إبراهيم عثمان يكتب : الدولة السطحية وصيدلية الدولة العميقة

السودان

الخرطوم : الرآية نيوز

إبراهيم عثمان يكتب :

الدولة السطحية وصيدلية الدولة العميقة

لا يكاد النظام الحاكم يشكو من مرض، وما أكثر أمراضه، إلا ويجد له دواء مجاني في صيدلية النظام السابق العامرة بكل أنواع الأدوية من المسكنات إلى المخدرات المنقذة للحياة ، يحدث هذا بعد أن سبقت رفوف الصيدليات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية عند النظام الحاكم الصيدليات المعلومة في الخلو من الأدوية، فالخلو الثاني هو نتيجة طبيعية للأولى، وبما أن الأدوية وهمية ( بلاسيبو ) فالأمراض مستمرة والأعراض متزايدة ..

ورغم إن التسمية المحببة لأهل الحكم هي النظام “البائد” إلا أنهم يحتاجون إلى إبقائه حياً وحاضراً بقوة في كل تفاصيل حياتنا وبأكثر من حضوره قبل أن يُباد ! فالفشلة يحتاجونه :-

– كشماعة تتحمل كل أوزار وفشل النظام الحاكم، وتعفيه من المسؤولية عن قرارات الدوس الاقتصادي، والتردي الأمني .
– وكمجمِّل للتردي والانهيار العام عبر الشعار الفاضح ( الجوع ولا الكيزان ) .
– وكقنبلة دخان تفجرها في وجوه القطيع المخموم في أثناء تنفيذ البرنامج العلماني غير الشعبي .
– وكعامل تجييش للقطيع والقاعدة القحطية عبر الإكثار من التذكير باحتمال عودته.
– وكعنصر إشباع للغرائز البدائية في التشفي والانتقام لدى القطيع والقاعدة الصغيرة المؤدلجة.
– وكسلاح لابتزاز العساكر وتخويفهم وانتزاع حراستهم الفشل .
– وكممول بأسهل صيغ التمويل للخزينة الخاوية عن طريق المصادرات بعيداً عن القضاء .
– وكذريعة للتمدد في المصادرات بإدخال كل من لا يروق لأهل النظام في زمرة أنصار الدولة العميقة.
– وكممول خارجي عن طريق بيع ثوابته للمشترين في الخارج .وعبر تخويف الخارج باحتمالات عودته.
– وعبر استخدام ذات الحيلة ( الإدخال في زمرة الإنقاذيين ) لضرب التظاهرات الشعبية .
– وعبر استخدامها ( أي الحيلة) لتخويف الكتاب وأصحاب الرأي الذين يخرجون عن القطيع.
– وعبر اقتلاع المواقع في الخدمة المدنية والعسكرية وتصفية الحسابات الشخصية باستخدام الحيلة ذاتها.
– وكذريعة للهروب من الانتخابات بالزعم بأن البائدين حاضرين وجاهزين للانتخابات التي كان يُزعَم بعدم جاهزيتهم لها وهم في أقوى أوضاعهم !!
– وكمسعف للحكومة المتعطشة إلى أي انجازات واحتفالات، عبر إكمال مشاريعه التي تركها قيد الإكمال .

يحدث كل هذا وغيره كثير رغم إن العنوان الأبرز لسلوك أنصار النظام السابق هو القبول بالأمر الواقع :
– فلا تصريحات عدائية من قيادات النظام السابق.
– ولا رغبة في الدفاع عن الاتهامات الموجهة لنظامهم، أو أشخاصهم، حتى الكاذب منها.
– ولا تظاهرات جدية توازي القوة الحقيقية لأنصار النظام السابق.
– ولا بيانات توازي حجم المتغيرات السريعة والانحدار الكارثي.
– ولا مقاومة بأي شكل لقرارات الدوس.
– ولا رد على مجمل أو تفاصيل الاتهامات ذات العلاقة بالشماعة .
– ولا النظام الحاكم قد ضبط فرداً واحداً متورطاً في تعطيل، أو متسبباً في مشكلة أمنية، أو فاعلاً لأي فعل يمكن أن يخدم نظرية الشماعة .
– ولا الاحتفالات المتصاعدة بالانجازات “الدوسية” تساهم في التقليل من استخدام الشماعة، فالاستخدام، على عكس المتوقع، يتزايد مع مرور الوقت، والانتقال إلى مراحل دوسية أعمق، ولا تفسير لهذه الظاهرة الغريبة سوى الفشل في إدارة الدولة وفقط الفشل ولا شئ غير الفشل.

إبراهيم عثمان

اترك رد