هشام الشواني يكتب : العنف الحتمي

السودان

الخرطوم : الرآية نيوز

هشام الشواني يكتب :

العنف الحتمي

هذه الحالة عنفها مؤكد ولا يحتاج لدليل لأن دلائله واضحة، وأولها أن القضية السياسية حاليا لا تطرح بشكل موقف سياسي مقابل موقف سياسي آخر، بل تطرح عبر (تعبئة عاطفية) خطيرة، تستخدم فيها الصور والفيديوهات ويتم فيها إلغاء العقل والتفكير، فيها يتخلق مجتمع لطائفة متخيلة غريبة الأطوار تسمى (الثوار)، والحقيقة أن صفة (ثوار) هذه صفة غير موضوعية لا نعرف أين يمكن تسجيل الأشخاص لنيل صفة (ثوار) هذه، ولا نعرف ملهي شروط الانضمام لهذا النادي وهذه الطائفة، ولا نعرف كيف تكون هذه الطائفة خيرة، محسنة، نبيلة، سامية، وكل ذلك مجرد صناعة وهم معاصر عبر الميديا، وكل ذلك مجرد ألاعيب إعلامية ووعي زائف يلوث العقول.

إنه وعي مشحون بشكل عاطفي، ولا يمتلك عقل ولا يتقبل النقد والاختلاف، ويركز على الآلام والعذابات وصور الشهداء، شيء مثل (آلام المسيح) التي عليها شيد (بولس الرسول) المسيحية كلها، وعليها نشأت الكنيسة، فالكنيسة لم تكن من تعاليم السيد المسيح؛ بل هي صناعة من بولس الرسول وفق ظروف معينة في الصراع مع الرومان، ربما نرى كنيسة جديدة ودين جديد لهؤلاء (الثوار )، كنيسة غريبة الأطوار تتغذى على الألم الفردي لهذه الطائفة، تتغذى على صور وفيديوهات الشهداء.هذه الحالة في جوهرها هي،حالة عنيفة مكتملة الأركان، حالة ضد الحرية والاختلاف، هؤلاء الموتورون العاطفيون لو نالوا السلطة لأقاموا (محاكم تفتيش) للرأي، وكرروا شيء مماثل لاقتحامهم البيوت في يوم من الأيام بحثا عن مخططات شريرة ضد الثورة، لذلك فالعنف كامن في هذه الظاهرة.

إن تحويل السياسة لهذه الحالة العاطفية أمر مضر بالقضية الوطنية، فعبر هذه الطريقة يسهل صناعة قطيع منفعل عاطفي، ويسهل تمرير أجندة تخريبية بداخله بدون سؤال عمن يفعل ذلك، لأن صفة (الثوار) كما قلنا هي صفة سائلة غير محددة بدقة، فتضيع القضية الوطنية هنا لصالح قضية غير وطنية، قضية تدخل خارجي واستلاب فكري وثقافي، ولذلك فإن خصومتنا الحقيقية ليست مع غالب شباب الشارع، خصومتنا الحقيقية هي مع :

١- منظمات المجتمع المدني الليبرالي المتحالفة مع جهات خارجية، هذه المنظمات تصنع قيادات محلية كاذبة، تدعي الحياد وتصعد عبر إدعاء القيام بأعمال خيرية، وهم مجرد أغبياء مغرر بهم أو أشخاص ماكرون متآمرون يعرفون ماذا يفعلون. داخل هذه الفئة نضع كثير من رموز العمل الطوعي مثل ذلك الناشط الغبي الذي ظهر من قبل في صورة دعم لتمرير (اتفاقية سيداو) أو الأمريكي السوداني الأبله الذي يجمع الأموال ليمرر الأجندة فأمواله قادمة من دوائر منظمات المجتمع المفتوح وهم رواد صناعة الثورات الملونة وتخريب المجتمعات،حتى أولئك الذين يسمون أنفسهم قيادة (لمجتمع الراستات) وصنعوا لهم منظمة جديدة نجدهم ينالون دعما ضخما من جهات معلومة لدينا. هذه الحالة من التدخل والتوجيه متعدد الأساليب ليست نظرية للمؤامرة بل هي الحقيقة بعينها.

٢- أحزاب من الطبقة السياسية الانتهازية، أولئك الجبناء الذين لا يرغبون في قول الحقيقة ومخاطبة الشباب، هؤلاء لا يعرفون السياسة كفعل أخلاقي مسؤول يهمه بناء الوطن، فالسياسة بالنسبة لهم تآمر وخبث وجبن وانتهازية.

الصراع حاليا يحتاج لبوصلة وطنية حقيقية، ومنهج لتفسير الصراع، وكشف التوجهات الخفية الكامنة وراء حالة (الثورة الملونة) هذه، وإدراك (الطبيعة العنيفة) والعاطفية الكامنة وراء عمليات التحشيد هذه، كل ذلك في مداه الأقصى قد يدمر الدولة الوطنية والمجتمع، وهذا شيء لن يحدث ولا يمكن أن يحدث بإذن الله.

وعاش السودان عزيزا موحدا.

_______________________

الصورة لبعض وسائل صناعة (طائفة غريبة الأطوار) منزوعة من بشريتها وبالتالي قابلية تطويعها لفعل أي شيء.

اترك رد