إبراهيم عثمان يكتب : مفضوحو العهدين !

السودان

الخرطوم:الرآية نيوز

مفضوحو العهدين !

(سنتركهم يخلعون ثيابهم قطعةً قطعة، ويتخلصون من شعاراتهم الزائفة واحداً بعد آخر، وحين تذهبُ السكرةُ وتحضُر الفكرة، سيجدون أنفسهم عراةً أمام عينِ التاريخ!) – الكاتب ضياء الدين بلال .

لا أظن أن هناك جماعةً تعرت وفضحت نفسها بالكامل ك( قحت )، حتى إن عبارة الأستاذ ضياء الدين الحارقة هذه تبدو رحيمةً بهم، فقد كانوا قبل هذه العبارة وقبل الحكم قد أوغلوا بعيداً في التعري، فأتت السلطة لتفضح القليل المغطى الذي تتحدث عنه العبارة فضيحةً كاملةً شاملةً، ولتنزع بصورة نهائية الغطاء الشفاف عن المفضوح من قبل وتظهره في قبحه الحقيقي ولتضيف تأكيدات جديدة لقبحه، حتى إن الناس يحتارون في الإجابة على سؤال : أيهما أسوأ وأكثر تعرياً : قحت المعارضة أم قحت الحاكمة ؟

قد يقول قائل إن قحت الحاكمة قد تجمَّلت حين تخلت عن كثير مما كانت تقوم به من القبائح وهي في المعارضة، فلم تعد تتخابر مع المخابرات الأجنبية ضد بلادها، ولم تعد تحرض على فرض العقوبات، ولم تعد تحرض المستثمرين الأجانب على عدم الإستثمار في السودان، ولم تعد تعمل من أجل عرقلة بعض مشروعات التنمية، ولم تعد تفجر أنابيب النفط أو تهاجم آبار البترول، ولم تعد تطلق الشائعات الهادفة للإضرار بالاقتصاد، ولم تعد تشجع على حمل السلاح لاستنزاف الميزانية، ولم تعد تفبرك محاضر الاجتماعات لتثبت تآمر السودان على دول الجوار والإقليم، ولم تعد تستغل مناسبات العدوان على أراضي السودان لتمتين علاقاتها مع المعتدين، ولم تعد تبرر لهم عدوانهم بترديد بعض مزاعمهم عن خطأ موقف النظام الحاكم وتسببه في العدوان .. وبالجملة لم تعد تستخدم تلك النسخة الرثة من قاعدة ( الغاية تبرر الوسيلة )، وأصبحت تدين أعمالاً معارضة أقل من هذه بكثير .

يمكن الرد على هذا القول بأن قحت لم تتجمل تجملاً حقيقياً ولم ولن تتخلى عن نظرية ( الغاية تبرر الوسيلة)، كل الذي حدث إنها نالت الغاية المتمثلة في السلطة واستغنت بالتالي عن تلك الوسائل المخصصة لإيذاء أهل السلطة، وانشغلت بوسائل جديدة لإيذاء المعارضة وبعض شركاء السلطة الذين تتنافس معهم، وغداً إذا خرجت إلى المعارضة ستعود إلى عادتها القديمة مسلحة هذه المرة بأسرار الدولة، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى لا يمكن الجزم بأن قحت قد تخلت عن كل أساليبها القديمة، فالعمالة للخارج مستمرة بطرق جديدة، والتحريض على بعض مؤسسات الدولة التي لا تروق لها موجود .

أما خيانة قحت لشعارات رفاه الشعب ورفع المعاناة عنه واحترام قيمه وأعرافه وتقاليده، وتنكرها لشعارات الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة، فهي تثبت أن الجانب المضئ في قحت المعارضة كان جانباً زائفاً لم يصمد ولو لأيام أمام اختبار التجربة العملية، ولهذا يمكن القول بأن قحت الحاكمة وقحت المعارضة يتبادلان فضح بعضهما، إذ تقوم معايير قحت المثالية الحالية للمعارضة الراشدة بفضح معاييرها القديمة، وتقوم شعاراتها القديمة المثالية عن الحكم الراشد بفضح ممارساتها الحالية في السلطة .. وبالنتيجة يثبت كل هذا أن قحت كانت دائماً أبعد عن المثالية في وقتها المناسب الذي يخدم الوطن والمواطنيين، فلا هي عارضت كما تريد الآن من المعارضين أن يعارضوا ( إن كانت تقبل بوجود معارضة أصلاً )، ولا هي حكمت كما كانت تريد من الحاكمين أن يحكموا، وفي الحالتين فاقتهم سوءاً بما يجعل المقارنة معدومة .

إبراهيم عثمان

اترك رد