إبراهيم عثمان يكتب : عرمان والتغني بالوطن !!

السودان

الخرطوم : الرآية نيوز

إبراهيم عثمان يكتب :

عرمان والتغني بالوطن !!

من الحسنات ( الشكلية جداً) في هذه الفترة من تاريخ بلادنا أن الأستاذ ياسر عرمان قد أصبح يتحدث عن مفهوم آخر للوطنية بعيداً عن الحروب وزعزعة الأمن، والتخريب، والتحريض على الحصار والعقوبات، والتجويع، وقطع الطرق، والابتزاز السياسي عبر التهديد بالانفصال وتقرير المصير للمناطق التي يصطنع لها قضايا ويكيفها وفق أيديولوجيته ويمتطيها.

في المقال الأخير واصل عرمان هوايته في نحت صياغات جديدة ركيكة للمقولات المعروفة ( ما حك جلدك مثل الجماهير )، وأخرى يتلاعب بها بالآيات والتعابير الدينية ( جنة عرضها السماوات والوطن )، ( فنحن على عتبةِ آخر الشهور.. عند أطراف القيامة)، وثالثة يدغدغ بها العواطف ( لا نُريدُ أن نُغني لشهرٍ آخر.. احفظوا أغانينا القديمة لأكتوبر وأبريل..)، يقول هذا رغم إن الكل يعلمون أن “أغانيه” بعد انتفاضة ابريل كانت مع جون قرنق، وكانت كلها للهجاء ونعت النظام بأنه مايو 2 !!

من الملاحظات الواضحة في مقالات عرمان سرعة الانتقال من التهوين إلى التضخيم حسب أغراضه وهواجسه الشخصية في الوقت المعين، واتهامات عرمان ظلت تتكرر منذ مجئ هذا النظام بلا إثباتات، وبلا محاكمات، وبلا حلول، الأمر الذي يؤكد إنها اتهامات سياسية غرضها التضليل والتهرب من المسؤولية :-

1- النيقرز : يقول ( هذه الجماعات تعمل وفق برامج تسيطر عليها أجهزة تابعة للفلول) . وهذه تهمة يعلم عرمان كذبها :
– ما يمكن أن يقال في إثبات كذب عرمان كثير، لكن كثير من قيادات وأفراد مجموعات النيقرز معتقلون لدى السلطات، وهم ليسوا أصحاب ارتباط عقائدي مع النظام السابق ليمتنعوا عن الاعترافات ضده، فلماذا لا تستخرجوا منهم هذه الاعترافات ؟! ذلك ما لم تفكروا فيه، ولو تمثيلاً، لعلمكم بأنه لن يصدقكم أحد ..
2- (التهديد بقطع الطرق والموانئ وخنق الحكومة والثورة، بعد أن عجز التجويع من تركيع الشعب (الجوع ولا الكيزان).
– ( الجوع ولا الكيزان ) شعار يكشف مقدار التردي حتى في الشعارات، فهو يتبنى الجوع وينسبه للنظام الحالي وينفيه عن النظام السابق على عكس التأويل العرماني.
– ما يحدث في الشرق هو من إفرازات طبخة جوبا النيئة ولا علاقة للنظام السابق به. وعرمان نفسه كان عندما لا يرضى باتفاق لا يكتفي بقطع الطرق سلمياً بل يتعداه إلى قطعها بالنهب والسلب، إضافة إلى ومهاجمة القرى والمدن .. إلى آخر صور الإجرام الذي سُمِي مؤخراً بالكفاح المسلح !!

3- ( الفتن الإثنية والقبلية لامتصاص رحيق الثورة ) :
– أيضا عرمان ليس مؤهلاً لإلقاء الدروس في هذا الخصوص، فلطالما امتطى ظهور القبائل والإثنيات والجهات لتحقيق مآربه، ولا يُعرف عنه عمل سياسي عبر حزب حديث عابر للإثنيات .
– ليس للثورة المصنوعة رحيق ليمتصه أحد غير المتمكنين من أصحاب الرواتب الدولارية من الاتحاد الأوروبي، ومن الذين ضاعفوا رواتبهم ومخصصاتهم، ومن الذين نهبوا الأموال المصادرة خارج القضاء الذين خرج جزء من فضائحهم في الأيام الماضية .

4- الفبركات الإعلامية لتوسيع الشُّقة بين الجماهير والحكومة، وعزلها واسقاطها.
– هذه الحكومة لا تحتاج إلى فبركات لتوسيع الشقة بينها وبين الجماهير، فالشقة واسعة أصلاً، وهذا ما جعل عرمان يشعر بالخطر ويستنجد بزعماء الإدارات الأهلية حتى من يتهمهم في الفقرة 2 أعلاه .

5- ( تخريب المشاريع الاقتصادية المُنتجة مثل الذي يحدث بغرب كردفان وغيرها.)
– أيضاً عرمان آخر من يحق له إعطاء المحاضرات بهذا الخصوص، ففي سجله الكثير من التخريب، ونوايا التخريب، فقد كان غراب الشؤم الذي كلما غشى منطقة لاستغلالها لمصلحة مشروعه غشاها الخراب والتدمير ، وإرشيفه يحتوي على مقال يؤيد فيه احتلال الجنوب لهجليج وتخريب المنشآت. وقد تحدث ذات مرة في أثناء مديحه لقرنق عن إنهم خططوا لاستهداف خزان الروصيرص لكن قرنق منعهم ..

6- عنون عرمان هذه الفقرة بدـ*( مرحباً بالقوات النظامية ولا للفلول) ثم تحدث عن ( محاولات إحداث فتنة بين قوى الثورة والقوات النظامية)* ولم يجد غضاضة في أن يصل الكذب و”رمي البلا” إلى حد القول ( الفلول لحظةٌ عابرة “أساءت” للقوات النظامية وعملت على “تدميرها” :-
– أولاً كلمة مرحباً هذه بها شحنة دلالية غير محببة خرجت من عقل عرمان الباطن، فهي تحمل معنى ترحيب صاحب الدار بزائر، أو فرد من الأسرة كان عاقاً وخارجاً على سلطة صاحب الدار، وهو الآن يجد السماح المشروط !
– ثانياً : مقال عرمان نفسه لم يخلُ من تعريض بالأجهزة النظامية، أو على الأقل هذا ما يصل لمن يقرأ كلماته مستصحباً الاتهامات الكثيرة لهذه الأجهزة من قبل الناشطين الذين يعبر عرمان عنهم ويخاطبهم بمقاله، فقد جاء في مقدمة مقاله ( إني أرى تحت رماد الفلول وامتداداتهم في الدولة العميقة وميض محاولات لاجهاض “الثورة”)، فما هي الامتدادات التي يقصدها؟ وماذا فعلت ليقول عنها هذا القول ؟ وقد جاء في البند رقم ١ عن النيقرز ( هذه الجماعات تعمل وفق برامج تسيطر عليها “أجهزة” تابعة للفلول )، وتحاشى أن يحدد إن كانت أجهزة نظامية أم لا ..
– الهجمة على القوات النظامية تأتي من تلقاء عرمان ومعسكره، فهي في وعيهم العميق عدو يجب أن يُروَّض ثم يُفكَّك، وعداء عرمان لها لم يطرأ بعد مجئ الإنقاذ، بل كان في قلب مشروعه منذ أول يوم له في التمرد ..

إبراهيم عثمان

اترك رد