محمد طلب يكتب : الهمباتة و 9 طويلة والهمباتة الجدد

السودان

الخرطوم : الراية نيوز

محمد طلب يكتب :

الهمباتة و 9 طويلة والهمباتة الجدد

لن اخوض كثيراً في ثقافة (الهمبتة) وتفاصيلها وادبها وشعرها واعلامها وعلو شانهم وقصصهم وحكاياتهم وما نسجه الناس حولهم من بعد ذلك من (اقاويل) وربما (اساطير) ثم توبتهم و اوبتهم للصواب وكل تلك (الفنتازيا) وما الي ذلك من سلبيات وربما ايجابيات علي قلتها ان وجدت… فقط اشير الي ان المصطلح مأخوذ من مفردة (النهب) مع التقديم والتاخير في الحروف الوارد في اللغة العربية وسوف تظهر الكلمة في بقية المقال بالادغام مثلما ننطقها وكما هي بالعنوان(همباتة)

كما احث علي المحافظة علي هذا الارث التاريخي للمقاربة والمقارنة والتقييم في رحلة صناعة التغيير وليس للاحتفاء بمثل هذا السوء وهو موجود في تاريخ كل الامم دون استثناء والتي استطاعت بعض شعوبها تجاوزها والارتقاء بنفسها وتقدمت كثيراً و سوف نتعرض لها في مقالات قادمة ان شاء الله

غالباً نجد ان التبرير المصحوب لعمليات النهب و(الهمبتة) والدفاع عنها مبني علي فكرة (اعادة توزيع الثروة) وهي فكرة قديمة واحد مرتكزات الفكر اليساري الا ان الغريب في الامر معظم من يدافعون عن (الهمبتة) (ممن اعرفهم) ينتمون لليمين.. وسوف اكون حذرا في تسمية الاشياء والافراد والكيانات بهذا المقال و لا شك للقارئ فطنته

اثار هذا الموضوع جدلاً واسعاً عندما اثرته باحد القروبات التي تضم لفيف من الشعراء والادباء والاعلاميين والتشكيليين والموسيقيين والنسابين والباحثين وحاملي الدرجات العلمية الرفيعة حتي كاد ان يطيح بعضويتي في ذلك القروب الجميل بذات طريقة( الهمبتة) واستخدام القوة و(سلطة الاشراف)
الا ان بعض الادباء والحكماء كان لهم قول جميل و ادانة لفعل السرقة القبيح كما تحفظوا ورفضوا مقارنة (الهمبتة بتسعة طويلة)

ولعل ما اثار غضب الكثيرون هو محاولتي واسئلتي الباحثة عن اجابة لاوجه الشبه و الاختلاف بين فعلين في زمنين مختلفين وايجاد رابط بينهما وهما ظاهرة (الهمبتة) القديمة وظاهرة( ٩ طويلة) الجديدة (لنج)… استشاط البعض غضباً ورفض رفضاً باتاً الجمع بين الظاهرتين.. ووصفوا الهمباتة باولاد القبائل و بوجهاء القوم ومن سادتهم ووووو……….
بينما ٩طويلة عكس ذلك تماماً ويصفون الهمبتة بانها عادة عربية قديمة ارتبطت بصعاليك العرب بينما يرفضون تماماً الربط بين الظاهرتين و يصرون علي محاكمة كل ظاهرة بزمانها وظروفها رغم تشابه الفعل وهو السرقة وصلاحية الكتاب لكل زمان ومكان والحكم الواضح ان اتخذناه حكماً…. وذهب البعض الي ان ارتباط (9 طويلة) بما يحدث في الدول الافريقية َمتناسين اننا( من قلب افريقا) كما تغني محمد وردي

من جانبي ادين بشدة ما يعرف( بتسعة طويلة) مثلما ادين الهمبتة وكل الادب المرتبط بها كما ادين الاحتفاء الكبير بها وتسخير الاعلام والاقلام للاحتفاء بها
واحسب ان الهوة السحيقة التي تتجه نحوها البلاد مردها بطريقة او اخري هو (الهمبتة)… وتضخيم الانا والقبيلة والاحتفاء المبالغ به في الادب الشعبي والدوبيت ولعلنا نلاحظ ذلك في اشعارهم التي تحتفي بمفردات (انا) و( نحن) التي تعبر عن الفردية والمجموعات الصغيرة وانتقل ذلك للمؤسسات التي يفترض ان تكون قومية وظهر ما اسميه (ادب الكاكي) وما الانقلابات العسكرية المتكررة منذ الاستقلال الي اليوم الا نوع من انواع (الهمبتة) وعمليات يقودها ما يسمونهم وجهاء (الهمباتة) وكذلك عمليات الفساد المالي والاخلاقي في مؤسسات الدولة ما هو الا عمليات (همبتة) حديثة يقودها الوجهاء وابشع عمليات( الهمبتة) قادها الاسلاميون في انقلاب ٣٠ يونيو المشئوم والتي ادت الي ما نحن عليه الان
ومثلما يبرر البعض ان (الهمباتة) يسرقون من الاغنياء ليوزعوا علي الفقراء اي (اعادة توزيع الثروة) هو ما جعل جملة( تقسيم السلطة والثروة) هي الحاضرة في كل طاولات (الهمبتة) الحديثة..
والحركات المسلحة وغيرها من الحركات المدنية والاحزاب في بلادي ما هي الا عمليات( همبتة) ترتكز علي ذات القاعدة (اعادة توزيع السلطة والثروة) التي اضحت حاضرة علي الطاولة السياسية مع بعض المقبلات.

اظن اننا في حاجة ماسة لعلماء وباحثين لدراسة هذه الظواهر بحيادية وبث الوعي بصدق في الاجيال القادمة والكشف عن الضبابية والبعد عن ازدواجية المعايرة وتقييم الاشياء وتجريدها والاعتراف بالاخطاء هو الخطوة الاولي لتصحيحها….
وقبل ان اختم مقالي انقل لكم مداخلة لاحد حاملي الدرجات العلمية الرفيعة عند اثارتي هذا الامر في القروب

*سعدنا دوما بملاحظاتكم ومداخلاتكم الرصينة.وكذا لربما انت من قلة يثيرون الأسئلة الصدقية السليمة وانت سيد العارفين ان الأسئلة هى اشد اهمية ووقعاً من الاجوبة فى كثير من الأحيان.واحسبك كنت ازراً لنا فى القروب.ورائي ان تمض للامام.ولاتلتفت.وعملية التغيير العقلاني اشق ما فى التغيير السياسي والاجتماعي.ولذا فان الثورات البشرية الكبرى سبقتها دوما ثورة التنوير العقلاني ثم استكملت بالثورات الصغرى الاخرى.وهذا يماثل القول الماثور وماهو بحديث والذى يقول: رجعنا من الجهاد الاصغر.الى الجهاد الاكبر.وهو جهاد النفس! وازمتنا المعاصرة هى ازمة مركبة: عقلية/ نفسية/ حضارية.والله المستعان.
وعموما المقال ما هو الا اشارات لبعض من المسكوت عنه و مواضع المدح والثناء الواجبة الرفض والذم وربما نعود لدقائق التفاصيل والامثلة ان كان في العمر بقية ان شاء الله

سلام
محمد طلب

اترك رد