إبراهيم عثمان يكتب : عن التزوير كمشروع !!

السودان

الخرطوم : الراية نيوز

إبراهيم عثمان يكتب :
عن التزوير كمشروع !!

▪️أن يحظى مشروع جماعةٍ ما بأقل حديثها بما يقترب من تجنب ذكره أمام الجماهير تماماً، كما يفعل العلمانيون، فهذا بمثابة اعتراف موثق بقبح المشروع، اعتراف معمَّد بكل سلوكيات أهل القبائح الساعين لسترها !

▪️وأن تعتقد هذه الجماعة أن الأقوال أشد فضحاً من الأعمال، فتعتقد أنها تستطيع أن تقلل من الأقوال إلى الحد الأدنى ، وتمضي في الأفعال إلى الحد الأقصى، دون أن يلحظ الناس ذلك، فهذا يحمل من سوء الظن بعقول الناس ما يجعل كلمة “السواقة” تقصِّر عن وصفه !

▪️ أن يبدأ التزوير عند جماعةٍ ما من عنوان مشروعها، كما هو الحال في مصطلح  “الدولة المدنية” كتسمية يظن العلمانيون إنها ألطف من تسمية “الدولة العلمانية”، فهذا يدل على أن التزوير سيصبح عندهم حاجةً وجودية ومنهج حياة وجزءاً أساسياً من المشروع ، ليواكب تفاصيل عمليات العلمنة، ليطلقوا على كل منها تسميةً تزويريةً بديلةً !

▪️ العلمانية مشروع جذري  حاد القسمات لا يقبل، عند التطبيق، أنصاف المواقف وأرباعها، وحتى إن قبلها اضطراراً، فإن ربع الموقف العلماني له من الشذوذ ما لا يخفى على أحد إلا إن كان قد قرر التغافل وخداع الذات، ولهذا فإن التسميات التجميلية البديلة لا تفعل شيئاً في ستر القبح بقدر ما تفضح أصحابه وعلمهم بقبحه وحاجته إلى التغطية !

▪️ الغرض التزويري لمصطلح “المدنية” يفضحه ما تم خلال الفترة الانتقالية الأولى من خطوات علمنة صريحة بعد شهور  من ترديد الهتاف الببغائي “مدنيااااو” الذي اختفى فجأةً  أيام الحكم ولم يعد بعد السقوط !!

▪️ ويزيد التزوير فضحاً عدم قيام أصحاب المصطلح بتعريفه وشرحه، وتبيين صلته أو عدم صلته بالعلمانية، وعدم توضيح ما إذا كان يمثل درجةً من درجات التنازل  عن العلمانية، وبالتالي يلزمهم توضيح أسباب التنازل ومدى انعكاسه على التطبيق، أو لا يعني هذا، وبالتالي يلزمهم شرح سبب اختيارهم للتسمية البديلة مع تطابق محتواها مع التسمية الأصلية !

▪️ إن كان المصطلح قد جاء  نتيجة تسوية اضطروا إليها لوجود حزب الأمة بينهم، فكان المتوقع أن تتسرب مناقشات ما قبل التسوية  إلى الرأي العام، وأن يخاطب حزب الأمة جمهوره والرأي العام بخصوص هذه التسوية، وما يحمله هذا المصطلح من معنى لديه، بما يجعل الحزب بعيداً عن تهمة العلمانية إن كان لا زال يراها تهمةً .. وأن تفعل الأحزاب العلمانية شيئاً مماثلاً بما يبرئها أمام جمهورها من تهمة بيع العلمانية، أما ألا يحدث كل هذا،  فله دلالاته العميقة، وبالتأكيد لن تكون مشاركة  حزب الأمة في التزوير أخطرها !

▪️ لو قدَّم العلمانيون ، خلال فترة حكمهم، فيما يخص الديمقراطية وحرية المعارضة وحقوق الانسان والشفافية وحكم القانون، والاستعداد للانتخابات ما  يساوي ما قدموه في العلمنة وتعديلات القوانين والسياسات ( ربا وخمور وتعري وردة وإلحاد .. إلخ)، لجاز للناس أن يتهموهم فقط بالغرض التزويري لاستخدام مصطلح الدولة المدنية، ولرأوا في حكمهم ملامح تعريف للمدنية على النمط العلماني الغربي، أما وإنهم لم يفعلوا، فهذا يؤكد أن التزوير مضاعف ويقوم على خداع للشعب بهذا المصطلح، وعلى تزوير المعنى الغربي للمدنية/ العلمانية، وأنها  لا تعني عندهم شيئاً أكثر مما يصادم الدين مباشرةً !

▪️ أن تعتمد الدول الغربية المتدخلة في الشأن السوداني هذا التعريف الرث للمدنية الذي لا يقترب من شروط مدنيتها/ علمانيتها، فهذا يثبت نفاقها، ويثبت أن  التغاضي عن مخالفة الشروط هو ثمن التبعية والعمالة !

▪️ أن يتبرع من يُفترَض بأنه من أكثر الأطراف رفضاً للعلمانية، وبالتالي يُفترَض أن يكون من أكثرهم رفضاً للتسميات التزويرية البديلة، أن يتبرع بنفي صلة مصطلح “الدولة المدنية” بالعلمانية، وبصناعة تخربج له يجرده من كل محمولاته ويصفه بأنه مجرد مقابل للعسكرية فقير أو خالٍ  من أي مضمون عدا هذه الضدية للعسكرية، فهذا يدل على إرادة قوية للمساهمة  النوعية في مشروع التزوير !

▪️ وأن يتبع التخريج  المضحك بحديث عن التحفظ فهذا يدل على الرغبة في إرضاء العلمانيين بالتخربج التزويري،  و”خم” عضوية الحزب  بالتحفظ الباهت الذي يأتي في جملة معترضة وسط جمل الدفاع  !!

▪️ وأن يصمت أصحاب المصطلح فلا يصادقون على التخريج ويؤكدون صحته، ولا ينفون صحته، ولا يناقشون التحفظ وما إذا كان هناك ما يستدعيه أو لا، فهذا يدل على علمهم بالطبيعة التزويرية للتخريج والطبيعة “الخمية” للتحفظ !

▪️ وأن يشقى صاحب التحفظ بكل من يشاطرونه التحفظ والرفض، ويعتبر رفضهم “الجدي” تشويشاً  على موقفه، فلهذا دلالته العميقة التي تثبت أن تحفظه مجرد ماكياج خاص لعضوية حزبه، وأنه شريك أساسي وأصيل في مشروع التزوير !

إبراهيم عثمان

اترك رد