دكتور ياسر أبّشر يكتب : كوزا نسترا (Cosa Nostra) والبرهان

السودان

الخرطوم : الراية نيوز

دكتور ياسر أبّشر يكتب :

كوزا نسترا (Cosa Nostra) والبرهان

توجد عصابات مافيا في كثيرٍ من البلاد. ففي اليابان مثلاً توجد عصابة مافيا خطيرة وثرية تسمى الياكوزا. لكن المافيا اليابانية لم يبلغ صيتها ما بلغته المافيا الإيطالية.

نشأت المافيا الإيطالية الأشهر في باليرمو في جزيرة صقلية. ومع تنامي الهجرة الأوربية إلى أميركا، هاجر الصقليون إليها، وهناك أنشأوا عصاباتهم، ونقلوا تقاليد وقوانين عمل وتراتبية هذه العصابات التي كانت في صقلية.

وكان تنظيم المافيا الصقلية هذا يقوم على تراتبية Hierarchy يرأسها من يسمي دون Don أو بوس Boss أو العرّاب Godfather، وهو الذي يحدد تقسيم الغنائم الناتجة عن كل جريمة على أعضاء العصابة، وفقاً لدرجاتهم وأدوارهم. وتحته مستشار Consigliere، لكن ليس لهذا المستشار سلطة اتخاذ قرار، ثم يلي الدون في السلطة نائبه Underboss ويكون hبن الدون ثم يأتي كابتن Capo وأحياناً عدة كباتن يكونون عادةً أبناء الدون، وتحت هؤلاء جنود، وفي آخر الهرم يوجد منتسبون يكونون أصدقاء للمنظمة يعينونها أحياناً.

تعرف المافيا في صقلية باسم Cosa Nostra وتعني: “الشيء أو الأمر الخاص بنا”.

من أهم قوانين المافيا هو ما يعرف بقانون الصمت Omertà Code، والذي تكون نتيجة خرقه بالتحدث عن نشاط عصابة المافيا هو القتل. وعادة يضعون حجراً أو قطعة قماش على فم من أفشى الأسرار بعد قتله.

تعمل عصابات المافيا في الدعارة والمخدرات والابتزاز، وتحتكر أعمالاً مثل نظافة المدن وتجارة الأسلحة والتوظيف في بعض الوظائف والعطاءات الحكومية.
وفي أميركا كانت نيويورك هي المركز لأكبر عصابات المافيا، كما اشتهرت شيكاغو بسيطرة عصابة آل كابوني Al Capone، التي أفشلت تطبيق الحكومة الأمريكية لمنع الخمر المشهور ب Prohibition في أميركا، في عشرينيات القرن العشرين واضطرتها لإلغائه بإباحتها للخمور مجدداً إلى يومنا هذا.

ويدار السودان الآن بواسطة مافيا. الدون أو البوس الذي بيده القرار لدينا هو السفير الأمريكي أمّا من يتولى وظيفة المستشار فهم العملاء من قحت بما فيهم جناح مريم المنصورة. هؤلاء يتيحون المعلومات ويستفيدون من الغنائم. أما مساعد الدون فهم سفراء بريطانيا والإمارات والسعودية. ويتولى البرهان ويليه حميدتي دور الكابتن الذي ينفذ ما يقرره الدون (السفير الأميركي). أمّا جنود مافيتنا فهم شخصيات تثير الأسى والاشمئزاز في نفوس السودانيين. هم أضراب خالد سلك وياسر عرمان وطه عثمان إسحق والواثق البرير وآخرون.

ولأن عصابة المافيا تنظيم مغلق، فالدخول إليه أمر في غاية الصعوبة، ويحدد الدون/ العراب شروط ومؤهلات من يُسمح له بالدخول. وحتى الآن لم يُقبل طلب مبارك الفاضل للتوقيع على الاتفاق الإطاري. ولم يُسمح له بالاطلاع على الاتفاق. رفض الدون دخوله، وسيرفض دخول آخرين.

تدير هذه المافيا السودان بتطبيق صارم لقانون الصمت Omertà Code، وأقوى دليل على ذلك إخفاء الاتفاق الإطاري والإعلان السياسي. لم أترك إنساناً ظننت أنه على علمٍ بهما، فلم أجد من يدلني على الاتفاق الإطاري أو الإعلان السياسي. الوثائق مخفية عن الذي يهمه الأمر وهو الشعب السوداني. ولعل الذين اطلعوا عليها هُددوا بعاقبة خرق قانون الصمت الذي تطبقه المافيا!!!

ويبدو أن الكابتن البرهان جاءته توصية من العرّاب بتسهيل حصول مساعد العراب الإمارات على بعض الامتيازات، فمكّنها من ميناء أبو عمامة على شاطئ البحر الأحمر واستثمارات في المعادن في البحر الأحمر والشمالية إضافة لأربعمائة ألف فدان للزراعة. وجرى هذا ولم يُعلنه الكابتن إلّا عند توقيع وزير المالية عليه. ليس ثمة مجلس وزراء ناقش القرار، ولا يوجد برلمان يُجيز الاتفاق كما هو الإجراء القانوني في كل العالم. وكل هذه الإجراءات العلنية ممنوعة بنص “قانون الصمت” Omerta Code.

كابتن مافيتنا البرهان يجيد المراوغة والمزاوغة، ويجيد التلاعب بكثيرين بالخداع والتصريحات المتناقضة، مستغلاً ذاكرتنا السمكية، فتصريحاته في الحطاب وفي المرخيات تختلف عن تصريحاته أمس في المعاقيل.
مرة ً يدعم قحت المركزي ثم ينقلب عليها بقرارات 25 أكتوبر، وتارة يقرب قحت التوافق لكنه ما يلبث أن يستبدلهم بقحت المركزي المعدّلة ويوقع معها اتفاقاً سرياً، بموجب قانون الصمت. لكنه في المعاقيل أمس يقول إنه غير ملتزم به، وغداً سيِسمعنا موقفاً محيراً آخر. وهكذا يجب على من يعمل مع المافيا أن يكون حربوية وذا قدرةٍ على التّمِلِّص والمرواغة وحتى أن يكذب، حتى لا يؤاخذ باقتراف الجرائم.

البرهان ينظر للسودان ككوزا نونسترا Cosa Nostra “الأمر الذي يخصنا”، كل شيء في السودان يخصه هو، ومن ثم فليس من حق من يعنيهم الأمر وهم نحن أهل البلد أن نسأل، وليس يهمه هو أن نعرف، وإن سألنا فنحن نتدخل ونتحشّر فيما لا يهمنا!!! وغالباً هذه هي تعليمات الدون ومساعديه، للكابتن البرهان.

ياسر أبّشر
———————————
15 ديسمبر 2022

اترك رد