جدلية الدين ام الدولة…ملاحظات حول ما طرحه د. ناجي مصطفي بدوي

السودان

الخرطوم : الرآية نيوز

جدلية الدين ام الدولة…ملاحظات حول ما طرحه د. ناجي مصطفي بدوي

أبدي رأيا ليس هو بالضرورة بالمناقض لما أدلي به الاخ الدكتور ناجي متسائلا عن الدين والدولة أيهما أكثر عموما : الدين أم الدولة ، ومن المسئول عن إقامة الدين ، وما هي وظيفة الحزب السياسي في دولة المسلمين المعاصرة ، ثم هل يجوز التسمية للبعض من المسلمين للتحدث باسم المسلمين. ولكنه مبين لبعض المعاني التي وردت في مذكرته ، متوافقا مع كليات المقاصد الشرعية التي أشار إليها.
وهذه الأسئلة تنبع من واقع معاصر يعيشه المسلمون في بحر مائج من الدعاوي الفكرية والسياسية والثقافية التي غمرت الأرض شرقيها وغربيها تدعمها منظمات وجماعات وجمعيات ، وتسندها دول بالمال والإعلام والحرب النفسية ، وفي مجملها تستهدف الدين الإسلامي من بين الأديان ، وتسعي للهيمنة عليه بالوسائل العلمية وباستخدام التقنية وتسعي للإحاطة بمراكز القوة فيه وتبديل غاياته ومقاصده الكلية سعيا لمحوه من الوجود لكونه المهدد الأول لاستمرار النهج الحداثي الكفري السلطوي ولضمان تمتع تلك القوي بالنعيم الدنيوى وبلا منازع ديني .
في رأيي أن الدين أشمل من الدولة . فإنما سميت الدولة باسمها الذي يحمل عنصر فنائها. فالدولة دانية وزائلة بانتهاء أجلها المعلوم أو المخبوء. وستخلفها دولة أخرى أيضا بأجلها .ومن أجل ذلك يقول الله عز وجل ” وتلك الأيام نداولها بين الناس . وفي الفقه السياسي يتفق أهل الديمقراطية علي تداول السلطة سلميا . أي أن الدولة الحاضرة ستدول بالمعاركة السلمية وتدول معها رؤاها وافكارها وخططها لتخلفها دولة أخرى لها قناعاتها ورؤاها.
وأما الدين فإن رسالته واحكامه وقيمه ومبادئه لا تتأثر بزوال دولة كانت تنادي به ولا بموت مؤمن ولا بكفر كافر وإنما هو تكليف خالد باق ما بقي الدهر وشاهد علي كل حي من البشر وعلي كل مولود يولد وحجة علي كل جيل ينشأ ، ودعوة للكافة ما بقي في الأرض إنسان مكلف. فإذن الدين اكثر عموما من الدولة من هذه الناحية.
أما المسئول عن إقامة الدين فهو الفرد المؤمن وأيضا الجماعة المسلمة. فالفرد مسئول بمفرده عن كسبه في الدين كما ورد في سورة الإسراء. وإنما جاء التكليف للجماعة في كل آيات الأحكام لأن الفرد بقدراته المحدودة لا يستطيع إقامة الدين كله في المجتمع ، ولا يتم إقامة الدين إلا باجتماع المكلفين وتعاونهم وتناصرهم. ولهذا نظم الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم الجماعة المكلفة في حياته وقاد بهم معركة التغيير الكبري وترك هذا الأثر في سيرته لمن بعده. ومن هنا تنبع أهمية تنظيم الجماعة المسلمة . ولكن هذا التنظيم طوعي لا إكراه فيه . وتزداد مهمة التنظيم في عصرنا لأن عدونا منظم تنظيما محكما. وهو في تنظيمه قد حدد غاياته من محو الإسلام ووسائله المتشعبة لتحقيق أهدافه .وبقي علينا واجب إقامة تنظيم مقابل له في أرض المعركة ومدافع عن رسالة الدين التي هي واجب كل مسلم. فإذا اختار بعض المسلمين النأي عن التنظيم جهلا بها أو تكاسلا عنها فواجب قيام البعض بها قد يعذر الباقين، ولكن تركها يطال إثمه الكافة لأنه قعود عن الواجب. ولا يتسمي التنظيم باسم المسلمين جميعا ولكنه يتسمي باسم الناضهين منهم لآقامة الدين . وهو ليس محجورا علي مسلم ولا ينبغي ، ولكنه قائم علي الطوع والاختيار . ويمكن أن تتعدد التنظيمات بتعدد الوظائف ما دامت كلها اختيارية. ومن هنا يمكن للحزب السياسي الإسلامي أن ينهض بأعباء السياسة ما دام ملتزما بأصولها الإسلامية والله أعلم.

احمد ابراهيم الطاهر

اترك رد