محمد طلب يكتب : لقد وجدت الله في مصر

السودان

محمد طلب يكتب : لقد وجدت الله في مصر

هذا العنوان يبدو غريباً نوعاً ما وربما يجلب لي بعض العنت من بعض المتعنتين والمتنطعين باسم الدين لكن ثقتي في القارئ الكريم وذوقه العالي ووعيه والفهم العميق للاشياء  تجعلني احتمل القلة من  الاخرين وسوء فهمهم للاشياء وطبيعتها والمقصود منها وانما الاعمال بالنيات

فالبعض قد افتي من قبل  بان من قال ان  (الله موجود في كل مكان او ان الله معنا) فهو (كافر) فما بالكم بقولي( وجدت الله في مصر) دون غيرها لا شك انهم سوف يستبحون دمي وفي احسن الاحوال يقولون يجب ان (يستتاب) قبل اقامة (الحد) عليه وقتله… رغم ان ما اعنيه هو  ان( الله معنا) لطيف بنا  ورحيم و  وكيلنا وكفيلنا اي كفيل و وكيل بخلقه وعباده

كما اني وجدت مظاهر  الايمان بالله وذكره علي السنة اهلي  بمصر بينما تختفي هنا تماماً هذه المظاهر وهذا قطعاً لا يعني عدم وجود الله تعالي هنا وفي كل مكان بعلمه ورحمته ورزقه واسمائه  وحتي لو قلت ان( الله في كل مكان) فذلك قد  يجلب ايضا المهالك ويضعنا في موضع نسال  الله الكفيل والوكيل ان ينقذنا منه ومن جور من يضعون الاحكام دون تريث ويكفرون الاخر بلا علم…..

لن اخوض في تفاصيل وشرح طويل وتكلاني علي الله وسوف اسرد بعض المواقف والمقارنات التي جعلتني اذهب في هذا الاتجاه الذي يوضح المظاهر الايمانية التي دلتني علي بعدنا عن الله سبحانه وتعالي وهو القريب دون  ارتباط بحيز وزمان او مكان

غمرني الاهل والاصدقاء والمعارف في السودان بكرمهم الفياض وسيل من الذبائح والدماء (كرامة َسلامة) وفرحة بعودتي من القاهرة سالماً امناً كعادة اهلنا في السودان واستقبلوني استقبالا حاشدا بالمطار في ساعات الفجر ايضا كعادة اهلنا….. ولم ينقطع عني الزوار حتي كتابة هذه السطور و (حمداً لله علي السلامة) لا تفارق السنتهم… لكن  ادعوكم لمرافقتي للشارع لنسمع ونري واعذروني في المقارنة والمقاربة

خرجت صباح  اليوم من البيت للمشي والرياضة مما جعلني اتأمل فروقات (الصلات الطيبة) بين البشر هنا وهناك وماذا تقول شوارعنا وماذا تقدم شوارعهم….

خرجت وعيون الناس تكاد تأكلني بلا سلام او تحية وصلت الي  بقالة و اردت ان اشتري قاروزة ماء ولكن يتوجب علي طلوع خمس درجات عالية حتي اصل البقالة  ومجموعة من الناس حول المكان عيونهم جاحظة ينظرون لهذا ( الكائن الغريب) ومنهم من يعرفني للاسف لم يتحرك منهم نحوي احد ولم تتحرك سوي اعينهم  الجاحظة تتابع خطواتي الثقيلة المترنحة سبحان الله ولا ادري ما بقلوبهم وعقولهم وربما هذا احساس تملكني فقط لكني لم ار مظهراً ايمانياً واحداً يدل علي تعاطفهم و ذكر الله ومساعدة الاخر الضعيف او حتي الدعاء له بالخير والشفاء

توقفت قليلاً بعد ان طلعت  الدرج  وتاملت تلك الوجوه والعيون الجاحظة فطأطأوا رؤوسهم جميعاً لان في نظرات كان هناك اكثر من سؤال

و رحلت بذاكرتي نحو القاهرة واهل مصر المؤمنة بهم وبذكر الله وبعيني دموع صارعتها كي تبقي بالماقي و

وظلت بالحلق غصة و غلبني ابتلاع مرارة هذا الحال الذي اصبحنا عليه وتذكرت السلالم التي طلعتها مصحوباً بدعوات صادقات واياد كريمة تهب لمساعدتي و هي تدعو وتقول ( ربنا يشيل عنك يا بني) و (الله يشفيك) و(ربنا يساعدك ياعم)..(تامر بشئ حضرتك) تذكرت ذلك (الكناس) الطيب الذي ترك عمله و مكنسته وامسك بيدي ثم اوقف كل السيارات بشارع البطل عبد العزيز وكيف انهم  استجابوا له جميعاً حتي قطعت الشارع و تذكرت الشاب ا الذي راني وهو بالجانب الاخر من الطريق فقطع الاسفلت واخذني برحمة وشفقة ورفق للجانب الاخر بعد ان اوقف كل السيارات وهو يردد علي( اقل من مهلك) و لم يتوقف عن ذكر الله والدعوات وهو يقطع بي الشارع

تذكرت عم منصور وعم رمضان وزوجته ودعواتهم ومساعدتهم في طلوعي ونزولي  السلم تذكرت كيف ان السيدة ام ابراهيم صرخت في وجه مرافقي وهبت بصعوبة من الكرسي الذي تجلس عليه قائلة (ازاي تسيبوا ينزل كده يا بني) ثم امسكت بيدي كي انزل من السلم… تذكرت صاحب البقالة الذي يترك كل ما بيده ليصلني خارج دكانه ويلبي طلباتي بادب ورقة ودعوات صادقة  وكذا صاحب الفرن وووو كل من يقابلك يذكر الله ويذكرك بالخالق القادر الرازق… صاحب التاكسي يقف لك وينزل من عجلة القيادة لياخذ بيدك ويفتح لك الباب ويقف معك حتي تركب وهو يردد اسم الله وطابور  من السيارات قد  اصطف خلفه وهو يقول (علي اقل من مهلك)

حيا الله مصر وشعبها ولا تلوموني في قولي (وجدت الله في مصر)

وختاما لا ادري من رسم الصورة القاتمة عن (المصري) في اذهان معظم الناس خصوصا عندنا في السودان.  وسبحان الله اتيت مصر مجبراً و مقعداً  و خرجت منها محباً لها يمشي علي  قدمين وينشر المحبة والسلام واشهد الله اني احببت مصر واهلها الكرام حباً يزاحم حبي للوطن الام السودان… سبحان الله فقدعدت مجبراً للسودان وكل شئ هنا يدعو للكأبة نسال الله ان يرفع عنا كل البلاء ويثبت قلوبنا وينصرنا فالتغيير ضرورة ملحة الان

سلام

محمد طلب

تعليق 1
  1. hass bab يقول

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،
    نعم الحمد لله على السلامة أستاذ طلب إنهم المصريون، لاحظناهم ونحن في السعودية أكثر الشعوب وداً وأكثر الشعوب كما تفضلت ذكراً لله ، وأكثر الناس ذهاب للمشاعر المقدسة العمرة ، الحج وغيرها… سألتني زوجتي ونحن في حملة عمرة من الرياض إلى الخرطوم، أين السودانيين في هذا البص لم نلاحظ منهم إلا واحد أو أثنين على الاكثر والبقية من الباكستان والأخوة المصريين منتهزين فرصة العطلة لمدة أسبوع ليذهبوا إلى مكة والمدينة ويروحوا عن أنفسهم، فاجبتها السودانيين ما (بشتغلوا بالفارغة) .. فتفاجأت من قولي وقالت لي (استغفر الله) قلت لها نعم هم الآن في (العزب) يلعبون الكشتينة والضمنة ويتكئون على الإرائك لمشاهدة الأفلام والمسلسلات وهكذا …. ومما لاحظته وعكسته لزوجتي التي جاءت إلى السعودية حديثاً أن المصريين وهم في قمة المشغولية إذا سلمت عليهم يردون عليك السلام ويقطعون عملهم وكلامهم بينما ينظر إليك السوداني مستغرباً إذا لقيته في الطريق وألقيت عليه السلام …

اترك رد