الأوضاع في الشعبي: الحال من بعضه !!

السودان

الخرطوم : الراية نيوز

العبيد أحمد مروح يكتب :

الأوضاع في الشعبي: الحال من بعضه !!

أتابع، ويتابع الكثيرون غيري، تطورات الأوضاع داخل حزب المؤتمر الشعبي، وهي وإن كانت بالنسبة لي أوضاع تدعو للحزن والإشفاق فقد تدعو آخرين للفرح أو للشماتة، كل بحسب المنظور الذي يرى به الأحداث والوقائع.

غير أني أود في هذا التعليق أن أتجاوز التفاصيل الوقتية للحدث، وأحاول النظر إلى الصورة الكلية له، والصورة الكلية التي أراها صورة يمكن أن تنطبق عليها جميع الأوصاف السالبة، فهي صورة محزنة ومثيرة للقلق وربما اليأس من إصلاح منظومتنا السياسية والاجتماعية وحتى الاقتصادية !!

*المؤتمر الشعبي* نفسه هو نتاج حالة انقسام تعرضت له الحركة الإسلامية السودانية، هو الانقسام الثالث، إن لم يكن الرابع، فقد انقسمت الحركة في أول عهدها حول طبيعة علاقتها بتنظيم الإخوان المسلمين فخرج منها مؤسسون ليكونوا الحزب الاشتراكي الإسلامي، وانقسمت في أوائل ١٩٦٩ فخرجت منها مجموعة محمود بُرات ومحمد صالح عمر، وانقسمت في أوائل الثمانينيات فخرجت منها مجموعة الصادق عبد الله عبد الماجد والحبر يوسف نور الدائم، التي احتفظت بإسم الجماعة، ثم انقسمت في ١٩٩٩ فخرج المؤتمر الشعبي !!

ولم يسلم الجناح السياسي الآخر للحركة الإسلامية (المؤتمر الوطني) من الانقسام، فقد خرجت عنه مجموعة *الإصلاح الآن* ومجموعة *منبر السلام العادل*، وهو -الوطني- الآن قريب من انقسامات أخرى إن لم يتداركه عقلاؤه وتلطف به الأقدار.

ظاهرة الانقسامات السياسية الأميبية، كما أسميتها في مقال سابق، ليست حكراً على التيارات والأحزاب الإسلامية، فقد شملت الحزبين العريقين، الأمة والاتحادي، وشملت الحزب الشيوعي وحزب البعث وشملت حتى أحزاباً مجهرية كالحزب الناصري والحزب الجمهوري، وشملت “حركات الكفاح المسلح”، والمشهد السياسي الماثل اليوم لا يحتاج إلى كثير شرح. وحين يتأمل المرء في هذه الظاهرة يجدها ليست حكراً على السياسة، فهي تمتد، كما أشرنا، لتشمل الثقافة والإعلام والاقتصاد !!

أنظر مثلاً إلى الفِرق الغنائية والمسرحية (عقد الجلاد وفرقة الأصدقاء، مثلاً) كيف بدأت كل واحدة منها متجانسة بتنوع أفرادها وكيف انتهت منقسمة، وانظر إلى المشروعات الصحفية التي نجحت في بدايتها كعمل تشاركي، وكيف انتهت إلى مشروعات أفراد، وانظر إلى الشركات الخاصة التي نجحت حينما كان الآباء المؤسسون على قيد الحياة وكيف انتهى بها الحال بعد أن تقاسمها الأبناء كورثة، وإلى حال شركات المساهمة العامة. أليست هذه كلها ظواهر تستحق الدراسة المعمقة للبحث في جذورها التاريخية وأسبابها الاجتماعية ؟

لا أريد أن أستبق أي جهد علمي يمكن أن يتصدى لدراسة هذه الظاهرة المقلقة، لكني أود التنبيه إلى ضرورة البحث في مدى قدرتنا كسودانيين على “العمل الجماعي” أياً كان نوعه، فأنا أميل إلى الاعتقاد بأن هذه خاصية سلبية في الجينات السودانية، وأعتقد أن علاجها ممكن.. ولكن!!

اترك رد