إبراهيم عثمان يكتب : بين تأجيلين

السودان

الخرطوم : الراية نيوز

إبراهيم عثمان يكتب :

بين تأجيلين

أسرفت قحت قبل وفي بداية توليها السلطة في الوعود، وفي معظمها عملت بنقيض الوعد، لم يحدث ذلك من باب التجربة والخطأ أو المحاولة والفشل، لكن من باب التعمد، ومن ذلك قرارات الدوس الاقتصادي ( رفع الدعم، الجمارك، الضرائب، الرسوم .. إلخ) ..

لكنها أعلنت منذ البداية تأجيل وعدين : العلمانية، والانتخابات :
⬅️ بالنسبة للعلمانية كان وعد التأجيل صريحاً، وبأوضح العبارات لأنهم كانوا على قناعة بأن الشعب يحتاج لمثل هذا الوعد بالتأجيل .
⬅️ وبالمقابل كان حديثهم عن الانتخابات سلبياً، وفي سياق التحفظ والتشكيك والرغبة في التأجيل المتكرر، لأنهم كانوا على قناعة بأنهم يحتاجون إلى هذا التأجيل .

⬅️ بالنسبة للعلمانية كانوا يريدون أن يستفيدوا من الفترة الانتقالية الطويلة لقطع أكبر شوط في تطبيقها، ولهذا تشددوا في رفض فترة السنتين التي اقترحها المجلس العسكري، وأرادوا مضاعفتها، وفتحها لتمديدات متكررة ..
⬅️ وبالمقابل كانت الفترة الانتقالية الطويلة والمفتوحة للتمديدات هي فرصتهم لتأجيل الانتخابات لأطول فترة ممكنة ..

⬅️ كانوا يستبطنون القناعة بأن العلمانية مرفوضة شعبياً، وأن الإلغاء أو التأجيل لحين حسم الأمر بالصناديق هو رغبة شعبية، ولهذا لم يحتاجوا إلى البحث عن حجج تسوِّغ التأجيل ضد حججهم الأصلية التي تدعم العلمانية، وإنما أطلقوه كتعهد منهم بأن يتنازلوا، مؤقتاً، عن مشروعهم ..
⬅️ بالمقابل كانوا يعلمون أن الشعب يرغب في اختيار ممثليه، وأن تأجيل الانتخابات يأتي على خلاف رغبته، ولهذا كانوا يجتهدون في تجميع الحجج التي تسوِّغ التأجيل ..

⬅️ منذ اليوم الأول لتسلمهم السلطة بدأوا في النكوص عن وعدهم بتأجيل العلمانية، لأن التأجيل لم يكن رغبتهم بل رغبة الشعب، وبدأوا يتحدثون عن الحجج التي تفرض تطبيقها، وذهبوا بعيداً في التطبيق ..
⬅️ وبالمقابل استمروا في الطرق على مسوِّغات تأجيل الانتخابات وتعلقوا بأي حجة مهما تهافتت، لأن الرغبة في تأجيل الانتخابات هي رغبتهم لا رغبة الشعب، ولا زال التأجيل بنداً أساسياً في مفاوضاتهم المباشرة مع السيادي أو تلك التي يقودها فولكر ..

إذن هناك تأجيل نكصوا عنه فوراً لأنه كان وعدهم للشعب، ونكوصهم عنه لا يشذ عن سائر ( نكوصاتهم) بخصوص بقية الوعود التي تخص الشعب ومعيشته وخدماته وسائر احتياجاته، وهناك تأجيل يتمسكون به حتى الآن وسيظلون، لأنه رغبتهم الخاصة التي تجنبهم امتحان القبول الشعبي .. لهذا، ولكثير غيره، دخلت كلمات القطيع والعلف والسواقة إلى القاموس السياسي وأصبحت مفاتيح إصطلاحية من يجهلها سيكون أمياً تماماً فيما يخص سياسة القحط أو قحط السياسة ..

تباً للزيف ..
تباً للعالف والمعلوف

إبراهيم عثمان

اترك رد