إبراهيم عثمان يكتب : غولاغ المهنيين (٢-٣)

السودان

الخرطوم : الرآية نيوز

إبراهيم عثمان يكتب :

غولاغ المهنيين (٢-٣)

▪️ سمى “تجم” زنزانته الأيديولوجية بالميثاق، وكلمة الميثاق تحيل إلى الفعل وثق وإلى الثقة والتراضي العام، فبدون الثقة لا التزام ولا قبول . والمواثيق التي يُراد لها أن تحكم البلد يجب أن تبتعد عن التطرف وألا تمثل الحدود القصوى لمواقف طرف بعينه .. ومن مفارقات ميثاق “تجم” أنهم بعد أن كانوا من أشد المعارضين لأدوار المكون العسكري في عملية السلام، أصبحوا الأكثر تمسكاً بالاتفاق الإطاري الذي وقعه البرهان مع الحلو ! ولم يكتفوا بتأييده كجند للتتفاوض فحسب، بل رفعوه إلى مرتبة الاتفاق النهائي الملزم غير القابل للمراجعة !! الأمر الذي يجعل خصمهم الأول البرهان هو حليفهم الأول، مع الحلو، في إقامة أهم أسوار الغولاغ !!

▪️ تعهد البرهان بمنع أي حزب “ذي توجه عقدي” من الحكم في الفترة الانتقالية، وتعهد بوضع المتاريس الدستورية التي تمنع توجهات الأحزاب العقدية من التأثير على السياسات حتى لو فازت بالانتخابات، متجاهلاً أن العلمانية التي يريد فرضها هي نفسها توجه عقدي، بل وتوجه عقدي أقلوي ومخالف لتوجهات الأغلبية. والرغبة في تحصينها تكشف عن قناعة بأنها لا تمثل الأغلبية وأن الانتخابات لن تأتي بها .

▪️ خطورة مسألة المبادئ فوق الدستورية التي تفرض العلمانية تأتي من أن أنها تحظى بقبول كل فرقاء الفترة الانتقالية : المجلس العسكري ممثلاً في البرهان، الحركات، قحت، وتجم ، ويزيد من الخطورة أنها لا تجد الاهتمام الكافي من الأطراف الأخرى، فالحديث عنها يأتي فقط من الأطراف المتبنية لها ..

▪️ في كتيب لحركة الحلو عن المبادئ فوق الدستورية عرَّفوها بأنها ( مجموعة من القواعد والأحكام يتم رفعها إلى مرتبة أعلى من مرتبة الأحكام الدستورية نفسها، فتكون مطلقة، ثابتة، وسامية، محصنة ضد الإلغاء والتعديل .. ) وفي تفصيل الأشياء التي يجب أن يشملها التحصين جاء ( يجب أن تكون العلمانية، وفصل الدين عن الدولة، وحق الشعوب السودانية في تقرير مصيرها متى ما رأت ذلك، وقضايا الهوية، ولا مركزية السلطة .. وقضايا أخرى من المبادئ الرئيسية التي يجب أن تكون فوق الدستور )، يُلاحَظ هنا أن الحركة تريد تحصين تقرير المصير مع العلمانية على عكس ما يزعم البرهان من أن العلمانية ستحمي وحدة البلاد، ويلاحظ كذلك أن العلمانية الرافضة لقداسة الدين، أخذت، في هذه المبادئ، قداسة الدين وإطلاقه وسموه !!

▪️ من الأمثلة التي استندت عليها الحركة لشرعنة المبادئ فوق الدستورية حكم من المحكمة الدستورية في إسرائيل حكم بغير مقتضى أحد القوانين السارية استناداً على مبدأ فوق دستوري يقول ( إن القانون الذي يُبطِل شخصية إسرائيل كدولة *يهودية* ديمقراطية هو قانون غير دستوري ) !! والحركة ترفض أن تظهر كلمة الإسلام في الدستور أو في أي قانون !!

▪️ وفي معرض رد الحركة على حجج المعترضين جاء التالي : (إن أغلب حجج المعترضين مبنية ومتأثرة بطابع سياسي وفكر أيديولوجي مسبق )، أيهما أحق بهذا الاتهام : من يقبلون برأي الشعب وآليات الديمقراطية، أم الذين يقولون إن أيديولوجيتهم يجب أن تكون فوق الدستور ؟!!

▪️ إن كان لا بد من المبادئ فوق الدستورية، فيجب أن تكون في المتفق عليه الذي يحظى بالقبول العام، والبعيد عن التحزب، ويمكن للتالي أن يشكل مبادئ فوق دستورية بديلة لمبادئ البرهان وقحت والحلو وتجم :
– وحدة البلاد .
– الحكم الديمقراطي .
– حقوق الإنسان .
– منع فرض مبادئ دستورية أو فوق دستورية بقوة السلاح، سواء أكان سلاح الأجهزة النظامية أو الميليشيات. .
– تجريم رفع السلاح ضد الدولة، وتجريم قيام فروع لحركات أو لجيوش أجنبية .
– تجريم تكوين الميليشيات مطلقاً، خاصةً القبلية والجهوية .

إبراهيم عثمان

اترك رد