د.أمين حسن عمر يكتب : الكيزان… من نحن؟؟ ( ٣)

السودان

الخرطوم : الرآية نيوز

د.أمين حسن عمر يكتب :

الكيزان… من نحن؟؟ ( ٣)

الحملة التي شنها اليسار ومن يظاهرونه من قوى إقليمية ومنظمات دولية وقنوات فضائية لتشويه الحركة لاسلامية تحت عنوان ترزيل الأخوان وتبغيض الناس في الكيزان لم تفلح في إقناع إلا أحد الشخصين شخص مليء قلبه كرها وبغضا للإسلاميين أو حتى أحيانا للإسلام نفسه وشخص آخر محل الفهم من عقله وقلبه خواء وهواء بيد أن الحملة شككت أيضا بعض من لا يعرفون التاريخ ولا يفهمون الواقع من شباب يافع ومن فئام من الناس غافلين وهؤلاء نسوق الكلام ونتجشم الجهد في التفهيم و التعريف لهم بالحركة الإسلامية و المنتسبين إليها سمهم أن شئت إسلاميين أو أخوان أو كيزان فنحن لا نتوقف عند الأسامي لأنا مقصودنا سامي يتجاوز الشكول والعناوين للمقاصد والمضامين و أن يدور سجال طويل حول الحركة الإسلامية السودانية أو الإسلاميين أمر ليس بالجديد ولا بالمستغرب، فقد ظلت الأسئلة والمساءلات تواكب الحركة منذ تأسيسها في النصف الأول من أربعينيات القرن الماضي. ذلك أن الحركة نشأت في أجواء التحدي. فالتحدي الذي جابهته لأول وهلة هو تحدي اليسار الماركسي . وقد كان في ذلك الأوان صيحة الاعتراض في وجه الاستعمار ليس في السودان وحده بل في جميع أنحاء أفريقيا . وكانت شهدت فورةً من الحماسة للتحرر في أجواء الحرب العالمية الثانية وبُعيدها. ولئن كان محموداً من اليسار أن يرفع صوت الممانعة في وجه الإستعمار فلم يكن مقبولاً منه أن يعُد التباعد عن الدين وعن الاخلاق والأعراف السودانية جزءاً من هذه الثورة. فقد أرتبط الإلتزام بالتوجه اليساري الماركسي ولا يزال بسلوكيات مستهجنة ديناً وخلقاً في السودان، وكان لابد لذلك من أن يستفز طائفة من الطلاب الذين نشأوا في أجواء دينية صوفيه . وجاء أغلبهم من المدن الصغيرة أو الأرياف . فانشأوا حركة مناهضة للاستعمار ومناهضة للتيار اليساري في آن واحد. فكانت تلك هي حركة التحرير الإسلامي في مواجهة حركة التحرر من الاستعمار الماركسية. وكان التحدي الثاني الذي واجه الحركة الإسلامية هي تحدي الأحزاب التقليدية التي نشأت على العاطفة الدينية واتكأت على ولاءات الناس للكيانات الإسلامية . بيد أنها أفتقرت هي للولاء الصادق للفكرة الإسلامية والرؤية التحررية، ولقد واجهت الحركة الإسلامية سؤالات عديدة منذ نشأتها حول أصول فكرها ومقاصد عملها وأساليب تنظيمها وتكوينها.
وظل هذا السجال دائراً داخل صفوفها وخارجها . فبناء الأنموذج الإسلامي في التنظيم وفي الدولة ظل أمراً جديداً كل الجدة بعد أن تباعدت المسافة بين التجربة الإسلامية الواقعية الحيّة وبين زماننا الذى هو عصر الهيمنة الغربية على الفكر والثقافة والحياة. وقد أجتهدت الحركة الإسلامية في السودان ما وسعها الاجتهاد لإيجاد إجابات على الأسئلة المتوالدة المتكاثرة. فأصابت أحياناً كثيرة وأخفقت أحياناً كثيرة أخرى . وهذا شأن كل مجتهد أنه يصيب ويخطيء ، وهو في كل الأحوال هو مصيب لأن الإجابة الصحيحة على كل الأسئلة هى استفراغ الوسع في فهم السؤال وفي التوصل إلى الإجابة التي تتوافق مع ظرف المحل ومنطق الوقت. ولا يزال بعض أخواننا داخل الحركة الإسلامية وممن حمل عصا التسيار بعيداً عنها وبعض أخوتنا في خارج السودان يعيبون علينا بعض أخطائنا وردنا عليهم جميعاً (من كان منكم من أهل العصمة المطلقة فليرمنا بحجر).
والحركة الإسلامية تشهد هذه الأيام حملة نكراء من خصومها ممن خرج عنها فخرج عليها يشنون عليها الحملات بخيلهم ورجلهم وكذلك من اليسار خصمها اللدود الحسود القديم اللئيم الذي يتضاءل أمامها فكراً وحضوراً. وكذلك من الأحزاب التقليدية الطائفية التي تشعبت وتقسمت وفشلت فشلاً مشهوداً في الإجابة على كل السؤالات التي طرحت في أفقها .ولو أنها أجتهدت في التساؤل والأجابة لربما لوجدت في التطور مندوحة وإلى البقاء موحدة ومتطورة وفاعلة سبيلا
وهذه الحملة التشكيكية في الداخل ومن الخارج تستوجب أن نتصدى لها بالتوضيح لمنطلقاتنا ولمقاصدنا ولتبيين أفكارنا و تجلية مواقفنا والتذكير بالتاريخ و التعريف بما لنا وما علينا . فليس كل الصف الإسلامي في مأمن من التخذيل ما لم تكن العلانية شعار أعمالنا والشفافية سمة أفكارنا ومواقفنا . وهذه المجموعة من المداخلات حول الأسئلة التي تطرح داخل الحركة الإسلامية وتطرح عليها، وهي مقاربة لهذه السؤالات بعضها من موقعي عضواً في المكتب التنفيذي للحركة الإسلامية لأكثر من خمسة عشرة عاماً . وبعضها مما أسمع وألاحظ من تجارب ومواقف الحركة الإسلامية في تنظيمها الخاص وفي الحزب وفي الدولة . وبعضها ملاحظات من تجربتي الذاتية . ولا أزعم أن هذه الأجابات هي الأجابات القاطعة النهائية بل هي مقاربات ومحاولات واجتهادات . ولربما عنّ للآخرين أن يتجشموا بعض الإجابات لبعض السؤالات كما فعلنا. وسأكون سعيداً للاطلاع على تلك الإجابات لاستدراك ما فات . ولتصحيح ما أخطأت فيه فكلنا يؤخذ ويترك مما يقول ويكتب إلا النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم فهو الشاهد الحق والمبلغ الأمين والسراج المنير والهادي إلى صراط الله المستقيم.
د. أمين حسن عمر
كتاب الحركة الاسلامية ..سؤالات وإجابات

.

اترك رد