إبراهيم عثمان يكتب : نفككه طوبة طوبة .. بالسلاح لا بالعنف !

السودان

الخرطوم : الراية نيوز

إبراهيم عثمان يكتب :

نفككه طوبة طوبة .. بالسلاح لا بالعنف !

ما من داعٍ إلى باطل إلا وزاد باطله وضوحاً إذا اضطر، تحت ضغط قبحه الشديد، إلى التبرؤ منه، ذلك لأن التبرؤ لن يكون كاملاً ولا خيراً محضاً وسيمتلئ بالأكاذيب والفضائح الإضافية من جنس ذلك الباطل الأصلي، إذا كان الباطل المعني ليس هامشاً، ولا انحرافاً عن خطة حق، وإنما هو المشروع في أصله، بل وفي مثاله الأكمل ونجاحه الأكبر .. من أوضح الأمثلة على ذلك ما جاء في التوضيح الذي كتبه د. محمد جلال هاشم بخصوص ما سماه “سيناريو شرق إفريقيا”، والمقصود به اجتياح حركة تمرد للعاصمة وحل كل الأجهزة النظامية وإعادة تشكيلها من قواتها ومن تختارهم من عناصر الأجهزة المحلولة.

▪️ كرر د. جلال عدة مرات قوله إنه لا يؤمن بالعنف، ولا أدري ما هو تعريفه للعنف إذا كان يعتبر التمرد ورفع السلاح خارج هذا التعريف !يقول ( أعداء الثورة يستثمرون في الجهل الناجم عن انحسار مد التفكير النقدي )، لا أدري ما هو ذلك العلم والتفكير النقدي الذي يجعل الناس يصدقون أن التمرد ورفع السلاح ليس عنفاً ، وأن نشر الفيديو الذي ينبه لمثل هذا السيناريو الشرير إنما يمثل استهدافاً (للثورة) لا يأتي إلا من أعدائها ؟

▪️ إذا تجاهلنا نبرات صوته، وطريقته في التعبير التي تدل على إيمان عميق بهذا السيناريو، وتجاهلنا التصفيق الحار من الحاضرين، وسلمنا له جدلاً بأنه كان يحلل ويتنبأ ويدعو إلى أخذ الحيطة والحذر من المغامرين الموتورين الذين يفكرون أو يخططون لمثل هذا السيناريو ، فما هي الجهات التي يتوقع إنها ستنفذ هذا السيناريو ؟ أليست الحركة المتمردة التي ينتمي إليها ويفاوض باسمها من بينها ؟ ألا يمثل هذا السيناريو حلمها الذي لا يمنع تحققه إلا العقبات العملية ؟ ..

▪️ لماذا لم يطلق أي حكم قيمة سلبي على من يفكرون في مثل هذا السيناريو، لا في المحاضرة، ولا في التوضيح، إن كان فعلاً لا يؤمن بالعنف، وإن كان غرضه التنبيه لمغامرتهم المرفوضة ؟

▪️ هل يوجد في عقيدة حركتي الحلو وعبد الواحد أو غيرهما، أو لنقل في قواعد الاشتباك المعتمدة لديها، ما يمنع اجتياح المدن بما فيها العاصمة إن تيسر لها ذلك ؟ وإذا حدث هذا هل سيقف د. جلال ضده ؟ هل وقف ضد ( التمرين ) الذي قامت به حركة العدل والمساواة والذي ضجت القاعة بالتصفيق عندما أتى على ذكره ؟

▪️ يقول د. جلال ( التشويه تقوم به جهات كيزانية بعينها *”تخشى مما أنبّه له”) و ( كل هذه الحملات من قبل خفافيش السياسة لأنهم، أولاً، “يشعرون بأن هذا التحليل يذهب في اتجاه ليس في صالحهم”. ثانياً، لأنهم يخططون لضرب قوى الثورة ممثلةً في لجان المقاومة … إلخ)، أنظروا كيف يراوغ الباطل صاحبه ويأبى أن يفارقه حتى وهو يتملص منه،، فإذا كان يريد من تحليله هذا أن ينبه للخطر الذي لا يريده فلماذا هذه التسمية لمن يوافقونه في رفضه ؟ أليس في هذا دليلاً كافياً على أنه كان يدعو ويتبنى ويشجع بقرينة أن المتضرر الأول هو خصمه كما يقول؟! وكما يقال فأنت لا تستطيع أكل الكيكة والاحتفاظ بها في ذات الوقت، وفي هذه الحالة لا يستطيع إقناعنا بأنه كان ينبه ويحذر من وقوع الشر، واقناعنا في ذات الوقت بأن أكثر الناس تنبهاً له هم أشرهم !!

▪️ يقول د. جلال ( ما أقوله هو تحليل، دون أن أدعو له. أي أنني هنا ألعب دور جماعة الأرصاد والنشرة الجوية، فهم إذا حملوا لك أخباراً سيئة، فهذا لا يعني أنه يتمنونها لك )، وهذا تشبيه مدلس، فجماعة الإرصاد ليس من بينهم من يقول ( ما لم يهتم الناس بأمر المناخ فسوف ندمر السودان و”نفرتكه” طوبة طوبة بالأعاصير والزوابع والأمطار والفيضانات حتى لا تقوم له قائمة ) كما قال د. جلال في دفاعه عن مشروعه العلماني ،ولا يملكون أصلاً التهديد بشئ كهذا، وليس لهم مصلحة سياسية أو غيرها في حدوثه، وليس لهم خصم يعتبرونه المتضرر الأول ..

▪️ إذا كان يعتبر أن من نشروا الفيديو مغرضين، رغم إنهم نشروه للغرض الذي قال إنه كان أساس حديثه، أي التنبيه لهذا الشر العظيم، لماذا لا يقوم هو – أو لجان المقاومة التي يتمسح بها ويحشرها في الموضوع – بنشر المقطع الكامل الذي يوصل رسالة التحذير من هذه الحركات المتمردة الشريرة التي تفكر في مثل هذا السيناريو الشرير ، ويبرئه من تأييده ؟

▪️ اشتكى د. جلال من محاولات لإلصاق وصمة الشيوعية به، وكأن حركته المتمردة بريئة من الوصمات بحيث يحتاج خصومها إلى استلاف الوصمة لها من الشيوعي، فموضوع التوضيح هذا نفسه يثبت ألا حاجة لهذا، إذ يحاول الدكتور أن يتبرأ من العنف الذي هو النشاط الرسمي للحركة ، هذا إضافة إلى النزعة الجهوية والعنصرية، والرغبات الانفصالية، والارتباطات الخارجية وغيرها مما يُنظر إليه كوصمة..

▪️وطبعاً كالعادة، وبالخيانة الكاملة للعلم والتفكير النقدي، ودون تقديم أي دليل بحجم الدعوى، وعلى طريقة رمتني بدائها وانسلت ختم توضيحه الفاضح بـ ( إن الكيزان يخططون لمجزرة غير مسبوقة في تاريخ السودان الحديث. لماذا ؟ كعربون صداقة للانقلابيين بعسكرهم وجنجويدهم ومليشياتهم وهبوطهم الناعم. ولكني أرى، فيما يرى النائم، أن تخطيطهم هذا سوف يبوء بالفشل المبين، ثم إنه سوف يرتدُّ عليهم فتكون نهايتهم، ذلك عبر بحور من الدماء هي ما نخشاه ونحذر لتجنبه، ولن يصيب المكر السيء إلا أهله ) .. من الواضح أن هذه الفقرة تحمل التهديد لا التنبيه، وما يقول إنه رآه فيما يرى النائم ربما كان خطة يخططونها من أجل عنف واسع النطاق يتخلصونه عن طريقه من خصومهم ويحملونهم مسبقاً مسؤولية ابتداره ..

إبراهيم عثمان

اترك رد