دكتور ياسر أبّشر يكتب : “الوجه الضاحك للشيطان”: فتح الله غولن (3)

السودان

الخرطوم : الراية نيوز

دكتور ياسر أبّشر يكتب:

“الوجه الضاحك للشيطان”: فتح الله غولن (3)

لا يعرف التاريخ منظمة واحدة كنزت هذا القدر من الأموال والثروات كالذي كنزته منظمة فتح الله غولن “منظمة الخدمة” ولكن القريبين من غولن والعارفين بخباياها – مثل نائبه لطيف أردوغان – يقولون إن “العقل الكبير” كان القوة الحقيقية التي مكنت غولن من كل هذا النفوذ والثروة، وأن غولن لا يعدو أن يكون اليد المنفذة للمخطط الكبير للعقل الكبير، مستغلاً طموحه ليصبح خليفة المسلمين بتطبيق ما يصنفونه “الإسلام المعتدل”. والإسلام المعتدل عند غولن ولدى القوى الغربية الماسونية هو الإسلام الخالي من الجهاد، المتصالح مع الصهيونية، القابل للثقافة والسياسات الغربية والمناهض للقوى المناهضة لها. وقد حقق غولن كل المطلوبات فحاز الرضا والقبول والدعم.

قال لطيف أردوغان إن غولن قال له : ” إنه سيعود لتركيا حين يستطيع مليون تركي استقباله في المطار كما فعل الإيرانيون مع الخميني، ووقتها ينفذون انقلابهم ” وأن عمليات تغلغل تنظيمهم في أهم مفاصل الدولة ستمكنهم من السيطرة التامة عليها وتحقيق حلمه ومخطط العقل الكبير بأن يصبح خليفة المسلمين بالتصور الغربي/ الماسوني.

ووفقاً للطيف : لم يكن غولن يحب الإسلاميين، لأنه يعتبرهم العقبة في سبيل تحقيق حلمه، وكان يفضل العلمانيين ويقربهم. وهذا يعني أن تحالفه مع أردوغان كان تحالفاً تكتيكياً لأنه اشترط أن يُسمح لتنظيمه بالعمل بحرية ، وقد اعترف اردوغان فيما بعد أن غولن خدعه ، وكان خافياً عليه حجم تنظيمه ومدى تجذره في أجهزة الدولة .

كتب بروفسر حسن مكي أن الخلاف بين غولن والرئيس أردوغان مشابه للخلاف بين الترابي والبشير. وهذا غير صحيح البَتَة ، أولاً لأن صلة وتنسيق غولن مع المخابرات الغربية قوي وهذا ما لا ينطبق على كلا البشير والترابي ، بل إن كليهما يبغضهما الغرب . أما غولن فيجد الدعم من الغرب وهو يده في معارضة أردوغان الذي يصنفه الغرب كدكتاتور وطاغيةً( غالباً لأنه إسلامي ) رغم أنه منتخب ديمقراطياً وبلاده فيها نظام ديمقراطي .

وفي أميركا يُحظى غولن بدعم وحماية اللوبي الإسرائيلي Israel Lobby وبدعم المسيحيين المتصهينين Christian Zionists واليمين المسيحي. ويكتب مدافعاً عنه كثيرون ، من بينهم جراهام فولر الذي كان ممثلاً ل CIA في تركيا ثم أصبح خبيراً ومؤلفاً في الشؤون التركية . وهنا يبرز السؤال : هل من الطبيعي أن يُحظى ” مسلم ” بكل هذا الدعم من كل هذه الأطراف ؟؟!! .

كان للتنظيم السري لغولن نظام متابعة دقيق يراقب الأعضاء ويهتم حتى بتزويجهم من بعضهم، وكان يصنف غير الأعضاء بنظام سري يسمى “إطعام التفاح” يهدف إلى تجريم واستبعاد من يصنفهم أعداء، كما يعمل التنظيم على مساعدة أعضائه على الترقية في الوظائف بنظام يطلق عليه “التخطيط الوظيفي”، والأخطر أنه يجمع أدق تفاصيل الحياة الخاصة للعسكريين لدرجة الإحاطة بمعلومات عن حالة علاقتهم بزوجاتهم والصحيفة التي يقرؤونها!!
في عام 2009 وصل رجب طيب أردوغان إلى قناعة أن تنظيم غولن ليس مجرد منظمة طوعية خيرية داعمة لنظام حكمه، وتكرست تلك القناعة عام 2010 حين أصرّ غولن أن تُسند وظيفة مدير جهاز المخابرات ووظيفة مدير الشرطة التركية لأتباعه.

وكذلك لدى توفر معلومات أن تنظيم غولن يدعم حزب العمال الكردستاني المتمرد، مثلما كان يفعل الحزب الشيوعي السوداني مع حركة قرنق. وقال حسين غولارجة الذي كان رأس تحرير صحيفة (زمان) التابعة لغولن إن الحملات الإعلامية التي شنتها الشبكة الإعلامية التابعة للتنظيم ضد رئيس الوزراء وقتها ( أردوغان ) ومساعديه والتي اتهمتهم فيها بالفساد إنما هدفت للقضاء على حزب أردوغان وقيادات حزبه.

وصل تنظيم الخدمة درجة من التغلغل عام 2012 أنه كان يراقب محادثات 7 ألف شخصية تركية، بمن فيهم رئيس الوزراء، ونائب رئيس الحزب الحاكم وزوجته وطفله الذي لم يتجاوز الخامسة عشر من عمره. وعبر نفوذه في النيابة والشرطة والقضاء تمكن من توجيه اتهامات لجماعة أردوغان ثبت بطلانها فيما بعد.

وبلغت جرأة التنظيم محاولة اعتقال هاكان فيدان مدير جهاز الامن القوي عام 2012، ووقّتوها في نفس الوقت الذي كان سيدخل فيه أردوغان المستشفى لعملية جراحية، ولما علم أردوغان بذلك ألغى العملية وأمر هاكان بعدم تسليم نفسه للنائب العام.

ومنذ أواخر 2009 الْتَفَتَ أردوغان وهاكان فيدان لمراقبة نشاط التنظيم، واتخذوا إجراءات لقص أجنحته، كان من بينها أنهم في 2012 ضموا 934 مدرسة تابعة له للدولة ، ومتابعة تصرفات عضويته في القضاء والنيابة والشرطة والتعليم. لكن الإجراءات كانت أقل من المطلوب بكثير لقوة تغلغل التنظيم في أجهزة الدولة وخاصة في الجيش.

كانت محاولة انقلاب غولن في 15 يوليو 2016 أكثر المحاولات الانقلابية دمويةً في تاريخ تركيا. ولكن ورغم ذلك خرج حوالي 3 مليون تركي يناهضون الانقلاب بعد دقائق من دعوة طيب أردوغان لهم لمعارضته عبر محادثة فيستايم الشهيرة مع CNN التركية، وصدحت مآذن مائة ألف مسجد بالتكبير والدعاء ودعوة الأتراك للوقوف ضد الانقلاب. أما هاكان فيدان فقد أصدر أوامره لضباط وجنود المخابرات أن “قاتلوا حتى الموت” وقد فعلوا.

ليس سهلاً أن يتمكن شخص له تنظيم من فتح مدارس في 145 دولة حول العالم إن لم يكن واقعاً في أحضان الماسونية والمخابرات الدولية. وليس طبيعياً أن يتملك 15 مصرفاً وعدد من الجامعات و 9 ألف شركة ويجمع مليارات الدولارات بلا دعم مخابراتي من دول كُبرى.

كل تصرفات غولن تقول أن سلوكه بعيد عن الدين الحق ، وكفاه أن يحلل الخمر ويبيح عدم الصلاة لاتباعه في الجيش والشرطة والمخابرات ، فهذه تجاوزت حتى ” التقية ” التي يدين بها الشيعة .
سمعت بنفسي تسجيلاً لغولن يوجه فيه أحد أذرعه بشراء ذِمم القضاة والمحامين حتى لو كلّف هذا مليار دولار ، فإذا أضفنا لهذا إعتراف تلميذه نائب قائد الجيش أنهم كانوا يُسرّبون أوراق امتحانات الدخول للكليات العسكرية فهذا يكفي لبيان مدى خطورة رجل ينسق للسيطرة على تركيا مع المخابرات الغربية والموساد .
أما السؤال المُلِح المقلق والمُخيف فهو متى سينظم غولن وداعميه في المخابرات الغربية انقلابهم التالي ؟؟

♦️دكتور ياسر أبّشر
———————————
17 يوليو 2022

دكتور ياسر أبّشر يكتب : الوجه الضاحك للشيطان: فتح الله غولن (2)

"الوجه الضاحك للشيطان": فتح الله غولن (3)أردوغاناخبارالانقاذالبرهانالجيش السودانيالحركة الاسلامية السودانيةالخرطومالخرطوم بحريالرايةالراية نيوزالسودانالقائد العامالكيزانامدرمانتركياجريمةحميدتيدكتور ياسر أبّشرعاجلغولنفتح الله غولنقحتقضايامباشرمشاهيرمقالمقالاتملفاتمنقولولايات
تعليقات (2)
أضف تعليق
  • Nagi Babiker

    غولن أصبح شيطان في عيون إسلاميي السودان.. يبدو ان اكتشاف ذلك جاء متأخرا.. لقد فتح له اسلاميو السودان البلاد على مصراعيها ايام نظامهم البائد.. فانشأ المدارس والمؤسسات.. ثم تنكروا له طاعة لإمام استنبول فصادىوا أمواله ومدارسه بالخرطوم.. فإسلاميي السودان شأن كاتب المقال يفضلون الإمام ذا الشوكة، ولو كان فاسقا.. لانه من يمنح العطايا.. ويفتح خزائنه لأموال السودان المنهوبة.