محمد طلب يكتب : (يللا نغني) في فتيل (1)

السودان

 

الفترة الطويلة التي حكمت فيها الانقاذ البلاد شهدت تحولات وتشويه في كل المجالات علي( السافل والصعيد) وسوف نتناول البسيط من ذلك وامثلة عليه لكني اخشي ما اخشي ان تصبح الانقاذ شماعة لتدهور كل شئ مثل قرار( الرياضة الجماهيرية) الذي ما زلنا نعلق عليه كل فشلنا الرياضي رغم مرور اكثر من نصف قرن من الزمان علي تلك القرارات والتي تنازلت عنها حكومة نميري وقتها سريعاً

كما توقعت ان البرنامح التلفزيوني الذي تقدمه قناة البلد الفضائية سوف يفتح لي مجالاً واسعا لكتابة (الكثير والمثير الخطر) من المقالات حتي بعيدا عن تفاصيل حلقاته سئية الاعداد والتقديم وما تعرضه للمشاهد الكريم من سطحية نعود لها تتابعاً
ربما يظن القارئ عند تأمله لعنوان المقال اننا نضع البرنامج (في فتيل) وهذا غير صحيح لان البرنامج اصلاً خرج للناس وهو داخل فتيل محكم الغطاء ومن الصعب الخروج عنه لانه وضع نفسه في موضع التقليد الاعمي…
والمشاهد الفطن الذي يراقب بحصافة يجد ان هناك اكثر من برنامج علي اكثر من قناة علي طريقة (اغاني اغاني) للمرحوم السر قدور وما يدعو للالم ان هذه البرامج ظهرت بعد وفاته مباشرة بل انها لم تغيير شئياً حتي زمن البرنامج الرمضاني بعد
الافطار
عندما اتت الانقاد بفهمها (الاسلامي) ومشروعها الحضاري كان اول ما حاربته هو الغناء وقد مهد الاسلاميون لذلك ايام الشريعة في عهد النميري حيث اوقفوا كل الاغنيات التي وردت بها مفردات الخمر او السُكر و حتي كؤوسها وان كانت خالية فاعدموا كماً هائلاً من الاغاني الجميلة… للاسف هذه نفس الطريقة التي يتم بها اعداد وتقديم (يللا نغني) وهي اختيار مفردة والبحث عنها بلا هدف محدد ولا وعي سديد ولا هاد رشيد في ذاكرة الاغنية السودانية
ورغم ان البرنامج في بداياته ويستمر طيلة الشهر الكريم الا انني اكاد اجزم انه لن يتعرض لمفردات الخمر والسُكر والكؤوس والندامي ربما لان البرنامج رمضاني (ولا يصح تناول ذلك في رمضان) واذا كان هذا هو السبب فلماذا تدعونا اصلاً للغناء في الشهر الفضيل

المفردة كما تعلمون ماهي الا ماعون يحمل المعاني و في اللغة العربية يمكن ان تحتشد المعاني في اكثر من مفردة… والخمر نفسها بالقران الكريم وردت (رجس ) يجب اجتنابه وفي موضع اخر بمعطيات وظروف اخري ( لذةً للشاربين) وشتان مابين هذا وذاك لذات المفردة

من الطرائف في فترة (الشريعة) حينما اعدموا تلك البارات ورموا محتوياتها النهر في احتفالية مشهودة قرروا في ذات الليل الهجوم واعدام كثير من الاغنيات الجميلة التي تحتوي علي مفردات الخمر وتوابعها مثل رائعة عثمان حسين مع بازرعة (القبلة السكري)

*ولما ينقضي الليل .. وينعس ساقي الخمر*
*يرف الضوء كالحلم ليسكب خمرة الفجر*
*تذكري عهد لقيانا .. ويوم القبلة السكرى*
(قبلة وسكر كمان) فتم اعدام الاغنية ومنع بثها مع اخريات من ضمنها اغنية من شعر مؤلف (العبقريات) الشاعر والمفكر والاديب الكبير عباس محمود العقاد وتغني بها الكابلي (شذي زهر)

*وبي سكر تملكني*
*وأعجب كيف بي سُكر*
*رددت الخمر عن شفتي*
*لعلك جمالك الخمرُ*
ولك ان تتخيل ان هذا (السكران) هو من كتب (عبقرية محمد) وما تبعها بعد ذلك من سلسلة( العبقريات)

يقول لي صديق انهم كادوا ان يعدموا للكابلي ايضاً (سُكَر سُكَر) فقط لانها تحمل ذات حروف (السُكر) وان كان بدون خمر

واضح جدا رغم وجود مفردتي الخمر والسكر في اللاغنية اعلاه الا ان (الجمال) كان هو الخمرة المسكرة التي ربما ذهبت بعقل الشاعر ولكن ما علاقة (فتيل العنوان) بكل هذا قطعاً العلاقة ليس مربوطة ب( فتيل كونياك) ..

والحقيقة اني قد توصلت لطربقةاعدادالبرنامج لكن بطريقة مختلفة.. وفي المقال القادم نقدم لكم حلقة كاملة من ست اغنيات كما اعتدنا معتمدين علي
الطريقة (القوقلابية) …
وقتها سوف نعرف الكثير عن الفتيل

سلام
محمد طلب

*(يللا نغني) في فتيل(2)*

مواصلة لمقالاتتا في( يللا نغني) وحكاية الغناء التي اضحت اكثر من المحتمل وبرامج ال(اغاني واغاني) المتشابهة والمتكررة دون اضافات او اهداف

في بدايات ا(لانقاذ)
بدأت ال بمحاولات التغيير المفاجئة والمغايرة لطبيعة الشعب ووجدانه وسيطرت علي الأجهزة الاعلامية والصحافة متلمسة دون وعي كبير ما يمكن ان يصنع التغيير و يحركه نحوها فاصحت متخبطة يميناً تارةً ويساراً (طارتين) مبتدئة بالاناشيد الجهادية ثم ادركت بوعي او بدونه اهمية الايقاعات فاتجهت الي (القيقميات) وايقاع الدلوكة التي اشتهر (المخلوع) بالرقص الكثيف علي ايقاعاتها الحماسية بعد كل خطاب وحشد جماهيري حتي اشتهر بين رؤوساء العالم (بالرئيس الراقص) ثم ظهرت الفرق الجماعية للمديح و ادخال الموسيقي عليها و(تغنين المديح) ثم (تمديح الغناء) ان صح التعبير ثم ظهور( مديح البنات)… ثم ساهور و(الساهوريات) ثم محاولة المعادلة ب (طيبة)و دولاراتها الشهيرة وكلها اكاذيب (اسلامية) لكسب الجماهير الصوفية والسنية وحتي الشيعية وصاحب كل ذلك انتاج يقابله اوصلنا (للقونات)و القنوات الغنائية الفضائية والسهوليات والهضاب والخضاب و(الجبليات) وسماحة (جمل الطين) وعمل منظم لالهاء الشباب من الجنسين
لتكون اي محاولة للتعديل والتوفيق في الاوضاع بعد هذا الخراب عصية ومثال لذلك محاولات الجمع بين شعراء الاغنية وجيل (القونات) الذي انتج مسخاً حديثاً لايسمح بذكر امثلة لذلك علي كثرتها

يقول ابو صلاح في اغنيته الشهيرة
*مـاكنت رايق وساكن في صفاء وتأمين*
*فـي الـخوجلاب ياقلبي مني شالك مين*

في الحقيقة كنت في( صفاء وتامين) وتصالح مع نفسي ومرضي الي ان شاهدت (يللا نغني) فقلبت كل مواجعي خصوصا بعد ادراكي استخدامهم طريقة (القوقلاب) في اعداد وتقديم البرنامج مع ذات الوجوه التي غنت سنيناً عدداً في (اغاني واغاني)
وكما وعدتكم في المقال السابق سوف اقدم لكم حلقة بذات الطريقة (القوقلابية) ولكن علي الاقل سوف نقوم بالترتيب الزماني للاغنيات والتعريف بالشعراء والمغنين وحفظ حقوقهم الادبية وكذلك تقديم لونيات مختلفة وايقاعات متنوعة وهذا ما لم الحظه في( يللا نغني) وفي الغالب لايذكرون شعراء وملحنى الاغنيات مما جعله في نظري برنامجاً (قوقلابياً) من برامج الفترة (الانقلابية) بعد (الانتقالية) دون ادني اضافات في كل الحالات

والان سوف نقوم باختيار كلمة عشوائياً وهي الكلمة التي سوف تكون عنوان الحلقة (الفتيل) ونقوم بما ذكرناه وربما تحسبون انه من الصعوبة الحصول علي ستة اغنيات (في الفتيل) او لها علاقة به
نستهل بواحدة من الاغنيات تمثل فترة الحقيبة و(يللا نغني) للشاعر صالح عبد السيد (ابوصلاح) :-

*وصف الخنتيلة …*
*جمال تاجوج المافى مثيلا …*
*وهاك يا زميل*
*رويحـتى كـتـيـلة …*
*قليبى يشابى حسب ترتيلا …*
*صدير هزاز …*
*ضميرا فتيلَ …*

وقد اتت كلمة الفتيل هنا تعبيراًعن ضمور الخصر وجماله الفتان
ثم (يللا نغني) للفنان وردي علي ايقاع (الدليب)

*الكاحلة بلا كحل بت القبيلة*
*تمشي قدم قدم في المشية ريلة*
*تشكى من الطريحة تقول تقيلة*
*نفيسك شمعوه جوه الفتيلا* …………..
*انت شن تشبهي بلا الداسنه فى بطن المطامير*
*لى دروبك أنت ما شقن بوابير*
*يا قشيش نص الخلا الفوق فى العتامير*
والفتيل هنا كناية عن طيب انفاسها الجديرة بالتعبئة لتحل محل العطور المستخدمة في تلك الفترة والاغنية تمثل فترة ما يعرف بالغناء الحديث في حقبه الاولي

ودعونا ندلف الي (اغاني البنات) و(الربابة) وهذا التنويع سوف تجدونه في العناوين التالية
*(فتيل الصندلية) …( فتيل الريحة) … (فتيل الكارينا)*

يبدو ان غناء الربابة الكثيف في السنوات الاخيرة( فتايلو كتيرة)

*فتيل الريحة النقط يا*
*الله*
*والنارية الفينا بقت يا*
*الله*
تاليف والحان واداء عمر صديق.. هناك ظواهر فنية كانت تجد الاهتمام والوقوف عندها سابقاً الا انه اصبح يمر مرور الكرام فمثلاً حكاية شاعر وملحن ومغنٍ في ذات الوقت تحتاج لوقفة مع اغاني الربابة… ومن كلمات والحان احمد كوستي كونوا مع:-
*كر علي السافر قيامو عشية*
*الله يحيبك ليّ*
*يا فتيل الصندلية*

وكذلك الفنان ودالبلة يغني

*فتيل الكارينا*
*مالك مجافينا*
*حليل بلومي انا*
*اتعلق القليب*
*في نجوم العنقريب*
*وكل شئ نصيب*
*حليل بلومي انا*

و لقداجتهدت للحصول علي نصوص تمثل جيل( الراب) فوجدت كماً من (الفتايل) لايسمح له المجال هنا واترككم للبحث عنه ويبدو فعلا انه *الجيل البدخل في فتيل*
عموماً اظن ان هذه هي طريقة البرنامج في البحث السطحي وهذا وضح جلياً في *حلقة الحب من طرف واحد* وقبلها( هردوا فشفاشنا) بحلقة *النسيان* وربما لا يسعفنا الوقت في تناول حلقات (يللا نغني) وكل حلقة تحتاح للكثير ونسبة لعدم الاختصاص وحتي لا نجحف في حق اجتهادهم بالكتابة من منظور مشاهد عادي اتمني ان نقرأ مقالات ودراسات من المختصين في المجالات المتعددة المتعلقة بالامر وحملة الشهادات العلمية الرفيعة تمتلئ بهم الساحات منذ (الانقاذ) والي يومنا هذا وللاسف لا تر ولا تسمع لهم ما يفيد عما يدور من هيصة وتقليد وعشوائية (القوقلاب) اللا واعية ونتمني ان يخضع الامر للعلم فالفنون والعلوم يكمل بعضهما البعض لوتعلمون

سلام
محمد طلب

 

 

 

اترك رد