بيان للمبادرة الوطنية للانتقال السياسي حول رؤيتها للأوضاع المتأزمة في السودان

السودان

الخرطوم:الرآية نيوز

بسم الله الرحمن الرحيم
المبادرة الوطنية للانتقال السياسي

مقدمة:
للشعب السوداني ولمختلف تكويناته السياسية والاجتماعية نُقدم هذه المُبادرة للحل السياسي الراشد والمسؤول, الذي يسعى للتوافق والتشاور بين جميع السودانيين بما فيه مصلحة البلاد ومستقبل أبنائها جميعهم بلا تمييز ، لايخفى على الجميع الحاجة العاجلة للمُبادرة بخارطة طريق سياسية تُخرج بلادنا وتنقل وضعها الحالي من التشتت والتشرذم وضعف الدولة وغياب الشرعية والتدهور الاقتصادي لتقوده نحو حالة من الوحدة الوطنية المؤسسة على الإرادة الحرة لجميع مكونات الشعب السوداني وحالة التوافق السياسي بين القوى الحزبية وحالة من التعاضد بين مستويات الحكم على أساس شرعية انتخابية ، كل ذلك يتم بالتوازي مع عملية صناعة دستور دائم يحكُم البلاد بعد نهاية مرحلة انتقالية يتوافق الجميع على ملامحها. هذه الأهداف مهمة وضرورية وتفرض ضرورتها الحقبة التاريخية الحالية وتحدياتها الماثلة.

المشكلات التي تدفعنا نحو هذه المُبادرة:-
دستوريا نرى خلل الوضع الدستوري في البلاد وغياب الشرعية الدستورية لعمل الحكومة الحالية مع غياب السلطة التشريعية عن البلاد, وغياب أي آلية سياسية بديلة ذات صلاحية مُماثلة لمهام السلطة التشريعية بدون تداخل مع السلطة التنفيذية.
سياسيا نرى تجاوزات الحكومة الحالية وتعديها لمهام الفترة الانتقالية وأهدافها وسن قوانين جديدة لم يتم التوافق عليها. كذلك نرى تراجعا حقيقيا عن بناء وتشكيل النقابات المهنية بشكل مُستقل عن الحكومة وبعيدا عن الاستغلال السياسي.
اقتصاديا نرى الوضع الاقتصادي السيء في البلاد الذي يأتي نتيجة لتوجه الحكومة نحو نموذج اقتصادي محدد لم يتم استخلاصه عبر عملية تشاور موسعة، مع غياب سياسات بديلة لتلافي الآثار الخطيرة لهذا النموذج الشيء الذي ظهر في تردي خدمات الصحة والتعليم وارتفاع الأسعار الجنوني وزيادة معدلات التضخم بنسب عالية.
تنفيذيا نرى الخلل البائن في عمل أجهزة الدولة وخدمتها العامة وشيوع ممارسات الفساد المالي والإداري والتعيين في الوظيفة العامة في تمكين جديد والفصل من الخدمة بلا مبررات قانونية سليمة, وشيوع ممارسة تعسفية للسلطة متمثلة في الاعتقال السياسي.
اجتماعيا نرى الصراعات العرقية والأهلية التي تتفجر في نواحي البلاد المختلفة بدون وجود رؤية شاملة للتعامل معها, كل ذلك نتيجة لسياسات الحكومة الحالية وتخبطها وغياب الشرعية عنها.
خارجيا نرى التدخل الخارجي في بلادنا ومهددات سيادة السودان في ملفات خطيرة أمنية وسياسية واقتصادية.
أمنيا نرى عدم الأمن في كل ربوع السودان, وزيادة معدلات الجريمة والفوضى بمختلف أنواعها وزيادة مهددات السلم الاجتماعي بين المواطنين نتيجة لعوامل اقتصادية وتدخلات خارجية.

رؤية المبادرة للحل السياسي:
تؤكد المبادرة على أن الحل السياسي الضروري والعاجل هو حل واقعي يبحث عن صيغة سياسية ترد السلطة للشعب وتخلق تمثيل سياسي شرعي, وهو الحل الذي لا يُساوم في القضايا المصيرية للشعب السوداني ولسيادته وهويته. تؤكد المُبادرة على أن قيمة هذا الحل السياسي لا تكمن فقط في نضجه النظري وقوة رؤيته ووضوحها؛ بل كذلك في بحثه عن توافق سياسي وحوار جمعي يخلق حلا شاملا يحمل روح الشعب ويعبر عن إرادته في هذه اللحظة الحرجة من تاريخ بلادنا. وعليه فإن رؤية الحل السياسي تتكون من الترتيبات الآتية:

العودة للعمل بدستور 2005 الانتقالي وهو خيار واقعي من حيث قوة ذلك الدستور وشمول نظام الحكم فيه وآلية صناعته التي شهدت درجة عالية من التوافق الداخلي والخارجي, وإلغاء العمل بالوثيقة الدستورية الحالية.

اختصاصات رئاسة الجمهورية يُمثلها مجلس السيادة الحالي واختصاصات مجلس الوزراء القومي تُمثلها حكومة تسيير أعمال جديدة مُعلنة من كفاءات مُستقلة لشخصيات سودانية لا تحمل سوى الجواز السوداني. مستويات الحكم جميعها من مستوى قومي ومستوى ولائي وأجهزة نظام الحكم تخضع للترتيبات الفنية للدستور الانتقالي للعام 2005م.

تجميد جميع القوانين والتوجهات الخارجية التي تم تشريعها في ظل الحكومة الحالية بعد ثورة ديسمبر التي تخرج عن مهام وصلاحيات المرحلة الانتقالية حتى قيام برلمان مُنتخب.

تُجرى انتخابات قومية رئاسية وبرلمانية وولائية تشمل جميع مستويات الحكم بحسب دستور العام 2005م الانتقالي بعد عام واحد يبدأ مع بداية تنفيذ هذا الحل السياسي والتوافق عليه وإعلانه رسميا. حيث تكون الدورة الأولى لمدة أربع سنوات تتم فيها مُشاورة شعبية موسعة حول الدستور الدائم الذي يحكم البلاد الذي سيقوم بإجازته البرلمان القومي المُنتخب عقب عمل استفتاء شعبي على الدستور ويُمنع بالقانون كل من ثبتت عليه جرائم فساد في عهد النظام السابق من الترشح للانتخابات في هذه الدورة.

التوافق على صيغة سلطة تشريعية توافقية مؤقتة في البلاد مُهمتها الأساسية صياغة قانون للانتخابات ومناقشة الجوانب الفنية لقيام الانتخابات على أساس اللوائح والنظم المعمول بها عالميا وهداية بجميع التجارب السودانية السابقة في الانتخابات. ويتم تشكيل السلطة التشريعية المؤقتة لمهام الانتخابات عبر التعيين والتوافق ويُراعى فيه مبادئ الخبرة الفنية العلمية والمهنية والحياد السياسي والتمثيل المناطقي المتوازن والتمثيل النوعي المتوازن وتمثيل مناطق النزاع المسلح على أن يصدر قرار إجازة قانون الانتخابات بعد تداول مقترحاته من مجلس السيادة.

قيام الجمعيات العمومية للنقابات والمهن المختلفة في أجل زمني لا يتجاوز الثلاثة أشهر ويكون ذلك وفق قانون تُناقشه السلطة التشريعية المؤقتة وتتم إجازته بقرار من مجلس السيادة ويكون قيام الجمعيات تحت رقابة وإشراف مُسجل عام تنظيمات العمل.

يتم إنشاء مفوضية مُستقلة محايدة للانتخابات القادمة من شخصيات قومية ذات تأهيل وكفاءة وتجربة وذلك بقرار من مجلس السيادة الحالي ويتم إعلان جدول زمني لقيام الانتخابات.

السلطة القضائية القومية تؤدي مهامها واختصاصاتها ويتم إكمال هياكل أجهزتها وفق الدستور ويُراعى في تعيين أشخاصها مبدأ الكفاءة ومبدأ الحياد السياسي والمهنية. يتم إكمال عضوية المحكمة الدستورية وذلك بقرار من مجلس السيادة الحالي لتختص بمهامها الانتقالية وفق دستور العام 2005م الانتقالي, وتتولى مهمة تفصيل وشرح وتفسير الدستور وتكييفه وفق الواقع الحالي. كما يتم حل لجنة إزالة التمكين فورا وإلغاء قانونها غير الدستوري وإحالة جميع ملفاتها للنيابات والمحاكم المُختصة ومراجعة جميع قراراتها, مع تعجيل محاكمة المعتقلين بطريقة قانونية, وإطلاق سراح من لم يرتكب جريمة.

كل اتفاقيات السلام الموقعة حاليا يتم القبول بها وتكييفها مع قيام البرلمان الانتقالي المُنتخب بعد عام ويتم الإلتزام بوقف إطلاق النار الدائم بين جميع الأطراف.

طرح مشروع مصالحة وطنية واجتماعية ترعاه الدولة, عبر الدعوة لنبذ العنف القبلي وخلق ميثاق اجتماعي وعقد اجتماعي يجمع لحمة السودانيين بتنوعهم الثقافي والاجتماعي والديني.

 

المبادرة الوطنية للانتقال السياسي

اترك رد