د.أمين حسن عمر يكتب : الحرية والقانون… الصدفة واللؤلؤة

السودان

الخرطوم : الرآية نيوز

د.أمين حسن عمر يكتب :

الحرية والقانون… الصدفة واللؤلؤة

ولأن الحرية جوهرة ثمينة فلا يُتصور إن لا يُبالغ في الاحتراز والتحوط للحفاظ عليها. لأن التفريط في الحرية تفريط في أمان المجتمع وكرامته وقدرته على العطاء والتطور والتقدم . ولذلك فإن علاقة الحرية بذريعة المحافظة عليها هي كمثل علاقة الصدفة باللؤلوة ، إن تحطمت الصدفة ضاعت اللؤلوة في امواج البحر الهادر. يلزم من ذلك أن يكون الحديث عن الحرية موصولاً دائماً بمبدأ سيادة القانون. فلا حرية في المجتمع والدولة بغياب سيادة القانون بل انما هي الفوضى والفتنة والنزاع الذي تُضاع فيه الأوقات وتُهرق فيه الدماء. بيد أن القانون ينبغي ان يكون وسيلة المشرع لحماية الحرية لا لإغتصابها أو حبسها وارتهانها. وما ينبغي أن يتوثق عليه الإتفاق فلا يشذ عنه أحد هو التسليم أن القانون يفقد مشروعيتة ما لم يحظ بمقبولية السواد الأعظم من المطلوب منهم الامتثال لنصوصه. ولا يكون ذلك ممكناً إلا بالتوافق على نظام ديمقراطي الناس فيه فيما يلي الحق والواجب سواسية مثل أسنان المشط . لا يتفاضلون بدين ولا مذهب ولا عرق ولا جنس ولا لون ولا قبيلة ولا جهة. وهذا هو معنى فكرة المواطنة وهي حقيقة أن الناس جميعاً احرار في وطن واحد يتعايشون بحرية وسماحة . ويقوم بذمتهم أدناهم وهم يدً على من سواهم ممن خاصمهم وعداهم. فكل مواطن سيد على نفسه سيد بنفسه في وطنه . ولا يتأتى ذلك ولا يتيسر إلا بسيادة قانون يتوافق عليه جميع الاحرار إلا من أبى أن يمتثل للارادة العامة . ولذلك فان الحوار الدائر الآن عن علاقة الحرية والقانون ينبغي أن يلج إلى طور النضوج والمسؤولية . وأن ينأى عن الطفولية السياسية والمزايدة الفجة.
فلا حرية بلا قانون وكل قانون انما يختصم من الحرية في ذات الوقت الذي يضمن فيه لها أن تبقى وأن تزهو وتزدهر. ولسنا نسيج وحدنا في السودان وليس يُطلب منا أن نعيد اكتشاف العجلة التي اكتشفها الأولون منذ آلاف السنين . لذلك علينا أن نأخذ بافضل الممارسات التي عرفتها الأمم من قبلنا في رسم العلاقة المثلى بين الحرية والقانون . وفي شريعتنا هوادي كثيرة مُعينة على ذلك . وفي تجاربنا السابقة خبرة مما نجح وعبرة مما أخفق او فشل ففيها المثال والأمثولة . إن خطابنا السياسي يتوجب عليه ان يرتقى من وهدة الهجاء والمراء إلى رتبة الجدل والحوار . وأن يتحلى الحوار بالنزاهة والموضوعية لئلا ينتهى الى حوار الصُم البُكم العُمى الذي لا يصل فيه منه الى الآخرصوت ولا تُبلغه منه إشارة . والله المستعان على كل حال وهو الهادي إلى سواء السبيل.

أمين حسن عمر

اترك رد