دكتور ياسر أبّشر عبد المجيد يكتب : رسالة للنميري عن زمان “الخُلْعَة” العُظمى

السودان

الخرطوم : الرآية نيوز

دكتور ياسر أبّشر عبد المجيد يكتب :
رسالة للنميري عن زمان “الخُلْعَة” العُظمى

يروى أن النميري رضي الله عنه واسكنه فردوسه الأعلى كان يضيق من كلمة “المخلوع” . ويروى أنه، وهو في منفاه في القاهرة، رأى الرجل المحترم دكتور الجزولي دفع الله يتحدث – عقب إسقاط نميري – في التلفزيون عن “الرئيس المخلوع”، فقال النميري لجُلسائه: بالله هسع المخلوع أنا ولّلا المخلوع أب عيوناً منططة ده!!!!

وأرى أن أمارات لُطف الله تعالى بنميري أنه قبض روحه قبل أن يعيشَ ليرى زماننا هذا حيث “الخُلعة العظمى” والعجب العجاب. ولكنني لحبي للرجل وجدتني مضطراً فكتبت له الرسالة أدناه لأحيطه علماً بحالنا :

سيدي الرئيس نميري : تحيةً واحتراماً . الحمد لله أنك لم تقرأ أن ذلك الشيوعي الكبير الذي كان يسمي نظامك “سلطة الردة” الدموية، انتفش هذه الأيام ، وعاد يقرأ من نفس الكتاب القديم ولم يتطور فكرياً فأصبح يردد “الردة مستحيلة”. ومثار عجبي أنه يستخدم مُصطلحاً دينياً وهو الردّة علماً بأن لينين قال إن الإلحاد جزء لا يتجزء من الشيوعيه ، وكل علماء المسلمين يكفرون الشيوعية !!! والأعجب سيدي أن ذلك الشيوعي يتحدث عن الأخلاق !!! نعم إنه يتحدث عن الأخلاق!!! ويقول إن الأخلاق تدهورت زمن الإنقاذ. ولأنك من أم درمان فأنت تعرف البيئة التي عاش فيها ذلك الشيوعي. تعرف يا سيدي الرئيس أن الشياطين ظلت حاضرة في بيته ، وفي بيت نسابته ،وظلت الشياطين تكتنفهم فلم يجد الحزب الشيوعي أي صعوبة في تجنيد أولادها وبناتها ، أحدهم ذلك الذي يقال أنه قتل زميله الشيوعي الشاعر . أمّا فضائح ذلك الشيوعي مع البنت التي تزوجها فحديث السودانيين حيث هاجروا. ذلك الشيوعي وزوجته الشيوعية يا سيدي الرئيس لم يتركوا فضيحة، وأبناؤهم لم يقصروا في تمثيل السودان في عالم الجريمة ووصلوا إلى القتل ، ولا زال الشيوعي يتحدث عن الأخلاق!! ولا أظنك ” ستنخلع ” من هذا فأنت تعرف أن العاهرة هي أفضل من يحدثك عن الفضيلة . واعتذر لك لاستخدامي كلمة ” الخلع ” التي لا تحبذها . وما كنت سأذكر لك مخازيه لولا أنه مجاهر بها ، شأنه شأن ” زملائه ” الآخرين .

ولأنك كنت قدوة في الرجولة والحرص على رفيع القيم فقد أخذك الله إلى جواره حتى لا تشقى وأنت تشاهد ذلك الموظف الذي كان أول من أقيم عليه حد الخمر في كادوقلي يصبح رئيساً للوزراء. وأنت تعلم أنني جراء محبتي إياك لا أحب أن أنقل لك الأخبار التي تجعلك تتميز غيظاً في قبرك ، لكنني أريدك أن تعلم ما آل إليه حالنا ، ولا أريد أن تنقطع العلاقة بيننا لرحيلك فالتّقَرّب من الكرامِ فلاحُ.

لا أظن أنك ستصدقني إذا قلت لك إن الحزب الشيوعي أصبح أداة للرأسمالية المتوحشة وأقام جمعيات عديدة ترعاها الامبريالية !!! وأقام واجهات كثيرة وكرر نفس تجربة “جبهة الهيئات” التي سيطر بها على حكومة أكتوبر. ونظمت له الدول الغربية مع الإمارات والسعودية جبهة هيئات جديدة اسموها “تجمع المهنيين” وتنظيم وهمي آخر يسمى ” قوى الحرية والتغيير ” وتحالف مع البعثيين وجزء من حزب الأمة الذي تسيطر عليه مريم ابنة الصادق المهدي ، وحزبين جديدين نصف عضويتهما من الشيوعيين اسمهما التجمع الاتحادي والمؤتمر السوداني، وسيطروا على الحكومة التي رأسها الرجل الذي أقمت عليه حد الخمرة في كادوقلي. وأرسل لهم الغرب خواجة يسمى ڤولكر لإدارتهم والسيطرة عليهم .

وعبر تلك الحكومة سيدي الرئيس جاؤوا بسحاقية من كندا ونصبوها مسؤولة عن السحاقيات وقوم لوط !!! والله هذا ما حدث.

جاءونا بالمئات من الغرب، جاءونا ولم يحملوا معهم من هناك قيم الديموقراطية والعدالة ، ولكن جاؤوا يحملون كل انحطاط الغرب. ذلك لأنهم لم يكونوا هناك كفاءات مدربة متعلمة، رغم أن بنتاً فصيحة أكثرت النباح : “وجاتك كفاءات يا وطن” ، وسبت دكتورة سمية خريجة جامعة جون هوبكنز تعيرها بلبس سفنجة ورجلها مجروحة حين كانت وزيرة تشرف على مكافحة الكوليرا في الميدان في النيل الأزرق. في الغرب عرفناهم يعيشون على هامش الحياة. والعمل – كما تعلم – شرف، لكنهم نصّبوا من كان في واشنطن سائق تاكسي وزيراً للخارجية!!! نعم وزارة الخارجية التي كان فيها أحمد خير والترابي ومنصور خالد جعلوا فيها عميلاً كان يعمل سائق تاكسي!!

أفيدك سيدي الرئيس أن كل اليساريين الذين زعموا في وقتك أنهم طليعة ثورية مناهضة للاستعمار والامبريالية أصبحوا يعملون في منظمات ممولة غربياً، فتحسنت أوضاعهم هم بسبب ملايين الدولارات التي تدفقت على منظماتهم ولكنهم لم يشتروا لنا علاجاً للملاريا ولم يحفروا بئراً ولم يشيدوا لنا مدرسة من تلك الملايين. وأصبحوا لا يتوارون من طَرْق أبواب السفارات ولا يخجلون من تجسس يل يتفاخرون علناً أنهم سيذهبون للسفارات “سفارةً سفارة”. هل ستصدق هذه الصفاقة وهذا الانحطاط. يحدث كل هذا ولم يحتجوا على سوء أحوالنا المعيشية التي بلغنا فيها حد الجوع، لأن ما غنموه من لجنة لصوص اسمها لجنة التمكين أغنتهم، هذا غير أموال السفارات والمنظمات ، فلم يعودوا يحسون بأوجاع البروليتاريا التي يتبجحون باسمها كَذِباً .
أنت تعلم سيدي الرئيس أنك أرسلت العقيد عثمان الأحمر رحمه الله في أوائل السبعينات لتأسيس جيش للإمارات، وتذكر أن العقيد الأحمر ، أفادك أن السيارة التي أقلته من المطار لأبو ظبي كانت تنغرس في الرمال وأنها أخذت عشر ساعات لتوصله ، وأنك كنت تسدد له مرتبه ومرتب فريقه الذي يؤسس جيش الإمارات. وتذكر أنك أرسلت الإداريين السودانيين الأفذاذ ليديرونها ويخططونها . ولكن هل تصدق أن الإمارات الآن تسيطر على كل الناشطين والحاكمين الذين جاءونا بعد (الثورة) وأن ود زايد هو الآمر الناهي في شأننا في السودان!!!! ولديها مطامع في موانينا على البحر الأحمر ، ومع إسرائيل في الفشقة . بسبب الشيوعيين والأحزاب الأربعة أصبحنا بلد بلا كرامة .

أما جيشنا الذي تركته تحت قيادة الفارس عمر البشير فلم يغير ما فعله هؤلاء العملاء، فنحن في خوف داخل منازلنا دع عنك الطرقات. والطرقات نفسها أصبحت قذرة، وسادتها سلوكيات أخجل أن أنقلها لك. وعمر البشير نفسه أصبح ” مخلوعاً ” مثلك ومخلوعاً من سلبية الجيش!!!

سيدي الرئيس أنا في غاية الأسف أن أنقل لك هذه الأنباء المخزية. أرجو مع كامل التقدير أن تنقلها لسوار الدهب الذي أثق أن علاقتك معه أصبحت ودودة بعد أن نزع الله ما في قلبك من غلٍّ إزاءه، وأحسب أنكما الآن في الجنة إخواناً على سُررٍ متقابلين إن شاء الله.
احترامي وتقديري
مخلصكم

دكتور ياسر أبّشر عبد المجيد
—————————————
2 مارس 2022

تعليق 1
  1. […] دكتور أبّشر عبد المجيد ——————————— 5 مارس 2022 […]

اترك رد