م.محمد فاروق يكتب : مهما كان الجبل عالياً فلا بد من طريق لصعوده

السودان

رصد : الرآية نيوز

م.محمد فاروق يكتب :

مهما كان الجبل عالياً فلا بد من طريق لصعوده

الحديث عن ضرورة مسار سياسي ليس انتقاص من الفعل الثوري، او زهد في هذا الفعل، ولكن الثورة نفسها وفق اكتمال شروطها يجب ان تضع شروط جديدة للسياسة والاجتماع عندنا، ومهما توقفنا في فعل الرفض والمطالبات والتي يسهل اتحادنا حولها الا ان الاجوبة على هذه المطالبات تحتاج لجدارة ووسائل تحقيق الجدارة على مستوى السلطة والتحقق منها دائماً سياسية، (بخلاف عملية تهديد السلطة).

‎تهديد السلطة نفسه عندما يصبح سلطة يجب ان يمارس وفق شروط السياسة، النظام الديمقراطي مثلاً بيتيح محاصرة (تهديد) السلطة السياسية بشكل دايم كونها مساءلة من قبل الجماهير وتتم محاسبتها وفق اصالة هذا الحق عند الجمهور، ومحكومة بقوانين وفق مبدأ سيادة حكم القانون بقصد صيانة الحقوق والحريات ما توفير حصانة للسلطة. وده بتطلب وجود مؤسسات وفق مبدأ استقلاليتها لتحقيق الرقابة والاتزان سواء في ممارسة او مراقبة اداء السلطة، المبدأ هو خلق قيود على ممارسة السلطة..

‎الثورة دايما معنية بانتاج نظام سياسي جديد، من خلال تعريف واعادة تعريف السلطات (بما في ذلك حدود هذه السلطات) في نظامنا السياسي والاجتماعي، وده بيفرض واجبات كتيرة جدا لتحقيق الحرية والسلام والعدالة واحداث تغيرات في هياكل الدولة، ده الاحنا متفقين حوله بغض النظر عن تصورات بعضنا عن الاقتصاد او السياسة الخ.. واختلافنا حول التصورات دي احنا عايزين نتفق على ادارة ده من خلال نظام ديمقراطي مرجعية شرعيته الارادة الجماهيرية الحرة..

‎البعض مننا عايز يفرض عبر الثورة تصوراته هو عن الاقتصاد او السياسة، وحتى المجتمع، والتصورات دي مفروض توصله السلطة عبر كلفة الثورة بزيادة في الكلفة دي من خلال سد أي افق سياسي للثورة في مرحلتها الحالية، وده سيناريو ممكن يقود لانحراف الثورة نفسها ويعيد انتاج نظام قمعي اخر بناءا عَلِي فشل النظام القديم، وتعثر صيغ الانتقال وردته.

‎ البعض ده بيكون اكتر زول مهتم انه يتم افراط في استخدام القوة من كل الاطراف الان، بيكون محتفي بي انه الناس تعتصم في القصر، لكن ابدا ما لاحظ انو اغلب الشباب ديل عندهم فعاليات مستمرة وفي اماكن مختلفة طوال فترة سكونه هو! مثلا في كل يوم ٣ في بداية اي شهر بيقيفوا في الجداريات الهو ما شافها، وبيصمموا جداريات جديدة مع كل دم بينزف منهم، وعكس ما يتيحه خياله هم ما احتاجوا لي إفراط الدولة في استخدام العنف كل مرة؛ عشان يذكرهم بمقولته الغبية: انا ما قلت ليكم!

‎ده خطاب معتد جدا بالسلطة ما بمحاصرتها او وضع قيود لممارستها.. وهو في معسكر الثورة الان بيبشر بي سلطة غاشمة جديدة بي مسميات مختلفة، متفقة كلها في تهديد سلمية الحراك بتصوير طاقة الحراك السلمي من خلال ادوات السياسة كردة، وللاسف بدل مراجعة الاخطاء في العملية السياسية بعد ١١ ابريل بيتم الاعتداد بالاخطاء دي كأساس لخوض معركة كسبتها حركة الجماهير وبددتها الحركة السياسية.

العملية السياسية البتيحها الثورة دي ما ح تكون ابدا بسذاجة العقل السلطوي عند مجمل حركتنا السياسية المدنية الحالية والاتفق طموحها الان على الاحلال الكامل للسلطة الرسمية بعد فشل الشراكة مع القوى النظامية وان كان عملية الاحلال نفسها ما عندها “مكون عسكري” بخلاف اختزال
إرث القوى النظامية واشتراك الحركة السياسية المدنية تاريخيا في الارث ده وتحميله لقيادة الجيش الحالية!

احنا بنخوض نفس المعركة الكسبناها بعد ٦ أبريل ٢٠١٩، وممكن دي نفس المعركة الكسبتها حركة الجماهير في نفس التاريخ في ١٩٨٥، وقبله في اكتوبر ١٩٦٤ وضاعت المكتسبات دي مع العقل السياسي المحدود لطبقتنا السياسية في اهتمامها بكسبها وخسائرها السلطوية وإغفالها لمهام التأسيس، ومع اصرار الطبقة دي الان على انه شروط المعركة هي نفس المواجهة ناقصاً السياسة!

نفس العقل المحتفي بذاته والذاكرة المثقوبة عند السياسيين، والتي تتيح الحياة للدائرة المفرغة، موجود عند العسكريين ومعه ذاكرة مؤسسية تتيح تجدد دوائر العنف، ولن يمنع هذا شبح الوجود الدولي وتدخله ولو انتهينا لمآلات دول وتواريخ بقربنا. لن يتوقف هذا الا بتوحيد إرادتنا الوطنية ومن خلال تسوية تاريخية تؤسس للعدالة والسلام والحرية، وان كان لهذا الفصل من الثورة صفة: فهي السياسة زائدًا المواجهة

اترك رد