دكتور ياسر أبّشر يكتب : من يُخرجنا من ” الهاوية ” ؟؟

السودان

الخرطوم : الراية نيوز

دكتور ياسر أبّشر يكتب :

من يُخرجنا من ” الهاوية ” ؟؟

بعد فشل محاولة الجبهة الوطنية للاستيلاء على السلطة عام 1976 المشهورة بالمرتزقة ، إلتقى السيد الصادق المهدي بالنميري سراً ومن وراء الجبهة الوطنية في مدينة بورتسودان وبحث معه موضوع المصالحة الوطنية.

لما علم الشريف الهندي بالسر الذي أخفاه الصادق عنه وعن كل قيادة الجبهة غضب غضباً شديداً . وفي خطاب مشهور له هاجم الهندي هذا الفعل هجوماً شديداً ، ووصفه لقاءه بالنميري بفعل ” العاهرة ، هي في أحضان رجل و، وأذنها مع الطارق ”

لم يحدث في تاريخ السودان أن أسيئ للجيش وسُبّ : ” معليش معليش ما عندنا جيش ” ، وسُبّت الشرطة ” كنداكة جات بوليس جرى ” ، وشتم رجال الأمن بأنهم ” أولاد حرام ومغتصب نساء ” إلّا في عهد البرهان . بل وصل الأمر إلى درجة ضرب الضباط و أن ” يلكّزهم ” صبية ، ويقتل ضباط الشرطة وجنود من القوات النظامية في قلب الخرطوم . ولم تحدث مثل هذه الكوارث إلّا في عهد البرهان .

وبكل أسف انتهكت كرامة الجندية وديس على شرفها العسكري والقائد لا يحرك ساكناً . وشتم مَنّاع المشكوك في نزاهته البرهان ، وتوعّده الشافع عروة بالسجن ، وهدده كبير اللصوص وجدي صالح في لقاء شهير !!! وضباط الجيش يرون كل هذه الإهانات تُلقى على قائدهم وهو يتميزون غيظاً وألماً وحرُقة .

لكن من ناحية أخرى شوف ماذا فعل البرهان مع الذين لم يبادروه بعداء :
نحت ( Coined ) بروفسير غندور مصطلحاً جديداً في علم السياسة حين قال أن الإسلاميين سيكونون : ” معارضة مساندة ” Supportive Opposition . أي أنهم سيتصرفون بمسؤوليه ، فالمعارضة لديهم لا تعني الاعتراض الأعمى على الخصم السياسي ، كما ظل يفعل كل معارضيهم منذ قيام الإنقاذ وحتي اليوم

لذا عجبت من الموقف الذي ظل عدوانيا من البرهان تجاههم منذ أن نصبوه هم رئيساً على المجلس العسكري ، وظل يُعرّض بهم ويهددهم بغير مناسبة ، ولم يجابهوه بمثل ذلك . لذا شعرت بأنه يظلمهم ويهينهم ، وهذا ذكرني بما قاله مفخرتنا نيلسون مانديلا :
” ليس حراً من يهان أمامه إنسان ولا يشعر بالإهانة ” .

من أسوأ ما صنعه البرهان هو تسييس الدعم السريع ، بعد أن كان مجموعة عسكرية تحت سيطرة البشير تماماً رغم تجاوزات قام بها . البرهان هو الذي فتح الباب لحميدتي ليدخل المجلس السيادي ، وحوّله لسياسي يفتي في الصغير وفي الكبير ، وجعله نائبه رغم أن الوثيقة الدستورية ليس فيها منصب نائب .

أنفق حميدتي وعبدالرحيم ملايين الدولارات في افساد الحياة السياسية .. اشتروا بها ذمماً لا تُحصى ولا تُعد ، وحتى أطفال السودان يعلمون ذلك ، لكن قائد البلد يضرب صفحاً عن كل هذا الفساد والإفساد. حتى قيل في مجالس المدينة أن حميدتي ” كاسر عينو ” لأن أموال الإمارات له تأتيه عبره !!!

ثم تمدد الدعم السريع عسكرياً وأصبح له مصدر تسليح خارجي مفتوح . ولم يعترض البرهان رغم علو صوت قيادات الجيش. بل إن البرهان سمح له بأسلحة ثقيلة تزوده بها الإمارات ، والجيش معترض . والدعم السريع حرٌ الآن يجنَد متى شاء وأنّى شاء !!! وثَمّة حديث عن مدرج طائرات للدعم السريع في دارفور ، وحديث عن درونز Drones !!!
أليس هذا كافياً للإقناع أن البرهان يدخر الدعم السريع ليحميه يومَ كريهةٍ وسدادِ ثغرٍ ضد الجيش ؟؟؟

القائد الحق هو الذي يقود بالمثل والقدوة والاحترام . واذكر أن رئيس جامعة أمريكية كان يقول :
” يمكنك التفريق بين متنمرٍ وقائد بالنظر للطريقة التي يتعاملون بها مع معارضيهم في الرأي ”
“You can tell a bully from a leader by how they treat people who disagree with them.”
ولكنك يا سيدي الفريق لم ترعَ تقليداً ولم تُوقّر كبيراً ولم تحفظ عهداً ولم تمثّل قدوةً ، من تقاليد وعهود القوات المسلحة الراسخة لعقود ، وبرهان ذلك يا برهان أنك :
– سمحت لحميدتي أن يستجوب الفريق هاشم عبدالمطلب .
– وأن ترمي بقادة كبار كانوا قادتك في الجيش كالفريق أول صديق عامر واللواء حسن ضحوي و اللواء عبدالمنعم شقلة وآخرين في مخافر الشرطة مع تجار المخدرات ، وترفض أن تحاكمهم المحاكم العسكرية . وتحاكمهم في ما يعرف بمحكمة الكنغر Kangaroo Court ، لا تحترمهم و توقرهم ولا تُجري عليهم تقاليد القوات المسلحة .
– وفعلت فعلَتك المخجلة مع البشير ، وهو الذي كان قائد الجيش. وعبت أشد العيب حين تركت زوجته ” يملطشها ” صعاليق ، ورميت بها في قسم الشرطة حيث لا دورات مياه للسيدات ، حتى فسدت كليتها. أين تقاليد الجيش الراسخة هنا ، بل أين الرجولة والمروءة وتقاليد أولاد البلد !!!؟؟؟؟
ما فعله البرهان أو وافق عليه إزاء زوجة البشير ، ترفع عنه كفار قريش يوم حاصروا بيت النبي يوم الهجرة فرفضوا أن يتسوّروا بيته حتى لا يقال ” تسورنا الحيطان على بنات العم في خدورهن ” لأنهم تمتعوا ببقية من رجولة ومروءة .

يعرض البرهان أمن البلد القومي لخطر ماحق . فالبرهان يتصرف بلا عقل أو رويّة. يقول حكيم الصين الذائع الصيت صون زو Sun Tzu ” إذا حاصرت جيشاً فاترك له مخرجاً ، ولا تتطرف في ضغط عدوٍ يائس ”
When you surround an army, leave an outlet free. Do not press a desperate foe too hard.
لكن البرهان يُمعن في ظلمه للإسلاميين ويتطرف ويِوئسهم في تعدي صريح على صحيح القانون وقواعد العدالةً .
والغريب أنه يُقرّب عرمان ورهطه الذين كانوا يقاتلون الجيش مع قرنق ، واليوم يقول الشيوعي دكتور محمد جلال هاشم أنه يريد أن يزحف بجيش على الخرطوم في تكرار لتجربة شرق افريقيا . أيِّ عقل هذا !!!؟؟؟ جليٌّ أن البرهان لا يعرف أن القيادة ليست هي أن تكون مسؤولاً ، بل هي أن ترعى من أنت مسؤول عنهم : Leadership is not about being in charge . Leadership is about taking care of those in your charge. فلو أنه يرعى مسؤولياته لما ساءت الحالة المادية للضباط والجنود . ولو كان يقوم برعاية المؤسسة لما فصل تسع من ضباط طائرات أبابيل ، وهي كفاءات نادرة يخافها حميدتي ، ولما استجاب فمرر كشوفات حميدتي والتي بموجبها تم فصل مئات الضباط . ولو كان مهموماً بأوزار السيادة والأمن القومي لما سمح لإسرائيل بتفتيش التصنيع الحربي ، في سابقة لم تحصل في العالم .

في ظل البرهان يوزع حميدتي أرفع الرتب العسكرية لشباب دون الثلاثين وبلا أدني تأهيل في العلوم العسكرية ، وليمارسوا تجاوزاتهم داخل الجيش وخارجه . وفي ظل البرهان يتبني حميدتي وثيقة تسييرية المحامين التي تدعو لتفكيك الجيش وتشريد كفاءاته ليصبح الدعم السريع شوكة في خاصرة الجيش ويتحول قائده ل “حفتر ” جديد .
أثبت البرهان عملياً أنه يقدم رضى الأجانب على رضى شعبه. وحتى عدوانيته تجاه الإسلاميين يمكن تفسيرها بتهافته على رضى الغربيين .
هذا الرجل يقودنا لتفكيك السودان طوبة طوبة كما يخطط العدو ويجتهد لذلك .

الحُكم لدي البرهان هو وجاهاته وامتيازاته ، مؤتمراته ولقاءاته بالرؤساء ، وليس همومه ومسؤولياته . والحكم لديه نجاته وخلاص نفسه ، واكتساب رضى الغرب وسفرائه. البرهان في أحضان السفير الأمريكي وإذنه مع بن زايد . لك الله يا وطني !!!

ياسر أبّشر
———————————
9 نوفمبر 2022

اترك رد