قحت والموبقات : إغراءت التبني وإكراهات التبرؤ

السودان

الخرطوم : الرآية نيوز

إبراهيم عثمان يكتب :

قحت والموبقات : إغراءت التبني وإكراهات التبرؤ

ما من شئ تأباه الفطرة، وتعافه النفس، ويأنف منه أصحاب المروءات إلا ووجدت القحاتة يحومون حوله وهم ما بين التورط العميق، حمايةً وتشجيعاً بالتنظير والدعاية والسياسات والقوانين، والتبرؤ الشكلي، تنزيهاً للذات وصنعاً لمسافةٍ وهمية بينهم وبين تفضيلاتهم، يدفعهم إلى الأول تمسكهم بأساسيات مشروعهم، ويسحبهم إلى الثاني، على مضض، عيشهم في مجتمع يعلمون حكمه على المتورطين، وفي غالب الحالات هناك آخر غيرهم يقولون إن دفاعهم عنه لا يعني أنهم مثله، مع الحرص على التأكيد على أن هذا التبرؤ لا يعني إدانةً ضمنية للمعنيين، وإنما هو نتيجة إيمان عميق بحق “الآخر” في الإختلاف ! وكأنه لا آخر هناك يختبرون فيه إيمانهم هذا سوى من يشذون عن الأغلبية بإنحراف خاص

لكل هذا فإنه لا يسهل عليك الحماس للقحاتة ومشروعهم إلا إذا كان لديك الاستعداد الفطري لأن تقتطع من دينك ومروءتك وأخلاقك ووطنيتك ورجالتك (ترمة) جوهرية تنقلك من الرفض العفوي التلقائي إلى الصمت المتواطئ، إلى التشجيع الخجول وصولاً إلى الحماس الكبير، وإن تبنيت كل ما يتحمسون له، وطبقته بحذافيره على خاصة نفسك وأسرتك، لتنعم بحريات قحت فاجتمع لك كوكتيل تفضيلاتها، فستجتمع لك الدياثة والخيابة والعمالة والخروج على الدين والأعراف والتقاليد، وكراهية الديمقراطية وحقوق الإنسان والاحترام الحقيقي للآخر الحقيقي، مثل النماذج المشهورة من المثليين والملحدين والعملاء المتبجحين، وحينها لن تحاربك قحت ولن تسحب إعترافها بك، لكنها ستضع مسافة صغيرة بينك وبينها، وستعتبرك آخرها الصديق الذي تختبر فيه إيمانها باحترام الآخر وتمرر عبره، وتحت عنوان حقوقه، مشروعها الخاص، مع اعتذار بأن هذه المسافة يصنع الحاجة إليها تخلف المجتمع في مرحلة تطوره الحالية، ومع وعد صريح بأن المسافة ستتناقص إلى أن تزول مع مرور الوقت ورسوخ المشروع وعدم الحاجة إلى التقية ومنافقة المجتمع ..

لتتحمس إلى قحت ومشروعها ستحتاج، من بين كثير تحتاجه، إلى أقوال التبني والتبرؤ من شاكلة :
– طلبي للعقوبات على بلادي ليس خيانةً ..
– إلحاحي على زيادة تدخلات السفارات ليس عدم وطنية ..
– أملي في صلاحيات أكبر وتدخلات أعمق للبعثة الأممية ليس بيعاً للسيادة ..
– وقوفي ضد الشريعة ليس رفضاً مطلقاً لها ..
– دعمي لمناهج القراي ليس اعتناقاً للفكر الجمهوري ..
– دفاعي عن الإلحاد والملحدين والردة والمرتدين ليس كفراً ولا حباً في الكفر ..
– دفاعي عن “الحريات الإنجابية” لا يعني تشجيعي لمحارمي بالتمتع بها ..
– تأييدي لتفكيك الأسرة لا يعني أن أسرتي مفككة .
– استحساني لشعار ( عذريني ليست شرفي) لا يعني تشجيعي لقريباتي بالتهاون في الحفاظ على عذريتهن ..
– ضيقي بالحشمة ليس حباً في التعري ..
– تأييدي لإباحة الخمور لا يعني تعاطيَّ لها ..
– دفاعي عن “الحريات الجنسية” ليس حباً فيها ولا تشجيعاً لأهلي بالتمتع بها ..
– تأييدي للربا لا يعني رغبتي الشخصية فيه ..
– تأييدي لتسمية الأبناء ثمرة العلاقات المتعددة محهولي الأب بأسماء أمهاتهم لا يعني أنني أريد هذا الحق لقريباتي ومحارمي ..
– رفعي لشعار الجوع ولا الكيزان لا يعني دفاعي عن الجوع ولا أن يكون هذا هو النهج الدائم للشعب مع حكوماته ..
– ترديدي لشكراً حمدوك لا يعني تطبيلي للمسؤولين ..
– تأييدي للدوس نهجاً للتعامل مع المخالفين لا يعني عدم إيماني باحترام الآخر ..
– طلبي عدم إعطاء الانتخابات أهميةً كبيرة لا يعني عدم إيماني بالديمقراطية أو عدم ثقتي في الفوز ..

والقائمة طويلة ويجمع بينها الحب المركوز للموبقات من كل صنف ولون مع وضع مسافة صغيرة هي مسافة التبرؤ في مجتمع محافظ لا يبيع دينه ولا يساوم على وطنيته ولا أخلاقه وقيمه وتقاليده ومبادئه .

إبراهيم عثمان

اترك رد