د.أمين حسن عمر يكتب : الكيزان من نحن (22)

السودان

الخرطوم : الرآية نيوز

د.أمين حسن عمر يكتب :

الكيزان من نحن (22)

سؤالات الاقتصاد المهمة

ينتمي غالب الاسلاميون للشرائح الفقيرة من المجتمع ويأتي عدد مقدر منهم من الأرياف لذلك هم يعرفون الفقر والفقراء ويرتفع لديهم حس التعاطف مع الفقراء ولكن عندما أتيحت للاسلاميين فرصة تأسيس مؤسسات اقتصادية إسلامية كان التركيز فيها على تجنب المخالفات الظاهرة للشريعة الإسلامية . مثل محاربة الربا وتجريمه وتحريمه ، أو منع المعاملات المحرمة شرعاً .

ولم تكن الرؤية المقاصدية هي الرؤية التي تهدي التفكير والتصرف لدى الطائفة الأكبر من الإسلاميين في السودان. ونقصد بالرؤية المقاصدية ما يريد الشارع أن يحققه من خلال النظم والسياسات الاقتصادية، وليس فقط ما يجب أن يتجنبه خلال مسعاه لتحقيق تلك المقاصد .

ولأجل سياقة الأمثلة فقط ينشأ السؤال عن مقصد منع تراكم المال في أيدي القلة ليكون دولة بين الأغنياء ، ما هي السياسات والتدابير التي يتوجب أن يتبناها الدستور أو القانون أو السياسات العامة لتحقيق هذا المقصد؟ كيف يُعبر عن ذلك المقصد في النظام المصرفي الإسلامي؟

كيف يمكن أن يجري تيسير وصول التمويل وخدمات الضمان والائتمان للفقراء بدلاً عن ان تكون حكراً على الأغنياء فحسب (15%) فقط هم من يتعاملون مع المصار ف في السودان وأقل من ثلثهم هم من يحظى بالتمويل وغالب هؤلاء من أصحاب الدثور والأموال الطائلة لقدرتهم على تقديم الضمانات اللازمة) .

لاشك أنه ومؤخراً جداً بدأ التفكير في الاستفادة من إستراتيجية التمويل الأصغر لتمويل الفقراء، ولكن هذه الفكرة أهتدى إليها وتحمس لها السياسيون أكثر من المصرفيين. وعلى الرغم من تجارب الدكتور أحمد النجار في بنوك الفقراء في مصر إلا أن الأنموذج السائد في المصرفية الإسلامية كان هو أنموذج البنك التقليدي اللاربوي.

ومثال آخر هو الزام المجتمع بمحاربة الجوع إلى درجة أن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول “إيما أقل عرضة باتوا ومنهم أمرؤ جائع فقد برئت منهم ذمة الله وذمة رسوله” فمقصد الدين أن لا يتساكن الجائع والمتخم في مكان واحد . فكيف يعبر عن هذا المقصد في الدستور والقانون والسياسة العامة. كيف يضمن المجتمع أن لا يجوع أفراده تحت مرأى ومسمع أغنيائه في ظروف السعة والضيق على حدٍ سواء .

وهذه الأسئلة تطرح قضية الضمان الاجتماعي وشبكات الأمان الاجتماعي التي جعل القرآن الزكاة أنموذجاً لمؤسساتها الاجتماعية فكيف يمكن ان تتطور رؤية الضمان الاجتماعي من خلال الزكاة ومن خلال مؤسسات الضمان الاجتماعي الأخرى؟

مؤخراً أجازت الحكومة الإنقاذ استراتيجية مرحلية لمكافحة الفقر أشتملت على أفكار ومفاهيم لمكافحة الفقر . بيد أن القضية من الناحية الفكرية وفي الجوانب التشريعية والسياسية لا تزال تحتاج إلى تداول كبير وبلورة لرؤى وسياسات تهدي تصرف الدولة والمجتمع في مواجهة أكبر المشاكل التي تواجه بلادنا وهي مشكلة الفقر وآثارها في تكريس التخلف الإجتماعي والاقتصادي.

د.أمين حسن عمر
كتاب الحركة الاسلامية السودانية..سؤالات وإجابات

د.أمين حسن عمر يكتب : الكيزان من نحن (21)

تعليق 1
  1. […] د. أمين حسن عمر كتاب الحركة الاسلامية السودانية ..سؤالات وإجابات د.أمين حسن عمر يكتب : الكيزان من نحن (22) […]

اترك رد