الفاتح داؤد يكتب،،،، بعد لقاء حمدوك،،الشيوعي السوداني ،صفقات الابواب الخلفية

السودان

الخرطوم : الرآية نيوز

الفاتح داؤد يكتب،،،،
بعد لقاء حمدوك،،
الشيوعي السوداني ،صفقات الابواب الخلفية
قراءة: الفاتح داؤد
في تصريحات صحفية مقتضبة،كشف السكرتير العام للحزب الشيوعي السوداني، محمد مختار الخطيب النقاب عن لقاء جمع عدد من قيادات الحزب،بالدكتور عبدالله حمدوك رئيس الوزراء،واكد الخطيب أن قيادات الحزب دفعت بجملة من التحفظات السياسية علي طاولة رئيس الوزراء ،نقلت من خلالها استياء مؤسسات الحزب من اداء السلطة الانتقالية في عدد من ملفات الحكم،،خاصة قضايا الانتقال،و الاقتصاد، والسلام، والحريات،و العدالة . واتهم الخطيب اطرافا لم يفصح عن هويتها، بالانقلاب علي مشروع الثورة عبر التواطؤ والصمت ثم الموافقة، علي تمرير التجاوزات المخالفة للوثيقة الدستورية ،،موجها أصابع الاتهام نحو أعضاء مجلس السيادة، وفصائل الجبهة الثورية ,وبعض مكونات قوي اعلان الحرية والتغيير ، بالسعي الي تمرير مشروع الهبوط الناعم ،لافراغ الثورة من محتواها وتصفية وجودها. ولم يستبعد الخطيب اتخاذ حزبه حزمة من الخيارات الصعبة، والقرارات المفصلية في التعامل مع التحولات السياسية المتسارعة ،والمح الي رغبة لشيوعي في بناء تحالف جديد من المؤمنين بأهداف الثورة ،وتوعد الخطيب
باللجوء الي الشارع لاسقاط حكومة حمدوك , حال تمادي الحكومة في خروقاتها ،وعدم الوفاء بالتزاماتها السياسية و الدستورية،لافتا إلي أن الحزب قد نقل الي رئيس الوزراء،احتجاجه علي الحملة التي تستهدف كوادره في مؤسسات الدولة.
ويبدو واضحا من خلال مرافعة السكرتير العام للحزب الشيوعي ، أن الحزب العجوز قد حسم امره، واختار اللجوء الي نهج التسويات و الصفقات السياسية،بدلا من الممانعة والمقاومة ،الذي طبع سلوكه السياسي في التعامل مع شركاء الفترة الانتقالية.
ويتجلي هذا الموقف بصورة أكثر وضوحا في
سيل البيانات والتصريحات السياسية،التي دأبت علي اصدارها اللجنة المركزية للحزب الشيوعي،،منذ اعلان مفاصلة الحزب مؤسسات قوي اعلان الحرية والتغيير .
فقد هاجمت معظم تلك البيانات حكومة د.حمدوك،ووصمتها بالفشل والعجز ،في اجتراح الحلول المناسبة لأزمات البلاد ، ومحاصرة تداعياتها علي الشعب، بل ذهبت ال اتهام الحاضنة السياسية بالتواطؤ مع اطراف اخري، في تبني سياسات البنك الدولي، و تمرير برامج رفع الدعم عن المحروقات والسلع الاستراتجية, رغم وطأتها القاسية علي الشرائح الضعيفة من الشعب،
خاصة وان الحزب الشيوعي،قد المح كثيرا الي الإشارة الي إطراف من قوي الحرية والتغيير بالتامر والالتفاف علي توصيات اللجنة الاقتصادية، وتبني رؤية الحكومة في تنفيذ مصفوفة البنك الدولي.
الا أن لقاء قيادة الشيوعي بالسيد رئيس الوزراء، ربما تدشن لمرحلة جديدة من العلاقة بين الطرفين، التي شهدت حالة من الشد والجذب واحيانا القطيعة, إذ لم يكتفي الشيوعي ببيانات الشجب والإدانة بل حشد المواكب والمظاهرات،لاسقاط الحكومة ،احتجاجا علي ماوصفه بالاداء الباهت، و تواضع قدرات الحاضنة السياسية، والخروج عن المسار الثوري، إلا أن كل المؤشرات تؤكد رغبة الطرفين في تجاوز تلك القضايا الخلافية،والتاسيس لمرحلة جديدة تعبد الطريق لعودة الشيوعي الي مؤسسات الحرية والتغيير، ويبدو هذا الخيار موضوعيا في ظل الحديث عن تسوية سياسية مع اطراف خارج مظلة الثورة، يخشي الشيوعي من خطورة وجودها،وهو مايبدو متعذرا في هذه وفق قيادي بارز بالحزب الشيوعي،وصف ادوار الحرية والتغيير في تعاملها مع ملفات الحكم بمهام مكاتب العلاقات العامة ،وعزا ذلك الي تباين مواقفها السياسية،وعدم توافقها علي كثير من القضايا الاستراتيجية، فضلا عن انشغالها مؤسساتها بالملفات الثانوية .
ورغم مرور أكثر من عامين من عمر الثورة ،فقد عجزت حكومة حمدوك ،في اكمال هياكل السلطة الانتقالية،حيث ادي غياب المجلس التشريعي ،والمحكمة الدستورية،والمفوضيات ومجالس الحكم المحلي،وتعثر اتفاقيات بناء السلام،الي هزيمة مشروع الإصلاح السياسي بالبلاد،
إلا مراقبون قد المحوا أن اللهجة التصعيدية السابقة للشيوعي ،تمثل صدي صراع سياسي بين عدد من التيارات الداخلية للحزب، التي بدأت في التعامل ضدطريقة إدارة الحرس القديم الذي يسيطر علي مفاصل الحزب،وكثبرا ما أبدت صقور الحزب انزعاعجها من سطوة الدائرة الضيقة المحيطة بحمدوك وامتدادتها الخارجية،التي تضم قيادات سياسية،اغلبها من المنشقين أو المفصوليين من الحزب العجوز ،اذ يتبني معظمهم رؤي سياسية ومقاربات فكرية، غير متسقة مع التصور الفكري والخط السياسي للحزب، لذالك ساهم وجود هولاء الرفاق القدامي، جوار حمدوك في توسعة شقة الخلاف ،واتساع دائرة التباينات.
كما يسعي الشيوعي ربما من مواقف مبدئية الي تقديم شهادة ابراء ذمة سياسية،للتنصل من التحاوزات التي تجري باسم الثورة من فساد وتخبط و ارتباك ،وهو الذي ظل دوما يقدم نفسه نصيرا للطبقة العاملة، ومتحدثا باسم الكادحين و المستضعفين من عامة الشعب ، وقد وجد نفسه في موقف أخلاقي يحسد عليه، و لايستطيع التماهي معه ،او الدفاع عن قرارات حكومة تعمل ضد قناعاته السياسية،وضد حقوق الفئات التي يدعي الحديث باسمها،و الدفاع عن مصالحها . ولعل تبني الحكومة لسياسية التحرير الكامل قد مثلت قاصمة الظهر للحزب العجوز، الذي أصبح بين مطرقة التماهي والصمت، والمباركة،و سندان الانتصار لشعاراته ومبادئه وافكاره السياسية.
خاصة وان الحزب الشيوعي ، الذي قاد حراك ثورة ديسمبر اعدادا وترتيبا وتنظيميا، يعتبر نفسه ا الاب الشرعي للثورة و ركيزة التغيير الأساسية، بالتالي لايستطيع ان يتحمل وذر الفشل السياسي الفاضح ، و لايمكنه الصمت علي الاخطاء والتجاوات ،اذ ظلت قيادته تتعرض الي ضغوط سياسية وإعلامية هائلة ،من كوادره داخل لجان المقاومة التي يسيطر الحزب علي اغلب واجهاتها،وهي التي تحملت عبء التغيير و تبعاته وتضحياته، وبالتالي لن يستطيع الشيوعي تجاوزها . أو غض الطرف عن مطالبها المشروعة في المشاركة السياسية،
اذ ظلت هذه المجموعات الشبابية تتحدث مرارا وتكرارا ،عند كل حراك سياسي عن ضرورة تكوين المجلس التشريعي وتحديد نسبة مشاركتها في عضويته، وقد ظلت هذه المواقف تمثل مصدر حرج واذعاج للحزب العجوز ،الذي ظل يدفع بهذه المطالب ،ينادي بضرورة تمثيلهم في المواقع التشريعية القومية و الفدرالية تقديرا لجهدهم، وخشية من درود أفعالهم وهم بالطبع يمثلون اليد الباطشة للحزب ،
وقد أدرك الشيوعي ان حكومة حمدوك تبدو إلان في اضعف حالاتها، بعد فشلها في معالجة قضايا الامن والمعاش،الا ان الشارع السوداني يشير باصابع الاتهام اليه،باعتباره عراب هذه الحكومة ،وان سياساته ماهي الا صدي لخطوطه السياسية ، ولعل هذه النزيف السياسي قد اثر علي شعبية الحزب، وحلفائه من فصائل اليسار، وادي الي تاكل شعبيته واهتزاز صورته ، وبالتالي بات الحزب يخشي علي مالاته المستقبلية،لذالك يسعي الي العودة من الأبواب الخلفية الي الواجهة السياسية،
كما لا يفهم من رفض الحزب الشيوعي، لاتفاق جوبا بحجة غياب الاجماع ، وأنه قد كرس للحلول الثنائية، و ناقش قضايا ليس محلها الا المؤتمر الدستوري ،الا في سياق ان الحزب الشيوعي يخشي من المالأت المستقبلية لمشروع الاتفاق، الذي إلي أدي في مرحلته الأولي الي تقليص نفوذ الحزب وحلفائه في الحوكمة،واعادة ترتيب المعادلة السياسية، وتوسيع دائرة المشاركة في اتخاذ القرار
فضلا ان خلاف الشيوعي مع المكون العسكري، الذي يبدو اقرب الي فصائل الجبهة الثورية،قد امدت اثاره بالطبع علي تموضعه في مراكز السلطة ،خاصة وأن الحزب قد بني جدارا نفسيا بينه وبين المكون العسكري، الذي قد استقوي بالحلفاء الجدد في مواجهة القوي المدنية الممانعة للسلام ،وهو ما ساهم بالفعل في اختلال المعادلة السياسية (مجلس الشركاء).
كما أدرك الشيوعي ان أخطاء الثورة واداء حكومتها الباهت، قد قدم خدمات جليلة للغريم التقليدي التيار الاسلامي ، الذي بدأ في لملمة اطرافه،و التمدد بعد انكماش ،بعد أن أدرك و استوعب جيدا اين تكمن نقاط ضعف الحكومة و حاضنتها السياسية ، و بدأ في ترتيب صفوفه استعدادا لمنازلة سياسية تبدو قادمة لامحالة .
ووفق لهذه المعطيات وغيرها بدا الحزب الشيوعي في اعادة قراءة حساباته السياسية واستعادة ، ولهذا اتخذ خطوة اللقاء بحمدوك ، وهي بالطبع سلاح ذو حدين ان لم يحسن توظيفها ،رغم ان الوقت لازال مبكرا في الحكم علي نجاح او فشل اللقاء، ولكنه بالطبع خطوة مهمة اذا استطاع تحريك الملفات العالقة،و العمل علي اعادة انتاج الثورة شعارات وبرنامج . ولكن هل ياتري يسعفه الوقت لفعل ذلك…..

اترك رد