اسحبوا قضية الابتزاز من اللجنة المتهومة

السودان

رصد : الرآية نيوز

اسحبوا قضية الابتزاز من اللجنة المتهومة

البيانان الصادران من لجنة التمكين زادا قضية ابتزاز الشركة الصينية دغمسةً، بيد إنها دغمسة كاشفة، فاللجنة تساءلت في بيانها الأول عمن سرب الخطاب الذي أحيا هذه القضية، وعن ( لماذا في هذا التوقيت وهل المقصود إقامة العدالة أم نصب المشانق وإلاستمرار في إعاقة الانتقال والتحول الديمقراطي.) !! ولم تنس أن تستغيث بالشعب السوداني فقد جاء في بيانها الأول ( ستظل اللجنة أقوى بشعبها وسنده ودعمه، وتراهن على ذكائه الفطري ومقدرته على تمييز الحقيقة من الأكاذيب، وتنتهز اللجنة هذه السانحة لتؤكد للشعب السوداني قاطبة بأنها تستلهم من صمودهم وصبرهم واصرارهم ما يعينها لدحر الحملة الموجه ضدها وهزيمتها كما هُزم النظام المباد وتكسرت من تحتها حملات سابقات وهذا مصير القادمات )، ثم جاء في البيان الثاني ( أوقفت نيابة لجنة التفكيك خمسة متهمين بقضية الشركة الصينية بناءً على البلاغ الذي تقدم به مفوض اللجنة للنيابة ويفيد أن (8) متهمين بالإرشاد قاموا بابتزاز شركة فو هونق الصينية. قيدت النيابة الدعوة بناءً على طلب اللجنة وشرعت على الفور في الإجراءات مع الشرطة) :
– هذان مقطعان من بيانين صادرين عن اللجنة أحدهما ينفي بصورة مغلظة حدوث عملية الابتزاز أساساً ويتحدث عنها كأكذوبة غرضها تشويه سمعة اللجنة، والثاني يؤكد حدوث واقعة الابتزاز، وارشاد المتهم الأول ( موظف بالشركة !!) على بقية المتهمين، وقيام اللجنة نفسها بالتبليغ عن عملية الابتزاز ومباشرة الإجراءات القانونية بحقهم! في البيانين وسلوك اللجنة منذ بداية هذه القضية ما يشير إلى أن اللجنة قد حاولت التستر على الفساد ثم اضطرت للإعتراف به، لكن يظل الاعتراف منقوصاً ومهدداً ما دامت القضية لا زالت في يد اللجنة وتتحكم فيها وتتصرف حسب مقتضى مصلحتها في الظرف المعين لا الحقيقة والعدالة.
– قضية الابتزاز ليست جريمة عادية قام بها مجرمون انتحلوا شخصيات، بل هي قضية تمت من خلال عمل أسبغت عليه لجنة التمكين صفة الرسمية، وظلت تدافع، حتى أول أمس، عن منسوبيها، فالواجب، والحال هكذا، أن تتولى التحقيق في هذه القضية جهات أخرى غير اللجنة ..
– حرصت اللجنة في بيانيها على عدم ذكر أسماء المتهومين على عكس حالها مع بقية ضحايا اللجنة بمن فيهم موظفون لم تستطع اتهامهم بشئ غير الاتهامات السياسية، وبمن فيهم بعض من اعترفت لاحقاً بأنهم أبرياء حتى من التهمة السياسية وأنها أخطأت في حقهم لكنها عند الاعتراف بخطئها لم تسميهم ولم تصحح خطأها حتى الآن !
– جاء في الخطاب المسرب أن السيدة الصينية أُعتُقِلت ثلاث مرات، وجاء في بيان اللجنة الأول إنها اُستُدعيت ثلاث مرات لغرض التأكد من عدم تعرضها للابتزاز والسؤال هنا هل كان الأمر في الثلاث مرات أمر استدعاء لمعرفة الحقيقة بخصوص الابتزاز أم كان اعتقالاً واستجواباً بخصوص التهم التي وجهها المبتزون ووجهتها اللجنة إلى الشركة أم كانت الإثنين معاً ؟
– ورد في بيان اللجنة الأول أن البلاغ ضد الشركة فُتِح بواسطة محامي لم تذكر اسمه، وورد في بيانها الثاني أن هناك محامٍ تم القبض عليه واستجوابه وأيضاً لم تذكر اسمه، فهل المحامي الشاكي هو المحامي المتهوم بالابتزاز نفسه ؟بيانات اللجنة لم تكن واضحة في هذا الخصوص.
– لكن المحامي عوض كرنديس كان قد كتب في صفحته على الفيسبوك ( أنا من قبض على مدام فو بواسطة قوة شرطية تتبع لإزالة التمكين وبأمر تفتيش صادر من نيابة التمكين ) .
– بيان اللجنة الأول كان هجومياً على الشركة الصينية ( يذكر أن متهمي شركة فو هونق الصينية كانت قد ضبطت بحوزتهم اختام حكومية (لوزارة الصناعة والتجارة) وعملات أجنبية وذهب وتم فتح بلاغ في مواجهة الشركة بموجب قانون التفكيك، والقانون الجنائي السوداني. ) لكن البيان لم يحدد ما إذا كانت اللجنة قد حرّزت العملات الأجنبية والذهب أو صادرتهما،، فيكون في ذلك براءة للمبتزين من تهمة السرقة أثناء التفتيش أم إنها قد تركتها ولم تحرزها ولم تصادرها ولا تعلم إن كان المبتزين قد “صادروها” لمصلحتهم أم لا !
– البيان الأول لم يذكر أي تحقيق أو استجواب تم مع المجموعة التي قامت بالاعتقال والتفتيش كجهة يُفترَض أنها ستكون موضوع الهمس الذي تحدثت عنه اللجنة، بل إن الواضح مما ورد في خطاب الأمن المسرب أن المتهمين بالابتزاز كانوا هم أنفسهم من يستجوبون السيدة الصينية وزوجها .. فقد جاء في الخطاب المسرب ( تم اقتياد مديرة الشركة وزوجها إلى مقر لجنة إزالة التفكيك *وتم استجوابهما بواسطة قائد المجموعة عوض والمدعو محمد إبراهيم)*، وبيانا اللجنة لم يؤكدا أو ينفيا هذه المعلومة .
– من بيان اللجنة الأول يتضح أن السيدة الصينية كانت تشعر بالخطر ولا تطمئن لمعتقليها ومستجوبيها الذين كان من بينهم المبتزين أنفسهم !، فقد فصّل البيان وتوسع في سرد المجهودات التي بُذِلت لـ”تطمينها” لكنه لم يوضح حضور أو عدم حضور المبتزين لمحاولات التطمين هذه !!
– من الواضح أن اللجنة كانت حريصة أشد الحرص على أن يكون التحقيق في قضية الابتزاز بواسطتها لا بواسطة أي جهة أخرى، وهذا ما حصلت عليه فعلاً في النهاية للأسف، وهذا سيؤثر بلا شك على حيادية التحقيق، وسيرجح الظن بأن التحقيق سيكون للتغطية أكثر من الكشف، ولمنع وصول الاتهامات لآخرين باللجنة . فسيرة اللجنة مع هذه القضية تقلل بل تمنع احتمالات حدوث العكس .
– رغم أن اللجنة أكدت في بيانها بتاريخ ٢٧ أغسطس أنه لم تصلها أي معلومات من النائب العام السابق بخصوص خطاب الأمن، إلا أن الأرجح أن هذه المعلومات قد وصلتها بطريقة أو أخرى، وإلا لما كان الإلحاح على استدعاء السيدة الصينية ثلاث مرات لسؤالها عن تعرضها لابتزاز، فهذا الالحاح يجعل الشك مشروعاً في أن اللجنة قد وصلتها معلومات تفصيلية جدية وليس مجرد ( همس في دوائر ضيقة) . وهجوم اللجنة على الشركة ودفاعها عن المتهومين في البيان الأول والحديث عن الاستهداف والأكاذيب يجعل الشك مشروعاً في أن ذلك الاستجواب للسيدة الصينية كان لغرض التغطية على القضية على الأقل من جانب المشاركين في الابتزاز ، واللجنة كلها ليست بعيدة عن هذا الاتهام ما دامت كانت تتصرف إلى ما قبل البيان الأخير على أساس أن اتهام المبتزين هو اتهام واستهداف لها.
– إذا صح أن النائب العام السابق لم يبلغ اللجنة بطلب الجهاز – مباشرةً وبصورة مؤسسية – فهذا يفتح الباب أمام الشك بأن المعلومة وصلت اللجنة بصورة غير مؤسسية، ويثير الشكوك حول أن هذا حدث لمصلحة اللجنة والمتهمين من أجل “غتغتة” القضية، حيث لا يوجد ما يثبت أن النائب العام المستقيل قد سمح لجهاز المخابرات باعتقالهم واستجوابهم، أو ما يثبت أنه قام بهذه المهمة بدلاً عن جهاز المخابرات !!

اترك رد