نرى السودانيين مجرد شتات لا ثقافة له، هناك ثقافة مشتركة تنوعها تنوع وحدة وانسجام، لكنها تفتقر للدولة والتنمية.

الثالث: الاستعمار سبب رئيسي، لكن هناك سبب آخر أكثر أهمية يتصل بما كسبته أيدينا، بتخلفنا وقابليتنا للاستعمار، لابد إذن من تجاوز كل عناصر التخلف والانحطاط فينا واستبدالها بثقافة العمل والنهضة والنماء.

الخميس ١٤ يوليو ٢٠٢٢ – مدينة جبيت.

اخبارالانقاذالبرهانالجيش السودانيالحركة الاسلامية السودانيةالخرطومالخرطوم بحريالرايةالراية نيوزالسودانالقائد العامالكيزانامدرمانجريمةحميدتيعاجلعيد الاضحىقحتقضايامباشرمشاهيرمقالمقالاتملخص منتدى "مفهوم الهوية والصراع السياسي"ملفاتمنقولهشام الشوانيولايات
تعليقات (1)
أضف تعليق