الفاتح داؤد يكتب : زيارة حميدتي الي اديس ملفات ساخنة على الطاولة

السودان

القضارف : الرآية نيوز

الفاتح داؤد يكتب :
زيارة حميدتي الي اديس
ملفات ساخنة على الطاولة

رغم التسريبات الاعلامية الشحيحة التي رشحت حول طبيعة المهمة، إلا ان زيارة نائب رئيس مجلس السيادة الفريق محمد حمدان دقلو الي العاصمة الإثيوبية، قد استقطبت اهتمام الأوساط السياسية والاعلامية، نظرا لكونها أول زيارة لمسئول سوداني الي اثيوبيا، منذ بداية القطيعة السياسية بين البلدين،التي بدأت عقب إعادة انتشار الجيش السوداني في الشريط الحدودي المتنازع عليه.
كما ربط محللون سياسيون، بين زيارة دقلو الي اديس ابابا والرسائل الإيجابية أطلقها أبي أحمد ،نحو مصر والسودان فيما يخص الاستفادة من مشروع سد النهضة،و التي لم تخلو من نبرة تصالحية، أعادت الي الأذهان خطاب أحمد عشية انتخابه الأول، حيث دعا حينها الي “تصفير “عداد الخلافات ،وانهاء دوامة الحروب الداخلية والخارجية،كما دعا الي اطلق عملية إصلاح سياسي شامل في عموم القارة، كما تكتسب زيارة دقلو الي اديس ابابا أهمية خاصة، نتيجة الظروف السياسية المتشابهة عند كلا البلدين، الذان يشهدان ازمات داخلية معقدة تستدعي التعاون وأحكام التنسيق لتجاوزها ،اذ لازالت الخرطوم تعاني من مخاض انتقال عسير جراء أزمة انهيار الشراكة السياسية ،فيما بدأت اديس ابابا في تضميد جراحها بعد حرب أهلية طاحنة، دفعت عشرات الآلاف الي اللجوء صوب السودان ،كما لم تستبعد مصادر دبلوماسية في الخرطوم الربط بين زيارة دقلو الي اديس ابابا، بالحراك الدبلوماسي الكثيف الذي شهدته كلا العاصمتين في الاسبوع الماضي،الذي شهد زيارة خاطفة لمساعد زير الخارجية الأمريكي للشئون الأفريقية (مولي فيي) ، والمبعوث الجديد للقرن الافريقي (ديفيد مايكل ستارفيلد) للعاصمتين معا ،فضلا عن زيارة وفد رفيع من وكالة المخابرات المركزية للخرطوم، والذي ربما دفع في اتجاه التنسيق والتشاور لإطلاق مفاوضات سياسية شاملة بين الدولتين لمعالجة القضايا العالقة.
خاصة طبيعة تكوين الوفد المرافق الجنرال حميدتي، تؤكد سيطرة الأجندة الامنية والملفات العسكرية علي جدول أعمال الزيارة،التي استهل نائب رئيس مجلس السيادة فاتحة اعمالها،من مقر وزارة الدفاع الاثيوبي بلقاء وزير الدفاع الاثيوبي”ابراهام بلاي” وعدد من قيادات الجيش.
ووفقا لهذه المقاربة يعتقد مراقبون أن الزيارة قد دشنت عمليا لبداية تسوية سياسية شاملة”رعاية أمريكية” تسعي الي تطويق جميع الأزمات السياسية في عموم القرن الافريقي،ربما لقطع الطريق أمام تمدد النفوذ الروسي الصيني في القارة الأفريقية.
ورغم حالة المد والجذر التي طبعت مسار علاقات البلدين، ابان حقبة النظام السابق، الا ان هذه العلاقات قد شهدت نمو مطردا بعد ثورة ديسمبر، حيث مثلت اثيوبيا اول المحطات التي زارها رئيس المجلس العسكري حينها الجنرال “عبدالفتاح البرهان”لتنوير القيادة الإثيوبية بالتطورات الجديدة في السودان، وفي المقابل ساهمت القيادة الإثيوبية في نسج خيوط الوساطة بين المكون العسكري والقوي المدنية، وقد شهد ملف السياسية الخارجية ما بعد الثورة، مراجعات استراتجية كبيرة، اعتمدت على ارساء نهج جديد قوامه تغليب المصالح المشتركة ،وتبادل المنافع ،و احترام حسن الجوار.،ولكن رغم ذلك ملف الحدود يشكل العقبة الكؤود. التي ظلت تعكر صفو العلاقة بين البلدين بسبب غياب الإرادة السياسية،و الأطماع التوسعية للجانب الاثيوبي .
رغم ذلك راى محللون ان علاقة الخرطوم إدريس قد دخلت منعطفا استراتيجيا هاما في عهد ابي احمد ، الذي وضع اللبنات الاساسية لهذه العلاقة وقفز بها من مربع الشكوك والاتهامات المتبادلة، بتقويض الامن وايواء المعارضة السياسية ، الي افاق التعاون والاستقرار وبناء الثقة التي توجت بالمشاركة الاثيوبية الفاعلة، في تقريب شقة الخلاف بين العسكري والقوي المدنية ،بالتزامن جهود سابقة أفضت الي ارساء دعائم السلام في منطقة( ابيئ) المتنازع مع جنوب السودان بواسطة “القوات الاثيوبية”
أيا كانت الخلافات فإن ملف العلاقات السودانية الإثيوبية في حاجة الي مراجعة شاملة ،ومتوازنة تراعي المصالح العليا للبلاد ، تبدأ من إعادة ترسيم الحدود، وتصفية مظاهر الاستيطان الأثيوبي في عمق الأراضي السودانية ، وفضلا عن بناء استراتجية أمنية وسياسية مشتركة، تبدأ من محاربة الجريمة المنظمة ،ووقف شبكات الاتجار وتهريب البشر، والسلاح والتسلل ، لتاسيس حالة امن واستقرار نسبي يحاول مناطق الحدود الي ملاذات جاذبة للاستقرار،بما يمكن البلدين من تيسير اجراءت التنقل والحركة الاقتصاديةو التجارية،فضلا عن استفادة السودان من فائض العمالة الإثيوبية للعمل في المشاريع الزراعية،كما تقتضي الضرورة بناء شراكة استراتيجية لتعزيز مشروعات ربط البلدين بشبكة من الطرق للتواصل بين سكان الحدود، اضافة الي مشروعات الربط الشبكي للكهرياء بعد اكتمال سد النهضة الذي من المتوقع ان يحقق نموا وانتعاشا اقتصاديا كبيرا في لعموم القرن الافريقي.

اترك رد