د.أمين حسن عمر يكتب : مصابيح التنوير…شخوص ورموز

السودان

الخرطوم : الرآية نيوز

كان الإستاذ محمد يوسف محمد ثاني أثنين أسسا الحركة الإسلامية في جامعة الخرطوم عام 1949 والأول وقد ذكرناه آنفا وهو الإستاذ بابكر كرار، والإستاذ محمد يوسف يحكي عن تأسيس الحركة تحت مسمي حركة التحرير الإسلامي فيقول: كانت الفكرة الأولى في حنتوب وقد أوحى بها لهما دكتور الصائم محمد إبراهيم فقررا التعرف على التنظيمات في المدرسة وكان أول التنظيمات الجبهة المعادية للإستعمار واجهة الحزب الشيوعي لكنه يقول أن طرحها اللاديني لم يعجبهما بعد حضور محاضرات عديدة بالمدرسة ثم لما جاؤا للجامعة كانت سلوكيات الطلاب الشيوعيين دافعا لهم لإنشاء جبهة معادية للإستعمار لا تعادي الدين:
لكن عندما شعر الشيوعيون أن هناك تحركا جديدا وسط الطلاب سارع الشيوعيون بشن حملة إعلامية ضد هذا التنظيم ونشروا في جرائد الحائط في الجامعة مقالات مطويلة تحذر الطلبة من هذا التحرك الجديد.
وأطلقوا عليه (حركة الإخوان المسلمين) وكانت آنذاك حركة الإخوان في مصر تواجه هجمة شرسة وقد حلت الجماعة وأغتيل مرشدها الإمام حسن البنا ووصفت بالتخلف والإرهاب فكان من الصعب علينا مهاجمة ألأخوان لكننا لم نرد ننسب للإخوان المسلمين ورغم نفينا لأى علاقة بالإخوان ورغم أن البيان الخاص بإنشاء التنظيم يوضح عدم العلاقة بأي تنظيم خارج السودان فإن الحملة الشيوعية إستمرت على حركة يرونها خطرا قد يسحب البساط من تحت أرجلهم وفي أول مؤتمر للحركة إنفصل بابكر كرار من الحركة وأنشأ الجماعة الإسلامية لكي ينأى بحركته عن ألأخوان الذين كان يراهم حركة يمينية محافظة وأصبح محمد يوسف هو أقدم الأعضاء وأبرزهم مع حسن الترابي والرشيد الطاهر و يوسف حسن سعيد والطيب صالح و ميرغني النصري وآخرين.
وقد الاستاذ محمد يوسف ﺑﻤﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﺒﺎﻭﻗﺔ ﺑﻘﺮﻳﺔ ﺍﻟﺠﻮﻝ ﻋﺎﻡ 1932 .
وقد ﺩﺭﺱ ﺍﻟمرﺣلة ﺍﻷﻭﻟﻴﺔ ﺑﻤﺪﻧﻲ
ﻭﺇﻟﺘﺤﻖ ﺑﺎﻟﻤﺪﺍﺭﺱ ﺍﻟﻮﺳﻄﻰ ﻟﻴﻜﻤﻠﻬﺎ ﺑﺄﻡ ﺩﺭﻣﺎﻥ ﻭﻳﻤﺘﺤﻦ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺜﺎﻧﻮﻱ
ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﺛﻢ ﺇﻟﺘﺤﻖ بﻣﺪﺭسة ﺣﻨﺘﻮﺏ ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ ﺍﻷﺭﺑﻌﻴﻨﻴﺎﺕ . وﺃﻟﺘﺤﻖ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ
1949 ( ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﻴﺔ )و ﺗﺨﺮﺝ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺎﺭﺱ1955
ﻋﻤﻞ ﺑﻌﺪ ﺗﺨﺮﺟﻪ ﻓﻲ ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺛﻢ من بعد في ﺍﻟﻤﺤﺎﻣﺎﺓ ﺣﻴﺚ ﻧﻘﻞ قاضيا ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺑﻴﺾ ﻭﻷﻧﻪ ﻛﺎﻥ ذا ارتباط بقضية التحرر من الإستعمار و ﺑﺎﻟﻨﺸﺎﻁ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ، إﺳﺘﻘﺎﻝ من القضاء ليتجهﺇﻟﻰ ﻣﻬﻨﺔ ﺍﻟﻤﺤﺎﻣﺎﺓ وتدرب أولا في مكتب الراﺣﻞ ﺃﺣﻤﺪ ﺍﻟﻌﺘﺒﺎﻧﻲ ثم صار شريكا له من بعد . وقد كان عضوا بالجمعية التأسيسية البرلمان في الفترة 1965 _ 1968 وقد ﺗﻮﻟﻲﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻨﺎﺻﺐ ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﺘﺄﺳﻴﺴﻴﺔ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ
ﻣﻦ 1986 ﻡ – 1989 ﻡ وتولى رئاسة البرلمان في 1988حتى 1989.
كان الإستاذ محمد يوسف رقما ذا إعتبار في كل مجال نشطت فيه الحركة الاسلامية فهو من المؤسسين لﻣﻨﻈﻤﺔ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ عند ﻗﻴﺎﻣﻬﺎ ﻓﻲ 1980 ﻡ ﻭمن المؤسسين للمركز الإسلامي الإفريقي ثم ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺃﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ، ومن من أسسوا ﺑﻨﻚ ﻓﻴﺼﻞ
ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻭ كان من ﺍﻟﻤﺴﺎﻫﻤﻴﻦ ﻓﻴﻪ ﻭﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻛﻴﻦ ﻓﻲﺇﺩﺍﺭﺗﻪ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ، ومن المؤسسين لشرﻛﺔ ﺍﻟﺘأﻣﻴﻦ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ أول شركة تأمين إسلامي في العالم و ﻛﺎﻥ ﻣﺴﺎﻫﻤﺎً ﻓﻴﻬﺎ
ﻭﺭﺋﻴﺴﺎً ﻟﻤﺠﻠﺲ ﺇﺩﺍﺭﺗﻬﺎ ﻭﻣﺴﺘﺸﺎﺭﺍً ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺎً ﻟﻬﺎ، ﻭكذلك كان من المؤسسين لجمعية ﺍﻟﻬﻼﻝ ﺍﻷﺣﻤﺮﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻥ ﻋﻀﻮﺍً ﻓﻲ ﻟﺠﻨﺘﻬﺎ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳﺔ ﺛﻢ ﺭﺋﻴﺴﺎً ﻟﻬﺎ فيما بعد
وقد ﻓﺘﺢ ﺍﻟﺮﺍﺣﻞ ﻣﺤﻤﺪ ﻳﻮﺳﻒ ﺑﻴﺘﻪلإخوانه ﻛﺎﻓﺔ في كل ﺟﻤﻌﺔ فكان منزله محفلا منتظما يرﺗﺎﺩﻩ
ﺑﺼﻮﺭﺓ ﻣﻨﺘﻈﻤﺔ مجموعات ﻣﻦ ﻗﻴﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ وشبابها
وقد ﻇﻞ الإستاذ الراحل كذلك يفتح مكتبه لشباب الحركة فتدرب في مكتبه عدد كبير من المحاميين صار بعضهم شركاء له من بعد ومنهم الإستاذ على عثمان محمد طه النائب الأول الأسبق لرئيس الجمهورية والأستاذ الراحل فتحي خليل نقيب المحاميين لدورات عديدة ووالي الولاية الشمالية حتى وفاته، وظل الإستاذ محمد يوسف في دائرةالفعل النشط ﻓﻲﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ حتى وفاته في نوفمبر 2010 ﻡ ﻓﻲ ﺇﻳﺮﻟﻨﺪاحيث ذهب للعلاج.
وقد كان الإستاذ محمد يوسف طوال حياته عنصر تلاقي وتصافي في الحركة الإسلامية التي إعتبرها أبنه الأول قبل أنجاب الأبناء ، وكان يختار الأيسر من الأمور والأوفق منها دائما وظل محبا لإخوانه منافحا عنهم في كل موقف ورغم أنه عاش عشرين عاما في سلطة الانقاذ فقد نأى بنفسه عن المواقع السياسية والمناصب الحكومية وأكتفى بدور المستشار الموقر والناصح الأمين. رحم الله الإستاذ محمد يوسف فهو أحد أثنين وضعا حجر الأساس لبناء إسلامي متين تطاول بين البني الإجتماعية والسياسية وحجز له مكانا بارزا في تاريخ السودان، مكانا لا يماري فيه إلا مكابر حقود لدود.

اترك رد