إبراهيم عثمان يكتب : شعارات العبور إلى الهاوية

السودان

الخرطوم : الرآية نيوز

إبراهيم عثمان يكتب :

شعارات العبور إلى الهاوية

▪️ كان شعار الاعتصام الأشهر “حميدتي الضكران الخوف الكيزان”، ثم جاءت الشراكة، بعد انقشاع سحابة صيف فض الاعتصام، وكان حميدتي أكثر أعضاء المكون العسكري قرباً إلى قلب قحت، فتتالت الإشادات به، ربما للثقة الكاملة في أنه الكاره الأول للإسلاميين بين العساكر، بغبينة مستوردة من الخارج تتوفر عنده أكثر من غيره، وبالتالي أكثرهم رغبة وقدرة على ضربهم …. لا تمانع قحت في أن يكون العسكريين عامةً، وحميدتي خاصةً، عنيفين ومخيفين بشرط واحد أن يكون ذلك لمصلحتها .

▪️ عندما اختارت قحت القيادة العامة مكاناً لاعتصامها، وطلبت من الجيش أن يتولى إخراج مسك ختام “ثورتها”، كانت عملياً قد “أدت العسكر” قفاها ثقةً، ووجهها أملاً، وفعلت ذات الشئ عندما أولتهم رئاسة التفاوض مع حركات التمرد، ورئاسة آلية الطوارئ الاقتصادية، وعندما ألحَّت على بقائهم لمدة تزيد عن ضعف مدة السنتين التي اقترحوها في البداية .. وبعد الفشل الكبير جاءت قرارات أكتوبر، فجاء شعار المرحلة : “لا تدي قفاك للعسكر، العسكر ما حيصونك ” …. واحدة من مشكلات قحت الرئيسية أنها تعتقد، واهمةً، أن سياسة السواقة كما تنجح مع القطيع يمكن أن تنجح مع الأجهزة والمؤسسات والأحزاب والدول ..

▪️ أكملت قحت الشعار الأخير بـ ( بس أدي قفاك للشارع، الشارع ما حيخونك)، لا مغالطة في أن الشارع لا يخون من لم يخنه، لكن كيف يرفع شعاراً كهذا من ( أدى الشارع قفاه)، بالمعنى الأناني للتعبير، وانصرف يبحث عن مصالحه الخاصة، وعمل بعكس وعوده للشعب، خاصةً وعده بالديمقراطية واختيار الشعب لحكامه …. لا تثق قحت في الشارع منتخِباً، لكنها تريده تابِعاً تنطق باسمه وتتولى الرئاسات .

▪️ مرت مواقف قحت مما حدث في مصر بعدة مراحل، ابتداءً من مرحلة التأييد الحماسي، ثم مرحلة الأمل في سيناريو شبيه في السودان، مع تعديل جوهري، لم تطلب لقحاتة مصر مثله، يتمثل في أن يقتصر دور العسكريين على حراسة سلطتها، وتجنيبها خطر الانتخابات الطبيعية غير مضمونة النتائج لأطول فترة ممكنة، ثم جاءت مرحلة القلق من ألا يحدث هذا التعديل الجوهري كما تشتهي، وأخيراً جاءت مرحلة الذم الضمني للسيناريو المصري، والزعم بأن ما حدث في أكتوبر من العام الماضي هو تقليد حرفي له ! …. لم تكن قحت ضد ما حدث في مصر، ولا زالت لا ترفضه هناك، وهي ليست ضده في السودان مطلقاً، وإنما في حالة لم تكن جلاده الأوحد أو الأكبر ..

▪️ كان ( كل البلد دارفور ) شعاراً رئيسياً من شعارات قحت، وكان السلام إنجازاً كبيراً تتفاخر به، وكانت قرارات رفع الدعم، عندها، إصلاحاً اقتصادياً ضرورياً، لكن مع فقدانها للسلطة جمعت بين ذم اتفاقية السلام، ومعارضة رفع الدعم، ونسبته إلى د. جبريل وحده، والترويج وسط القطيع بأن د. جبريل يرفع الدعم لأسباب جهوية لا حسابات اقتصادية … يجب ألا يسعد بشعار قحتي “جميل” أحدٌ، فهي حتماً لا تعنيه عند الصياح به، وعند الحاجة ستتركه إلى نقيضه الأقرب إلى قلبها وأسلوب تفكيرها .

▪️ قبل انقلاب اللجنة الأمنية، وإجابةً على سؤال البديل، روجوا لـ “نرضى بأي بديل ولو كان الشيطان نفسه”، ولما وجدوه يسري وسط القطيع أطمأنوا على مستقبل التفاهة، واعتبروا ذلك تفويضاً لهم خاصةً، ورخصةً للاقتباس من الشيطان بلا سقوف، والآن، بعد فقدان السلطة، أصبح عملهم الرئيسي هو التبرؤ من “بعض” اقتباساتهم الشيطانية في فترة الحكم، ونسبتها إلى العسكريين، ونسبة شيطانيات جديدة إليهم، الأمر الذي يجعل الشعار الذي نال استحسانهم قاصراً عن التعبير بدقة عن المراد …. لا تقبل قحت ببديل غير شيطاني، ولا ببديل شيطاني غيرها.

▪️ قبل الحكم روجوا لـ “حكومة الجوع تسقط بس” وبعد الحكم، وما تلاه من دوس اقتصادي عنيف، جاء شعار ” الجوع ولا الكيزان”، وبلحن شايقي شجي غنى مغنيهم “الموت ولا الكيزان”، والآن بعد فقدان السلطة، يعودون، على استحياء، لذم الجوع، ولولا الحياء لقالوها مرةً أخرى “حكومة الجوع تسقط بس” …. لولا الحياء لرفعت قحت شعار ( حكومات الجوع تسقط بس إلا حكومتنا ) .

▪️ كانوا يتحدثون كثيراً عن الشباب الراكب راس و “الواعي” الذي يقود ولا يُقاد، واحتاج الأمر إلى إعادة تعريف “ركوب الراس” ليأخذ معنى شديد الإيجابية يرتبط بالفهم ووضوح الرؤية والتفكير المتقدم، لكنهم في ذات الوقت كانوا يعملون على تلقين الشباب عبارة واحدة بصياغات متعددة رسالتها النهائية “يا مهنيين لو قلتوا لينا اقعوا البحر نحن واقعين”…. إن مدحتك قحت بشئ، فثق إنها رأت عندك نقيضه الذي يروق لها، أو رأتك قابلاً للسواقة إلى نقيضه.

تباً للزيف ..
تباً للعالف والمعلوف

إبراهيم عثمان

اترك رد