هشام الشواني يكتب : لن يهرب أحد إلى أي مكان

السودان

الخرطوم : الراية نيوز

هشام الشواني يكتب :

لن يهرب أحد إلى أي مكان

مسألة القبيلة والعرقية والحواكير ليست مسألة خيار أو إرادة، أن ترغب في ملكية عامة للدولة، وملكية فردية للمواطن، هذا يعني أنك تتخيل عالم حديث وهذا الأمر لا يقوم على مجرد الإرادة فقط.

في الواقع الملموس المادي أمامك ستجد القبيلة التي تتحول لعرقية داخل المدن، وبسبب صراع الموارد والحياة وفي ظل نخبة مستفيدة، ودولة ضعيفة تخضع لهجوم اقتصادي وسياسي، وفي ظل علاقات التخلف، مع وجود اتجاهات ليبرالية وعولمية تدين بالولاء للخارج، ومع دولة تنهكها قوى التفكك والتحلل الداخلية. بهذا المشهد الكلي ستتركب المدن عرقيا، وتتوزع الموارد وفق ذات المنطق، وحينها يكفي وجود أحمق واحد، ليشعل حربا أهلية محدودة، تنتهي في يومين أو ثلاث بسبب الارهاق؛ تاركة وراءها أبشع المناظر.

هناك ثلاث نماذج من التناول لهذا الأمر وسط الفاعلين:

الأول: الناشط الناصح الطيب، وهو من يكتفي بكلام الخير والإيمان أو الصمت.
الثاني: الناشط صاحب الأجندة، وهو الذي يحول الواقع ويختزله لقضيته الزائفة – إنهاء الانقلاب مثلا –

الثالث: الناشط الصائح الهلوع، وهذا ناشط مصاب بالهلع، لا يملك قدرة تفسير، ولا أدوات تغيير، فيحول هلعه لخوف عرقي مضاد، فيتخيل عالم من أهله وأبناء عمه فقط.

هذه المشاهد التي نراها في النيل الأزرق، قد حدثت من قبل في الشرق والغرب والجنوب وتحدث بطريقة أو أخرى في الوسط، وتحدث في الخرطوم بطريقة خاصة أيضا. ماهو المطلوب إذن؟

١- تخفيف التوتر السياسي العام جزء من الحل، لابد من ترك مساحة لجهاز الدولة الأمني والتنفيذي ليتحرك فيها. وتخفيف التوتر العام مرتبط بالحل السياسي في الخرطوم. وطالما أصرت الفئات المدينية صاحبة الوعي الليبرالي على قضيتها الزائفة فالحل سيكون بعيدا.

٢- التدحل الأمني جزء من الحل. لابد من العودة لجهاز أمن فعال بصلاحيات تنفيذية. هذا القرار هو قرار سياسي، وقد يزعج بعض مراكز القوة، لكنه جزء من الحل. يجب أن يكون جزء من مطالب المواطنين المتأثرين بنيران الصراع مباشرة.

٣- الحل السياسي الاستراتيجي يتمثل في نشوء تكوينات سياسية لهذه الحواضن الاجتماعية والقبلية، تكوينات تفهم المشكلة بطريقة صحيحة وتطرح الحل بطريقة صحيحة. وهذه التكوينات لن تخلق من العدم بل ستنشأ من التدافع الحالي.

بالطبع لا يمكن أن يتوقف التكتيكي من أجل انتظار الاستراتيجي، ولابد من حل عاجل، حتى ذلك الوقت لن تصلح خطابات الصوابية السياسية وكلام السلام ونبذ العنف، ولن تصلح كذلك طرق الاختزال والمتاجرة بالموت القبلي لقضايا تخص ليبراليين وعيال منظمات، وكذلك الهلع وبث خطابات الخوف والانقسام والهروب لن يحل المشكلة.

ولن يهرب أحد

هشام الشواني يكتب : ملخص منتدى مفهوم الهوية والصراع السياسي

اترك رد