هيثم محمود يكتب : جلسات (الظار).. دستور يا اولاد ماما

السودان

الخرطوم : الراية نيوز

هيثم محمود يكتب :
جلسات (الظار).. دستور يا اولاد ماما

اذكر حينما كنا صغارا في مدينتنا الوادعة بارا كانت في حلتنا إمرأة تدعي (عاجبة) اشتهرت بأنها شيخة تدق الزار او (الظار) وكانت النساء ياتينها من كل حدب وصوب ل(لنزول) ومن المعروف أن المرأة المصابة ب(الظار) تظهر عليها أعراض المرض والأرهاق والركلسة وعدم الاستقرار وتعكر المزاج (كالذي يصيب بلادنا الآن).

عند قدومهن للشيخة عاجبة يتحلين بكامل زينتهن من دخان وحناء وبخور وكبريت ويرتدين أجمل الثياب وأحيانا ثيابا غريبة حسب رغبة (الظار) فهنالك النمر الذي ترتدي صاحبته جيبة وطاقية نمرية مبرقعة وهنالك ازرق الذي ترتدي صاحبته جلباب ازرق ومليليك وسلطان الحبش الذي يختار بريتسية حمراء بحمالات وطربوش، أما كافر يوت فترتدي صاحبته بدلة كاملة وطربوش أحمر وتكون مسيطرة على حلقة (الظار).

عند قدومهن للشيخة عاجبة لجلسة (الظار) ينحرن الذبائح ويجلبن العطور والبخور والمكسرات وتسبقهن الشيخة عاجبة بتنظيف المنزل وتهيئته وفرشه في اجمل حلة بالاضافة لتجهيز و(تحمية) الدلاليك والشتم وتحضير الرق.

تبدأ حلقة (الظار) في منتصف النهار بعد شرب القهوة الحبشية بطقوسها وبخورها وتنزل (المدسترات) واحدة تلو الاخرى بعد اخذ الاذن من الشيخة التي توسوس في اذن من توجهها بالنزول ويرقصن بطريقة هيستيرية تكاد تتطاير معها رقابهن وتقوم بعضهن بشرب (فتيل) او زجاجة عطر كاملة (ريفدور أو فلير دمور أو صاروخ).

ومعنا بعض الصغار كنا نتسسل خلسة لحضور جلسة (الظار) ومشاهدة النزول وكانت تنزل نساء وقورات لم نعهد عليهن طرب ولم نسمعهن يوما يزغردن في مناسبة، الغريب في الأمر أن بعض من يتصادف مرورهن بشارع عاجبة ويسمعن الدلوكة ينزلن ويتمتمن بكلمات غير مفهومة ثم يسقطن على الأرض ويتم حملهن للشيخة عاجبة التي تقوم بعمل طقوس محددة من بينها البخور العدني، بعدها (يصحصحن) ويتمنين بعض الأماني ويطلبن العديد من الطلبات باسم (الظار) ليصبحن بعدها زبونات لعاجبة يشاركن في الجلسة القادمة.

الوضع السياسي في السودان يشابه حلقة (الظار) تماما فالضيف والارهاق وتعكر المزاج ينتاب كل الشعب ولكنه يحتاج ل(شيخة) كاربة ف(كافر يوت) او فولكر يسير لأشهر بين كل قادة الأحزاب الذين يشابهون نساء (الظار) يريدون النزول في الحلقة ولكن تعجز الشيخة تنفيذ طلباتهم وتعتبرها مستحيلة.

اترك رد