إبراهيم عثمان يكتب : لا تعليم في وضع أليم !

السودان

الخرطوم:الرآية نيوز

لا تعليم في وضع أليم !

شعار أطلقه حكام اليوم قبل وصولهم إلى السلطة لتبرير اضراب المعلمين، وقد كان شعاراً فارغاً لا يعبر عن الواقع وقتها خاصةً إذا قيس بالوضع الآن، المفارقة البالغة الغرابة إن هذا الشعار قيل مرة أخرى من جانب الحاكمين اليوم ، وأيضاً لغرض تعطيل الدراسة، في المرة الأولى قيل لمعارضة السلطات وهذه المرة قيل لحمايتها ! فالوضع بلغ من السوء حداً جعل واحداً من أكثر المسؤولين عن التعليم تطرفاً ودفاعاً عن السلطة القائمة، أعني مدير المناهج المستقيل د. عمر القراي، يضطر – قبل شهور – إلى الإعتراف بأن الوضع قد أصبح أليماً إلى الدرجة التي تجعل فتح المدارس والجامعات يعني التظاهرات ضد الحكومة، وأنهم لهذا السبب اضطروا إلى تأجيل الدراسة..

إذن قالها القراي ( لا تعليم في وضع أليم ) ولم يقلها دفاعاً عن الطلاب هذه المرة كما زعموا سابقاً، بل قالها خوفاً منهم ومن احتجاجاتهم على الواقع الأليم المعترف به وبأنه يستحق أن يتظاهر الطلاب ضده .. وقد كانت صراحته في هذا القول لافتة، والمؤكد أن كل المسؤولين كانوا يحملون ذات التخوفات لكنهم لم يتمتعوا بصراحة القراي .. قالها القراي من موقع المسؤول الحريص على السلطة وهذا يجعل قوله أكثر واقعيةً وأصدق تعبيراً عن سوء الوضع لأنه أتى من باب حرصه على السلطة اوليس من باب الإدعاء ضد الخصوم السياسيين كما كان الحال عندما قيلت سابقاً .

بجانب الواقع العام الأليم الذي اعترف به القراي ( الأزمات، الندرة، الغلاء، وعدم توفر المواصلات .. إلخ) كان هناك وضع أكثر إيلاماً فيما يخص العملية التعليمية، فبعد الوعود والأحلام الوردية عن العبور التعليمي كان هناك تشريد الكفاءات بدعوى إزالة التمكين، التمكين اليساري – الجمهوري ، تردي البيئة التعليمية، تسرب الطلاب ودخولهم إلى سوق العمل لمساعدة أسرهم التي تعاني،
، شحدة السفارات لطباعة المناهج، وعدم استجابتها، فوضى مناهج القراي وأخطائها القاتلة، تجميد المناهج.. ثم أتت الكوارث الأخيرة : فوضى نتائج امتحانات الشهادة، فوضى القبول، زيادة نسبة القبول الخاص، وزيادة الرسوم الدراسية، وفوضى المعالجات للحالات المتضررة … إلخ.

هؤلاء القحاتة لا تمتد يدهم وتلمس شيئاً، إلا وكانت لمسة الكفوة المتهور قليل الخبرة الذي سيضطر للمراجعة فوراً بعد أن يكتشف الخطأ الذي لا يسهل الدفاع عنه، أو بعد تلكؤ وتحت الضغط. هؤلاء الناس لا يستطيعون تطبيق برامجهم إلا بطريقة التجربة والخطأ في نسختها الأكثر بدائيةً وابتذالاً، وهذه الطريقة ظلت تلازمهم من أول يوم ؛ الوثيقة الدستورية ( وثيقتان )، والبعثة الأممية ( خطابان )، والتطبيع ( موقفان )، والميزانية ( ميزانيتان )، والمناهج ( منهجان ) .. إلى آخر. تفاصيل مسيرة التخبط التي كانت فضائح الشهادة السودانية والقبول آخر فصولها.

لم تتوفر ظروف في الوضع العام وفي وضع التعليم ليتم تفعيل هذا الشعار ( لا تعليم في وضع أليم ) كما تتوفر الآن، خاصةً وأن الوضع قد ساء كثيراً خلال الشهور التي تلت اعتراف القراي، وكل أعلاف الدنيا لن تكفي لنفي هذه الحقيقة .

إبراهيم عثمان

اترك رد