أم سودانية تفاجىء الحضور بقاعة المحكمة وتعفو لوجه الله عن قاتل ابنها في قضية شهداء أكتوبر

السودان

كسلا: الرآية نيوز 

كتب أ. علي جعفر:

✍️ تقف الكلمات والعبارات.. وأجمل ماقيل في الوصف.. عاجزة عن وصف مظهر هذه المرأة الجليلة.. الحكيمة.. التي تتقاطر ملامح الرزانة والحكمة والوقار من شخصيتها بصورة واضحة وجليّة.. يلاحظها حتى الأعمى في كلماتها الهادئة.. وهي تقف أمام قاضي المحكمة الجنائية بولاية كسلا بتاريخ ٣مارس ٢٠٢٢م.. في جلسة الاستماع لأولياء الدم في قضية شهداء ١٥ اكتوبر بولاية كسلا.. وتعفو هذه «المدرسة الانسانية» المتكاملة.. عن قاتل ابنها.. بكل انسانية وأخلاق.. ودون أن يطلب منها العفو لا «الدعم السريع».. ولا حتى مُمثليهم من المحامين..

✍️ ألجمت هذه المرأة الحضور من الدهشة.. فعفوها امتاز عن أي عفو غيره.. أنّه جاء منها لوحدها وباختيارها..ودون تدخل لا من لجان صلح ولا من محامين ولا غيرهم.. ونظرت للمتهمين المدانين.. وهم في عمر ابنها.. وكرر لها القاضي «انت فاهمة العفو يعني شنو؟» فردت بثبات أخلاقها ومبادئها ونُبل عفوها.. «لقد عفوت عنهم لوجه الله تعالى».. انها «إمرأة من ذهب».. يسوقها ايمانها بالله عزوجل.. وأخلاقها العالية.. وكيف لا وهي من قبيلة اسلامية.. اشتهر أفرادها بالعفو والتدين..

✍️ لقد ضجّت القاعة بالتكبير والتهليل.. وأصابت الدهشة والانفعالات الانسانية المُفعّمة بالاحساس النبيل كل من بالقاعة.. حتى قاضي المحكمة.. وأحسب أنّ جميع من في القاعة سيغيّر مفاهيمه عن الحياة.. وعن الانسانية.. بعد هذا الموقف الذي سنحت له الحياة بحضوره..

✍️ وكان عفو هذه السيدة الجليلة.. بمثابة الحافز لوالد الطفل الشهيد بأحداث ١٥ اكتوبر.. ليعفو هو الآخر عن قاتل ابنه.. في مشهد مؤثر.. لتصبح أحداث الجلسة رسالة واضحة لمجتمع كسلا.. ولدعاة الفتن القبليّة.. من يحرضون من أجل مصالحهم الدنيوية لاهدار دماء الأبرياء.. والجناة الذين تسببوا في قتل الأبرياء.. أن الأخلاق الفاضلة.. والمبادئ الانسانية لا تنهزم أمام دعاة الفتنة.. ولا تتراجع أمام تقدم الباطل.. بل دوما هي من تنتصر..

✍️ ربح البيع يا «أم ادريس».. ويا «أبا عبدالله» ونلتما الأجر الذي جعله الله عزوجل مفتوحاً لكما.. بلا تحديد.. فقد حفظ الله عزوجل قيمة الأجر.. عنده مفاجأة لعباده الصالحين.. فالعفو من الأعمال التي لم يحدد الله عزوجل أجرها.. بل جعله خاصاً به..

✍️ لقد تركتي رسالة يا «أم ادريس» للمجتمعات السودانية جمعاء.. أنّ القبليّة تقف دوماً متأخرة عن ركب الحضارة وعن.. عالم يعيش من أجل الانسانية.. والمجتمعات تدعو لاقصاء بعضها بعضا.. هي مجتمعات لا انسانية بالية الفكر والمبادئ..

✍️ اللهم تقبّل منهما.. فقد جاءت كلماتهم.. «عفوت عنه لوجه الله تعالى».. عظيمة.. عظمة الأخلاق.. وكريمة كرم التعامل.. ورضيّة رضا المواقف..

✍️ علي جعفر

اترك رد