د.أمين حسن عمر يكتب : “رحلة البحث عن سلام” طريق السلام من مشاكوس إلى الدوحة (1)

السودان

الخرطوم : الرآية نيوز

د.أمين حسن عمر يكتب :

رحلة البحث عن سلام

طريق السلام من مشاكوس إلى الدوحة (1)

السلام والأمان صنوان فالأمان أمان من كل خطر يتهدد الإنسان من نقص في إحتياجاته الحيوية أو تهديد لحياته ممن هو سواه. وأما السلام والسلم فمن السلامة من الضر والأذى. والسلام معنى عام يكتنف علاقة الإنسان بالأكوان والموجوادات وهو أن تسلم من الإنسان ويسلم منها. ولذلك فأن السلام هو الميثاق الأعلى بين الموجودات في الوجود وهو أسم الله الذي تعرف به للأنس والجن. و هو أسمه (السلام). والسلام هوأمر الله للإنس والجن أن(أدخلوا في السلم كافة).

و المسلم هو من أسلم وجهه وأمره لله فلم يعاند سننه الوجودية ولم يخالف تعاليمه الحكمية . و المسلم هو من سلم غيره من أذاه فسلموا من يده ولسانه. و المسلم هو من كانت علاقته بكل ما سواه علاقة سلمية تقوم على فهم الطبائع والعلائق و تقوم على الحب. وكان سيدى رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول أحد جبل يحبنا ونحبه وكان صلى الله عليه وسلم يعطف على الطير في وكناتها وكان البعير والشجر والجذع والحصى تحن إليه صلى الله عليه وسلم.

فالسلام للمؤمن هو حالة إيمان وحالة إسلام وكما أن الكفر مفارقة لصراط الإسلام وكما أن المعصية مخالفة لفطرة الإنسان فأن الحرب مخالفة للفطرة السوية السلمية في علائق الأكوان التي فطر الله سبحانه وتعالى عليها الأشياء. ورغم أن للجهاد بالنفس والمال مرتبة سامية عظيمة فأن ذلك لا يعني أن للحرب هي الأخرى مرتبة عظيمة. فحالة الحرب لا تفرض على المؤمن إلا إكراها وشعار المؤمن الدائم هو كلمة أبن آدم هابيل لأخيه قابيل (لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين). بيد أن ذلك لا يعني أن تمدد عنقك للقتل بغير مدافعة ولا ألا تبذل غاية جهدك في رد عدوان لم تكن أنت من بدأه أول مرة (فمن إعتدى عليكم فأعتدوا عليه بمثل ما إعتدى عليكم وأتقوا الله وأعلموا أن الله مع المتقين ) لكن المسلم لا يبدأ بعدوان قط ذلك لأن (الله لايحب المعتدين) فالجهاد مع عظم مرتبته هو بذل الجهد لدفع عدوان وليس أبتدارا لعدوان تحت أيما عنوان.

هذا هو ما نؤمن به وهذا هو ما يدفعنا لاستفراغ الجهد فكرا وبذلا وعملا لجعل خيار الحرب مستبعدا بالردع (وأعدوا) والردع هو طريقة الإسلام لمنع الحرب بالتذكير بكلفة العدوان الباهظة. و بصيانة حالة السلم بالتواصل والتحاور وبناء المصالح المشتركة والإعتمادية المتبادلة. وفي الحلقات القادمات من هذه السردية سوف أقص رحلة البحث عن سلام دائم وطيد في السودان كما قرأت ورأيت وسمعت لكن كل ذلك من خلال مسموعاتي المباشرة أو مشاركاتي في التهيئة للسلام من خلال الأوراق أو المنتديات أو المؤتمرات ومن خلال جولات المفاوضات بخصوص جنوب السودان في نيجيريا وكينيا ويوغندا وليبيا و تنزانيا و أثيوبيا ثم من خلال المفاوضات بخصوص دارفور في نيجيريا وتشاد وليبيا و تنزانيا ويوغندا ومصر وقطر و الأمارات العربية المتحدة.

وكذلك جولات الحوار مع الأطراف الأخرى وحاضنيهم في أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وأسبانيا والسويد و سويسرا.
وسردية البحث عن سلام سردية طويلة.

والحديث عن السلام ذو شجون وحواشي ومتون. ولقد ظل كثيرون يدفعونني دفعا لأبدأ تدوين مذكراتي وملاحظاتي عنها وكنت أنكص عن ذلك نكوص العازف والخائف لأسباب عديدة وأولها أن الرحلة لم تك قد بلغت وجهتها النهائية وثانيا لأن تحري الحقائق والوقائع يقتضي جهدا كبيرا من المراجعات والمذاكرات التي ماكان الوقت يتسع لها لكن ها وقد وضعت عن أكتافنا أوزارا ثقالا وأعباء مبهظة فأدخرنا جهدا وكسبنا وقتا لم يكن متاحا من قبل فلربما نتشجع في تذكر وقائع هذه الرحلة التي كتب علينا أن نمشيها في خطوات متثاقلة أحيانا ومتسارعة أحيانا وكما قال رجل فاضل من قبل مشيناها خطى كتبت علينا ومن كتبت عليه خطى مشاها.

نواصل بإذن الله

د.أمين حسن عمر

اترك رد